أفضل الدعاء هو دعاء الأنبياء والرسل، والذي ليس فيه طلب لحادث من حوادث الدنيا، وخير صيغة للدعاء، الصيغ التي ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل: ما ورد في سورة آل عمران: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8]. يقول الطبري في تفسيره للآية الكريمة: قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أن الراسخين في العلم يقولون: آمنا بما تشابه من آي كتاب الله، وأنه والمحكم من آيه من تنزيل ربنا ووحيه. ويقولون أيضًا: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا»، يعني أنهم يرجون الله في أن يصرف عنهم ما ابتلى به الذين زاغت قلوبهم من اتباع متشابه آي القرآن، ابتغاءَ الفتنة وابتغاءَ تأويله الذي لا يعلمه غيرُ الله: يا ربنا، لا تجعلنا مثل هؤلاء الذين زاغت قلوبهم عن الحق فصدوا عن سبيلك: «لا تزغ قلوبنا»، لا تملها فتصرفها عن هُدَاك بعد إذ هديتنا له، فوفقتنا للإيمان بمحكم كتابك ومتشابهه. «وهب لنا» يا ربنا «من لدنك رحمة»، يعني: من عندك رحمة، ويقصد بذلك: هب لنا من عندك توفيقًا وثباتًا للذي نحن عليه من الإقرار بمحكم كتابك ومتشابهه. «إنك أنتَ الوهاب»، يعني أنك أنت المعطي عبادك التوفيقَ والسدادَ للثبات على دينك، وتصديق كتابك ورسلك. كما حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا»، أي: لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا، «وهب لنا من لدنك رحمة».