تعد جبانة أسوان القديمة، الواقعة بقلب مدينة أسوان، واحدة من أقدم جبانات دفن الموتى في مصر، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 100 عام، وبعد أن ضاقت الجبانة بقبور الموتى، وأصبحت لا تستطيع استيعاب المزيد من الموتى لدرجة أن الأهالي لا يجدون مكانًا لقدم أثناء تشييع الجنازات، الأمر الذي دفع سماسرة بيع القبور إلى نبش القبور القديمة وإخراج ما فيها، لإعادة تجهيزها للموتى الجدد، غير عابئين بحرمة الموتى، ظاهرة جديدة ترتكب في غيبة من رقابة الأجهزة المحلية والأمنية. في البداية.. يقول جمال عجاج، رئيس جمعية دفن الموتى وتنمية المجتمع بأسوان، أننا تقدمنا بالعديد من الشكاوى للمسئولين، بالإضافة إلى محافظ أسوان والتي كان آخرها المكاتبة والخطاب الذي وجهته الجمعية لمحافظ أسوان في مارس من العام الحالي، طلبًا لمقابلته، والتي لم يتم البت فيه حتى الآن، لعرض الانتهاكات التي ترتكب في حق جبانة أسوان القديمة، بعد أن عجزنا عن حماية حرمه الموتى، وسُرقت وانتهكت قبورهم، ونبشت عظامهم ورفاتهم وتركت في العراء أمام الكلاب الضالة. وأضاف "عجاج"، أن جبانة أسوان، تعاني من اكتظاظها بالموتى وعدم توافر أي أماكن لدفن جديد، مما ترتب عليه قيام الحفارين الموجودين بالجبانة بتفريغ القبور من الجثث القديمة وبيع التربة لذوي الجثث الحديثة وبأسعار باهظة بغرض الربح غير المشروع، وغير عابئين بمصير الجثث القديمة، كما أن الأمر أدى إلى تناثر عظام الجثث القديمة. وتابع، "حتى المقر الإداري لجمعية دفن الموتى تم احتلاله من قبل أصحاب المحلات، وعندما أخرجناهم من داخل مقر الجمعية احتلوا مدخل الجمعية بالكامل بمساحة 4م ×2م، ولا يستطيع أي عضو بالجمعية الدخول حاليًا، وذلك تحت سمع وبصر مجلس مدينة أسوان وشرطة المرافق". وطالب عجاج، محافظ أسوان سرعة اللقاء به، لعرض المشكلات والبحث عن حلول شرعية وقانونية تحت مظلة قرارات حاسمة وفورية تحقيقًا لمصلحة المواطنين وتنفيذًا للصالح العام. وفي السياق ذاته كشف أصولي مرعي، كاتب ومخرج مسرحي بأسوان، عن وجود ظاهرة جديدة لتجارة القبور داخل أسوان، والتي بدأت تنتشر عبر حفاري القبور الذين يتولون أعمال الدفن بطرق غير شرعية، حيث يقومون بإنشاء قبور بدون قيود وسجلات أو يستولون على القديم منها ويعيدون بنائها، لتباع بالسوق السوداء بأسعار مبالغ فيها. وقال "مرعي"، إن هؤلاء الأشخاص شكلوا فيما بينهم، ما يشبه "المافيا"، والتي يصعب اختراقها، بعد أن وزعوا الأدوار، وتقاسموا "الأرباح" ليتحولوا من مجرد موظفين صغار، وعمال يقتاتون يومهم بالكاد، إلى أصحاب أموال طائلة من عملهم المحرم في الخفاء. وأوضح أنه تعرض الى موقف غريب، أثناء توجهه في شهر مايو الماضى إلى زيارة قبر والدته التي توفت عام 1993، داخل جبانة أسوان القديمة، أذ أصابة الذهول، حيث لم يجد المقبرة والشاهد المتواجد عليها، والأغرب من ذلك أنه وجد مقبرة حديثة لسيدة توفت في مارس 2017، وبالتقصي والاستفسار عن الأمر علمت أن "الحفارين" يقومون بنبش القبور القديمة التي مضى على أصحابها زمن، ويخرجون رفات وعظام الموتى، ثم يبيعون هذه المقابر لمن يملك المال. وأكد نور الدين أحمد سليمان، مواطن من مدينة أسوان، يقول أنه نظرًا لاكتظاظ الجبانة بقبور الموتى، فقد دعت الحاجة الحفارين إلى حفر قبور جديدة في الممرات والطرقات داخل الجبانة بشكل عشوائى مما يضطر المشيعين إلى دهس القبور أثناء دفن موتاهم. واستطرد "سليمان"، أنه نظرًا لأن الحفارين الموجودين بالجبانة ليسوا موظفين من قبل الحكومة أو من قبل جمعية دفن الموتى، وبالتالي ليس لأحد سلطان عليهم، فكثيرًا ما يقوموا بأعمال مخالفه للقانون وللآداب العامة. وبدوره قال الدكتور إيهاب حنفي، وكيل وزارة الصحة بأسوان، أنه جاري مراجعة حالة كافة الجبانات داخل محافظة أسوان بما فيها جبانة أسوان القديمة الواقعة أمام المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالتنسيق مع المحليات والجهات الأمنية لرصد أي مخلفات فيها، وأصدار القرارات الخاصة بإزالة التعديات والعشوائيات وموارد المياه العشوائية بالجبانة. وتابع، "هناك رقابة مشددة من أجهزة الصحة لمتابعة الجبانات من خلال الحملات التفتيشية المكبرة للتأكد من طرق الدفن، وفقًا للمواصفات الصحية، ولمراعاة حرمة الموتى".