"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ" هكذا كرم الله سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان لهن دور عظيم في حياة النبي، وكذلك في نشر الدعوة الإسلامية، وما زالت أخلاقهم وصفاتهم العظيمة تدرس في المجالس حتى وقتنا هذا، وتضرب بها الأمثال، وكان للنبي إحدى عشرة زوجة، آخرهن الصحابية الجليلة ميمونة بنت الحارث. من هي ميمونة بنت الحارث؟ هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد بن هلال، وأمها من أكثر السيدات كرما بأصهارها، وهي هند بنت عوف، وكان يقال "إن أكرم أصهار عجوزٍ في الأرض هند بنت عوف بن زهير بن الحارث أم ميمونة، وأصهارها هم العباس وحمزة ابنا عبد المطلب، الأول على لبابة الكبرى بنت الحارث منها، والثاني على سلمى بنت عميس منها، وجعفر وعلي ابنا أبي طالب، كلاهما على أسماء بنت عميس، الأول قبل أبي بكر والثاني بعد أبي بكر، وشداد بن أسامة بن الهادي الليثي على سلمى بنت عميس منها بعد وفاة حمزة بن عبد المطلب، ورسول الله على بنتها زينب بنت خزيمة، ثم بعد وفاتها أختها لأُمها ميمونة بنت الحارث"، وميمونة أيضا خالة خالد بن الوليد، وعبد الله بن عباس. آخر زوجات النبي كانت ميمونة بنت الحارث متزوجة من أبي رهم بن عبد العزيز، وبعد أن تأيمت، عرضها زوج أختها العباس بن عبد المطلب، على النبي، وهو في عمرة القضاء، وبعد أن تزوجها النبي أصبح صهرا لبني هلال، وكسب تأييدهم، وبدأوا في الدخول للإسلام، دون أن يجبرهم أحد على ذلك. وميمونة هي آخر زوجات النبي، وكان لها مثل ما كان لأمهات المؤمنين من زوجات النبي السابقات، وتميزت باجتهادها في العبادات، حيث كانت صوامة قوامة، وقالت عنها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم". ومثل أمهات المؤمنين، نقلت ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مجموعة من الأحاديث وصل عددها إلى ثلاثة عشر حديثا، روى عنها الإمام مسلم خمسة أحاديث، وروى عنها البخاري حديثا، ولها سبعة أحاديث في صحيح البخاري ومسلم. ويقول بن عباس معبرا عما اكتسبه من تعاليم الدين في بيت النبي "بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث خالتي، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندها في ليلتها، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ بشعري، فجعلني عن يمينه، فكنت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى حتى إني لأسمع نفَسه راقدا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين". وفاتها في مكان زفافها على النبي حضرت الوفاة أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، عام 51 هجرية، وكان عمرها واحدا وثمانين عاما، وهي في مكةالمكرمة، فقالت "أخرجوني من مكة فإني لا أموت فيها"، وبالفعل أخرجوها حتى وصلوا إلى سرف وهي المنطقة التي زفت فيها على النبي، وتقع بين مكة والمدينة، ليشاء الله وتموت في نفس المكان الذي زفت فيه.