كتبت - وفاء بسيوني في الوقت الذي تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر باب أمل يُفتح في وجه أولئك الناس الذين دمرت الحرب حياتهم ، إلا أن هذه المؤسسة التي لا تقف أمامها المسافات لإنقاذ أرواح المدنيين وتساعد الناس على إعادة بناء حياتهم ، لم تسلم من الفساد. فرغم دورها الإنساني الذي تقوم به هذه المؤسسة الدولية، إلا أن ذلك لم يردع ضعاف النفوس من استغلال ما يصل إلى المنظمة من دعم مادي لتحقيق مكاسبهم الشخصية. فخلال السنوات الأخير شهدت تلك المؤسسة غير الربحية العديد من من السرقة والاختلاسات وفقدان أموال التبرعات التي تقوم اللجنة لجمعها عن طريق المساهمات الطوعية من الدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف ، ومن الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومن منظمات فوق وطنية (كالمفوّضية الأوروبية)، ومن مصادر عامّة وخاصة، من أجل القيام بمهمتها الإنسانية. اتهامات جنائية ووجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجمعة، اتهامات جنائية ضد شركة جمع تبرعات عبر الإنترنت، بينما يحقق ممثلو هيئة الادعاء السويسرية في اختفاء الملايين من أموال التبرعات. وقال الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في بيان له تداولاته وكالات الأنباء العالمية ، إن هذه الشركة من بين عدة منظمات غير هادفة للربح، ولم يكشف الاتحاد عن اسمها لأسباب قانونية. وفي الوقت الذي يشكو فيه الصليب الأحمر فقدان 8.1 مليون فرنك سويسري (9.1 مليون دولار)، قالت هيئة الادعاء في زيورخ، إنها تفترض أنه تم اختلاس ما يصل إجماليه إلى "الملايين" على ما يبدو في هذه القضية. وأضاف ممثلو الادعاء أنه تم القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة المعنية يوم 22 ديسمبر في مطار زيوريخ. ووفقا للموقع الإلكتروني لشركة جمع التبرعات عبر الإنترنت، فإن منظمة العفو الدولية ومنظمة أطباء بلا حدود ومكتب الأممالمتحدة للاجئين عملوا مع هذه الشركة. ليست الأولى وهذه ليست المرة الأولي التي يتعرض فيها الصليب الأحمر لسرقة التبرعات ، فقد أعلنت اللجنة خلال أكتوبر الماضي أن الفساد أدى لخسارة مساعدات تقدر ب6 ملايين دولار خلال حملة مكافحة الإيبولا. وذكرت المنظمة في بيان على موقعها الإلكتروني ، نشر في اكتوبر الماضي، لأن "الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر غاضب بسبب ظهور أدلة على حدوث أعمال اختلاس". وكان فيروس الإيبولا قد قتل نحو 11 ألف شخص في الفترة من 2014 و2016 في المنطقة، مما أدى لتدشين عملية إنسانية كبيرة شملت عددا من المنظمات الدولية. وكشفت مراجعة قام بها الاتحاد الدولي عن تواطؤ محتمل بين موظف سابق بالاتحاد وموظفي بنك في سيراليون، مما أدى لخسارة نحو 2.13 مليون فرنك سويسري (2.23 مليون دولار). وبالإضافة لذلك، أسفرت أعمال فساد من جانب شركة لخدمة العملاء في غينيا عن خسارة 1.17 مليون فرنك سويسري (1.18 مليون دولار) . وكان الاتحاد قد قال إن التحقيقات السابقة في ليبيريا كشفت خسارة 2.7 مليون دولار بسبب الأسعار المبالغ فيها لمواد الإغاثة ومرتبات المتطوعين. وقال الاتحاد "ملتزمون بمحاسبة جميع من تورط في أي شكل من أشكال الاختلاس"، مضيفًا أنه سوف يتم استعادة الأموال المنهوبة. وفي غينياوليبيريا، تورط موظفو الاتحاد الدولي للصليب الأحمر وموظفو الصليب الأحمر المحليون في الفساد، وفقا لما ذكره متحدث باسم الصليب الأحمر الدولي. وأضاف المتحدث أن الأشخاص المتورطين لا يعملون لدى الصليب الأحمر حاليا، كما تم فصل العاملين الذين لم يتمكنوا من كشف الاحتيال أو منعه أيضا. وقالت وكيلة الأمين العام للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر جميلة محمود في تصريحات نشرتها قناة "روسيا اليوم": "لا يجب أن تقلل هذه الحالات بأي شكل من الأشكال من شجاعة وتفاني الآلاف من المتطوعين والعاملين خلال جهود مكافحة فيروس إيبولا"، مشيرة إلى جهود الصليب الأحمر من أجل معالجة المرضى ودفن الموتى، وهي مهمة ساعدت فى الحد من انتشار المزيد من حالات الإصابة بالمرض. سجن وغرامة واستمرارا لمسلسل الفساد ، حكم في 2009 على موظف بإحدى شركات شبكات التكنولوجيا الصينية يدعى يانغ لي تاو بالسجن لمدة عامين وغرامة 731 دولارا امريكي لاقتحامه موقعا على الانترنت وتغيير الحساب المصرفي للصليب الاحمر لتبرعات الزلزال إلى حسابه الخاص, وفقا ما ذكرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا". ولم يتمكن يانغ من تحصيل النقود نظراً لاستجابة الشرطة السريعة اذ قبضت عليه في وقت لاحق في منزله في شنتشن. ولم يقتصر تغلغل الفساد على المركز الرئيسي للمؤسسة، فقد أطاح بمدير الهلال الأحمر في محافظة حماة بسوريا، بعد ضبط العديد من المستودعات التجارية التي تحوي كميات كبيرة من المواد الإغاثية والسلال الغذائية خلال الفترة الماضية في حماة ، وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء أسيا. ويُتهم المدير المستقيل قبل الإقالة، بالعمل لمصلحته الخاصة دون توزيع المعونات على مستحقيها، كما يتهم بالتعامل مع التجار الذين تم ضبط كميات كبيرة في مستودعاتهم خلال الفترة الماضية. توزيع غير عادل وفي اللاذقية أثار أعضاء مجلس المحافظة، موضوع الخلل في آلية عمل الهلال الأحمر الذي وبحسب قولهم، لا يسمح لأحد بمعرفة الكميات الواردة والموزعة إليه . ويؤكد عدد من المواطنين في سوريا بأن هناك عملية توزيع غير عادلة في المعونات الغذائية سواء من الهلال الأحمر أو من المنظمات والجمعيات الأخرى ، حيث تفترش الطرقات بالمنتجات المخصصة للتوزيع المجاني للفقراء وذوي ضحايا الحرب، إلا أن هؤلاء آخر من تصلهم هذه السلل بحسب قول بعض المواطنين. الصليب الأحمر في سطور واللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة مستقلة ومحايدة تأسست منذ ما يقرب من قرن ونصف عام 1859 ، تقوم بمهام الحماية الإنسانية وتقديم المساعدة لضحايا الحرب والعنف المسلح. وأوكلت إلى اللجنة الدولية، بموجب القانون الدولي، مهمة دائمة بالعمل غير المتحيز لصالح السجناء والجرحى والمرضى والسكان المدنيين المتضررين من النزاعات. وإلى جانب مقرها الرئيسي في جنيف، هناك مراكز للجنة الدولية في حوالي 80 بلداً ويعمل معها عدد من الموظفين يتجاوز مجموعهم 12000 موظف. هذا وفي حالات النزاع، تتولى اللجنة الدولية تنسيق العمل الذي تقوم به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتحادها العام.