تجاهل إسرائيل للقوانين والأعراف الدولية، ليس بالأمر الجديد، ولا يثير الاستغراب، حيث اعتادت إسرائيل على ذلك، معتمدة على الحماية الأمريكية لها. وتراوحت أنشطة إسرائيل بين استهداف الصحفيين، وعمال الإغاثة، وعمليات اغتيال النشطاء، وانتهاك سيادة الدول المجاورة لها، وهو ليس مستغربا كونها دولة احتلال. وآخر هذه الأنشطة انتهاك المجال الجوي للبنان، حيث نشرت إسرائيل صورا لمقاتلة شبح من طراز "إف 35" تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، تحلق فوق العاصمة اللبنانية بيروت في وضح النهار. وقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن الصورة التي عرضها قائد القوات الجوية الإسرائيلية الجنرال عميكام نوركين، للمرة الأولى في مؤتمر أمني دولي في "هرتسليا" الأسبوع الماضي، أثارت انتقادات دولية بسبب "تباهي إسرائيل بانتهاك سيادة الدول". وصرح الجنرال معوض طنوس ضابط المخابرات العسكرية اللبناني السابق، والملحق الدفاعي السابق للسفارة اللبنانية في واشنطن، أنه يعتقد أن نشر هذه الصورة جزء من حرب نفسية، قائلًا إن "إسرائيل تلعب على الجانب النفسي من الحرب"، مشيرًا إلى "أنها تتباهى بقوتها، وتظهر للجميع تفوقها العسكري". اقرأ المزيد: إسرائيل تعترف: استخدمنا «الشبح» الأمريكية لضرب أهداف بالشرق بالأوسط يذكر أن الطائرات العسكرية الإسرائيلية كثيرًا ما دخلت المجال الجوي اللبناني، لتنفيذ عمليات ضد حزب الله، وأهداف إيرانية في سوريا المجاورة لها. وفي الشهر الماضي، قدمت الحكومة اللبنانية شكوى جديدة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسبب استخدام إسرائيل غير القانوني لمجالها الجوي. كان البلدان في حالة حرب من الناحية الفنية منذ قيام إسرائيل في عام 1948. ووفقًا لطنوس، فقد قال الجنرال نوركين "تعرضت لانتقادات بسبب الكشف عن مثل هذه الصورة الواضحة للطائرة من طراز إف 35، والتي تظهر أربعة رادارات، مع عاكسين على كل جانب"، وهو ما يعني أنها لم تكن تطير في وضع التسلل. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه ليس من الواضح متى تم التقاط هذه الصورة، حيث تعد إسرائيل أول دولة تحصل على الطائرة المقاتلة من "الجيل التالي" من "لوكهيد مارتن" الأمريكية في 2016، التي تبلغ قيمتها 125 مليون دولار، وتلقت حتى الآن تسع طائرات من 50 طائرة تم طلبها. وقالت إسرائيل إن الطائرات دخلت الخدمة في ديسمبر 2017، واستخدمت واحدة على الأقل من الطائرات ذات المقعد الواحد في الغارات الجوية الأخيرة داخل سوريا التي استهدفت المقرات العسكرية الإيرانية، بعد أن أطلقت القوات الإيرانية النار على جنود إسرائيليين في مرتفعات الجولان المحتلة. اقرأ المزيد: أمريكا تسلم إسرائيل طائرتي «إف 35» وصرح قائد القوات الجوية الإسرائيلية في مؤتمر "هرتسليا" بحضور 20 من قادة القوات الجوية الأجنبية: "نحن نستخدم المقاتلة إف 35 في جميع أنحاء الشرق الأوسط، واستخدمناها بالفعل مرتين على جبهتين مختلفتين". وقد تعرض نشر الصورة، في وقت اندلعت فيه توترات حادة بين إسرائيل وإيران وجماعة حزب الله اللبنانية، المتحالفة مع إيران، لانتقادات حادة. حيث شنت إسرائيل نحو 100 غارة جوية على الأراضي السورية في السنوات القليلة الماضية، استهدفت مقرات القوات الإيرانية، ومنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله اللبناني، الذي يحارب أيضا إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب السورية المعقدة. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه بعض الصحف الإسرائيلية ووسائل الإعلام الأخرى، التقاط صورة المقاتلة "إف 35" وهي تقوم بمهمة، حتى قبل استخدام الجيش الأمريكي لها، إظهارا للقوة العسكرية الإسرائيلية، انتقد الكاتب عاموس هرئيل من صحيفة هآرتس ذات الاتجاه اليساري تعامل سلاح الجو الإسرائيلي مع الموقف. وكتب يوم الاثنين إن "هناك بالتأكيد قيمة رادعة لرؤية الطائرة فوق بيروت"، مضيفًا: "لكنه لا يزال يعد تباهيا مبالغا فيه، وربما أيضًا محاولة لإعادة تجميل صورة سلاح الجو الإسرائيلي بعد إسقاط طائرة إف 16 خلال التصعيد السابق للأعمال العدائية مع إيرانوسوريا، في فبراير". اقرأ المزيد: مشروع قانون ب«الشيوخ الأمريكي» لوقف تزويد تركيا بمقاتلات F35 ووفقا لشركة "لوكهيد مارتن" فإن الجيل الثاني من المقاتلة الشبح "إف 35"، تعد مقاتلة متعددة الاستخدامات، ذات بصمة رادارية منخفضة جدا، مما يسمح لها بتجنب أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة، والاشتباك مع طائرات العدو قبل رؤيتها، والعمل في أراضي العدو دون أن يتم كشفها. كما تتبادل كميات هائلة من البيانات مع قادة العمليات على الأرض بشكل فوري، مما يسمح للطيارين بتوقع الهجمات وكشف رادارات العدو. ومع ذلك، فإن برنامج تطوير المقاتلة "إف 35" الذي كان من المقرر أن يستمر حتى عام 2070، قد تعرض لانتقادات شديدة بسبب التكاليف المتصاعدة والمخاوف المتعلقة بنظم تشخيص صيانة الطائرات وعجلات الهبوط. ومن المفترض أن تحصل تركيا على أول دفعة من المقاتلات من طراز "إف 35" في وقت لاحق من هذا العام ضمن صفقة تتضمن 100 طائرة، لكن يسعى كل من مجلس الشيوخ الأمريكي والمسؤولين الإسرائيليين إلى تجميد الصفقة.