منذ 5 سنوات، تزوجت «هدى» من «مؤمن»، سائق توك توك يكبرها ب11 عاما، رغم تحذيرات البعض لها من سوء سلوكه، إلا أنها بحثت عن خوض تجربة الزواج، واستقرا معا داخل «عش الزوجية» بمنطقة كفر طهرمس، بولاق الدكرور ورُزقا ب"ياسمين". ظنت صاحبة ال24 سنة، أن مولد ابنتها سيكون "عصا سحرية" تسهم في تغير طباع الزوج، والتوقف عن تعاطي المواد المخدرة توفيرا للنفقات من جهة، والإصلاح من سلوكياته من أخرى، إلا أن الأمور لم تتغير، بل ازدادت سوءا. رغم تعدد الخلافات الزوجية، حرصت الأم على تربية ابنتها، والاعتناء بها، والعمل على توفير كل احتياجاتها مهما كلفها الأمر، غير عابئة بتصرفات الزوج، ومعاملته السيئة لها، وتكرار تعديه بالضرب عليها، وتهديدها بمستوى أصعب من العقاب حال إخبارها أسرتها. 4 أعوام بالتمام والكمال مرَّت على مولد "ياسمين"، وصارت تعي ما يدور حولها من أحداث، ولاحظت الطفلة قسوة والدها، وسوء معاملته لوالدتها التي تصل أحيانا للضرب المبرح، إلا أن الأخيرة أبت تشويه صورة "الأب"، وراحت تقدم لها المبررات واحدة تلو الأخرى، ما بين ضغوط العمل تارة، وصعوبات الحياة تارة أخرى. مساء الإثنين قبل الماضي، كانت الأمور على ما يرام، أعدت "هدى" وجبة العشاء لزوجها، إلا أنه لم تمر سوى دقائق على وصوله المنزل، وسمع الجيران أصوات صراخ واستغاثة صعد على أثرها مالك شقة في الطابق السابع، لاكتشاف مصدره. حديث مقتضب دار بين الجار و"مؤمن"، انتهى بقطع الأخير وعدا على نفسه بعدم معاودته التعدي على زوجته، لكنه انتظر 120 دقيقة فقط، وحنث بوعده، وأغلق الباب من الداخل، وأمسك سكينا تعدى بها على الزوجة التي لم تجد توسلاتها له بتركها مكانا في قلبه، ولم تجد طريقة للإفلات من قبضته إلا القفز من شرفة الشقة بالطابق الثامن لتسقط جثة هامدة. داخل مكتبه بقسم شرطة بولاق الدكرور، كان العقيد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، يفحص بعض المحاضر، ليتلقى إخطارا من مستشفى بولاق الدكرور بوصول جثة سيدة؛ إثر سقوط من علو. انتقل المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث بولاق الدكرور، إلى محل البلاغ، وعُثر على جثة سيدة تبلغ من العمر 24 سنة، ترتدي ملابسها كاملة، وبها كسر في الجمجمة وجروح وخذية بالفخذ اليسرى وجرح قطعي باليد اليسر والجبهة. منذ الوهلة الأولى لوصوله موقع الحادث، ثمة شك كان يُحدث الرائد طارق مدحت، معاون مباحث بولاق الدكرور، بأن الأمر ليس واقعة انتحار، خاصة عقب عثوره على آثار ضرب بآلة حادة بأماكن متفرقة بجسد المتوفاة ما بين كف يدها ورجليها فضلا عن بطنها. بدأ معاون مباحث القسم يجوب المنطقة؛ بحثا عن معلومات قد تقوده لكشف المستور، راح يسأل قاطني العقار وسكان المنطقة، حتى توصل إلى أن زوج المتوفاة كان دائم التعدي عليها بالضرب، كما أنه يوم الواقعة، سُمع صوت صراخها، وتدخل أحد الجيران للفصل بينهما قبل أن يفاجؤوا باستغاثتها في أثناء تعلقها بشرفة الشقة، وفشل زوجها في إنقاذها. قبل شروق اليوم الجديد، استدعى رجال الشرطة الزوج الذي حاول إظهار علامات الحزن على فراق "نصفه الثاني"، قبل مواجهته بتحريات المباحث وأقوال شهود العيان، ليدخل في نوبة بكاء قائلا: "الشك اللي جوايا بيقتلني". وقال المتهم إن مشادة كلامية حادة نشبت بينه وبين زوجته؛ بسبب غيابها عن المنزل وشكه في سلوكها، تطورت إلى مشاجرة، تعدى خلالها على زوجته بالضرب المبرح بسكين بعدما أغلق الباب، ما دفعها للقفز من الشرفة هربا منه، إلا أنها تعلقت بالشرفة، وحاول إنقاذها إلا أنها سقطت جثة هامدة على الأرض.