خصصت صحيفة "الجارديان" البريطانية افتتاحية عددها الصادر اليوم الثلاثاء للحديث عن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وحملت عنوان "صعود الابن السابع"، وقالت فيها إن قمع المعارضة لن يساعد المملكة على إيجاد وسيلة للخروج من الفوضى الاقتصادية في الداخل والتشابك المضلل في الخارج. الصحيفة البريطانية قالت إن تصعيد بن سلمان، في يونيو الماضي، إلى ولاية العهد كان بمثابة اختبار فوري لمراقبي الأوضاع السعودية. واعتبرت أنه طرح سؤال "هل هو مصلح مستعد لسحب مملكته، التي تتبع نظاما قمعيا يكتب شيكات باهظة للرعاية الاجتماعية، إلى القرن الواحد والعشرين؟ أم هو أمير صغير سيؤدي صعوده إلى السلطة لزعزعة استقرار المنطقة؟". وترى الصحيفة أنه مما لا شك فيه أن الأمير، البالغ من العمر 31 عاما، جمع قوة عظمى ويهيمن على السياسة الاقتصادية والدبلوماسية والمحلية للسعودية، مضيفة أنه "مهندس المستنقع الدموي للحرب اليمنية كما أنه الجانب المتشدد في الأزمة الخليجية الحالية مع قطر". ولفتت الصحيفة إلى أن الده، الملك سلمان 81 عاما، ليس في صحة جيدة، إذ أنه يمشي بعصا ويعاني من خلل في الدماغ. ومن خلال تنصيب ابنه السابع كأصغر وريث في التاريخ السعودي، يبدو أنه اتخذ قرارا حاسما بالقطيعة مع الماضي. "الجارديان" ذكرت أنه إذا كانت الأشهر القليلة الأولى دليل موثوق به، فإن المستقبل يبدو أنه ليس جيدا، موضحة أن "انقلاب القصر" الذي جاء بالأمير الشاب إلى ولاية العهد لم يكن داميا، ففي "لعبة العروش" التي جرت صيفا تم إبعاد أعمامه وخصومه الأقوياء بعيدا عن السلطة أو تم وضعهم تحت الإقامة الجبرية. كما تحدثت "الجارديان" عن الحملة السعودية ضد المعارضة، التي استهدفت المفكرين الإسلاميين، والمعارضين والمنافسين السياسيين، مشيرة إلى أنه تم ابعاد اثنين من رجال الدين البارزين لعدم إعلانهما تأييدا علنيا لموقف ولي العهد تجاه قطر. ولفتت الصحيفة إلى أن الرجلين ينتهجون نهجا مختلفا، إذ أن أحدهم كان قد أعلن أن المثلية الجنسية تعتبر خطيئة لكنه أضاف أنه لا ينبغي أن يكون لها عقاب في هذا العالم. وكلاهما مشهور ولديه جمهور كبير في السعودية والملايين من المتابعين على "تويتر". ولفتت الصحيفة إلى أنه قد تم منع صحفي آخر من الكتابة، في حين أن نشطاء حقوق الإنسان قد حكم عليهم بالسجن لمدة ثماني سنوات بسبب حملات سلمية. وعلقت بالقول "أيا كان وضعه العام، فإن هذا التعصب ضد المعارضة ربما يصل إلى حد جنون العظمة". وترى الصحيفة البريطانية أنه إذا كان هناك وقت يستلزم المجتمع السعودي لمناقشة كيفية المضي قدما، فيبدو أنه الآن، مشيرة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت مهد الجهادية، ولذلك فإن استقرارها هو مصدر قلق عالمي. ومن الناحية الداخلية، "الجارديان" قالت إن المملكة العربية السعودية في حالة فوضى، فهي أكبر مصدر للنفط في العالم، لكنها ذات اقتصاد أحادي الاتجاه، أي يعتمد على النفط فقط. ومع انخفاض أسعار النفط من أعلى مستوياتها في عام 2014، اضطرت الرياض على إنفاق نحو 200 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لتغطية عجزها. وردا على ذلك، قام ولي العهد باتخاذ برنامج متشدد للخصخصة وتخفيض الإعانات لتحقيق التوازن. ولكن هذه التحركات هددت العقد الاجتماعي بين الأسرة المالكة ورعاياها، وأغلبهم دون سن الخامسة والثلاثين. وعلى الساحة العالمية، اضطرت السعودية أن تبدو في موقع الدفاع عن نفسها بسبب عدم كفاءتها. فإن الحرب في اليمن، التي أزهقت أرواح المدنيين، والحصار المفروض على قطر، هي نتيجة لأمرين: الحد من نفوذ إيران في العالم العربي، والقضاء عى أي نفحة من الإسلام السياسي. ولم يسفر أي منهما عن نجاح كبير، ولكنهما كانا مصدر للحرج لولي العهد. واختتمت الصحيفة بالقول "الرياض تجذب الآن القيادة العراقية، وخاصة تلك القريبة من إيران. كما أنها انسحبت من سوريا، تاركة مستقبل ذلك البلد في أيدي موسكو وأنقرة وطهران. الآن تواجه الرياض خيارا صعبا على أفغانستان بين حليفتها باكستان ودونالد ترامب. ولي العهد لديه رؤية، ولكن غياب الحكمه والتهور يؤدي إلى تحويلها لسراب".