ضاقت جبانة أسوان العمومية بالقبور. وأصبحت لا تستطيع استيعاب المزيد من الموتي لدرجة أن الأهالي لا يجدون مكانا لقدم أثناء تشييع الجنازات. المسئولون عن جمعية دفن الموتي بأسوان يؤكدون أنه لا يوجد بديل عن تفعيل القرارات الصادرة بغلق الجبانة القديمة والتي امتلأت عن آخرها بالقبور. طالبوا بتذليل الصعوبات وتوفير الخدمات اللازمة لدفن الموتي في جبانة أسوان الجديدة والتي تم انشاؤها علي الطريق الصحراوي الغربي منذ بضع سنوات ولكن مازال الأهالي لا يرغبون في دفن ذويهم داخلها بسبب وجودها في مكان بعيد للغاية. يقول طاهر محمد جمعة عضو بجمعية الخدمات الاجتماعية بمدينة أسوان انه لا توجد حاليا أماكن خالية لدفن الموتي في جبانة أسوان القديمة بسبب تكدس القبور وغرق مساحات كبيرة من الجبانة بالمياه الجوفية. لذا يجد الأهالي صعوبة كبيرة في دفن موتاهم وهو الأمر الذي أدي إلي ارتفاع تكلفة الحفر والدفن في هذه الجبانة والذي يتراوح حاليا ما بين 300 و500 جنيه نظرا لاستغلال الحفارين للأهالي بسبب ضيق الأماكن.. وأضاف ان معظم الأهالي لا يفضلون دفن موتاهم في الجبانة الجديدة التي تم إنشاؤها علي الطريق الصحراوي في غرب أسوان منذ حوالي 6 أو 7 سنوات لأنها تقع في مكان بعيد للغاية ويحتاج الأهالي إلي وسائل مواصلات من أجل نقل المشيعين للجبانة. موضحا أنه تم الاتفاق مع المسئولين بالمحافظة في وقت سابق علي توفير اتوبيسين للنقل الجماعي لنقل المشيعين بأجر رمزي قدره 30 جنيها فقط ولكن لم يتم تنفيذ هذا المقترح ومازال الدفن محدودا في هذه الجبانة حتي الآن. وقال إن الجبانة الجديدة تحتاج إلي الاهتمام بالتشجير لحماية المواطنين من حرارة الشمس أثناء تشييع الجنازات. وأيضا يجب أن يتواجد العمال المسئولون عن الجبانة بشكل دائم ومنتظم. لأنه في معظم الأوقات لا نجد هؤلاء العمال داخل الجبانة وكلما نسألهم عن ذلك يبررون غيابهم بصعوبة الذهاب للجبانة التي تقع في منطقة بعيدة للغاية لذلك يجب توفير وسيلة مواصلات خاصة بالعمال أيضا أو صرف بدل انتقال لهم حتي ينتظموا في البقاء في الجبانة. وسائل المواصلات أوضح حمدي حجاج رئيس جمعية الحمر ووكيل مجلس إدارة جمعية بني هلال بأسوان ان المحافظة قامت بتوزيع قطعة أرض مساحتها 500 متر لكل جمعية في جبانة أسوان الجديدة في غرب أسوان خلال السنوات الماضية. وقامت كل جمعية ببناء هذه الأرض علي حسابها الخاص بتكلفة تتراوح ما بين 15 إلي 17 ألف جنيه. وقال إن المشكلة الأساسية للجبانة الجديدة في غرب أسوان إنها موجودة في منطقة بعيدة للغاية علي الطريق الصحراوي جنوب خزان أسوان. ويجد الأهالي صعوبة كبيرة في نقل الموتي إليها لذلك يجب توفير اتوبيس خاص لنقل المشيعين حيث يشارك عشرات أو مئات المواطنين في اتباع الجنائز نظرا لطبيعة الترابط والتماسك بين فئات المجتمع الأسواني. واقترح حمدي حجاج تخصيص قطعة أرض بجوار جبانة الجزيرة شمال مدينة أسوان كتوسعات لهذه الجبانة التي ضاقت بالموتي أيضا نظرا لأن أهالي شرق مدينة أسوان سوف يجدون صعوبة كبيرة في نقل موتاهم إلي الجبانة الجديدة في أقصي الغرب. وطالب أيضا بتفعيل دور جمعية دفن الموتي والتي تم حل مجلس إداراتها مؤخرا بحيث يتعامل المواطنون مع جهة واحدة تتولي ترتيب كافة الإجراءات الخاصة بالجنازة والدفن وتوفير وسائل المواصلات وسيارة الاسعاف. قال عبدالمتعال أغا رئيس مجلس إدارة جمعية دفن الموتي إنه لا يوجد بديل عن غلق جبانة أسوان القديمة التي أصبحت لا تستطيع استيعاب المزيد من القبور. ويجب أن تقوم الجهات المختصة بتنفيذ القرار الصادر من محافظ أسوان بغلق هذه الجبانة وتعيين حراسة دائمة عليها من مجلس المدينة لمنع الدفن تماما. وأيضا لمنع تعديات الأهالي والقيام بفتح الجبانة أمام الزيارة إلا في أيام الجمع والمناسبات فقط. وقال إنه يجب توفير بعض التسهيلات لتشجيع المواطنين علي الدفن في الجبانة الجديدة بغرب أسوان منها تخفيض أجرة نقل جثمان المتوفي بسيارة الاسعاف من مدينة أسوان إلي هذه الجبانة والتي تبلغ حاليا 150 جنيها. وأيضا إلغاء الرسوم المقررة علي الجمعيات الأهلية نظير انتفاعها بالجبانة الجديدة والتي تقدر بحوالي ألف جنيه سنويا. وزيادة الإنارة داخل الجبانة من أجل تسهيل إجراءات الدفن ليلا. ومن جانبه قال الأثري حسن جبر مدير منطقة أثار أسوان الإسلامية والقبطية ان جبانة أسوان تعتبر ثاني أقدم جبانة في العالم الإسلامي بعد "البقيع" في المدينةالمنورة. ويرجع تاريخ هذه الجبانة إلي بدايات القرن الأول الهجري بعد الفتح الإسلامي لمصر مباشرة حيث عثر في الجبانة علي أقدم شاهد حجري إسلامي مؤرخ في عام 31 هجريا باسم عبدالرحمن الحجزي أو الحجازي. وهذا الشاهد محفوظ حاليا في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. وأشار إلي أن الجبانة الإسلامية كانت تمتد من منطقة العناني بوسط مدينة أسوان والتي تسمي حاليا باسم الجبانة البحرية" حتي طريق السادات حاليا والمعروفة باسم جبانة "السيد البدوي" ولكن مع امتداد العمران وشق الشوارع والطرق اندثرت معظم هذه الجبانات وبقيت منها مجموعتان فقط. وأكد مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية ان وزارة الآثار تبرعت بمبلغ مليوني جنيه تقريبا لإنشاء جبانة بديلة في غرب أسوان ومنع الدفن في الجبانة الفاطمية منذ بضع سنوات وذلك حفاظا علي القيمة الأثرية بالجبانة والتي يوجد فيها قباب فاطمية تعود للقرن الخامس الهجري. وذلك لأن استمرار الدفن في الجبانة يؤثر علي القباب الفاطمية ويشوهها نتيجة اقتراب القبور بشدة من القباب الفاطمية. علاوة علي أن البعثات الأثرية لا تستطيع القيام بأعمال الترميم للقباب بسبب تزايد أعداد القبور. وأضاف ان اللواء سمير يوسف محافظ أسوان الراحل كان قد أصدر قرارا بمنع الدفن في الجبانة الفاطمية ثم أصدر بعده اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان الأسبق قرارا آخر بمنع الدفن أيضا. ولكن لم يتم تفعيل هذين القرارين حتي الآن علي الرغم من إنشاء جبانة بديلة في غرب أسوان. مشيرا إلي حدوث العديد من المشكلات بين مفتشي الآثار والمواطنين حينما حاولوا منع الدفن في الجبانة القديمة في وقت سابق وتعدي عليهم الأهالي بالضرب لأكثر من مرة. لذلك يجب أن تتعاون جميع الجهات المسئولة معا لمنع الدفن في الجبانة الفاطمية تماما وذلك عن طريق غلق الأبواب الكبيرة للجبانة والإبقاء علي باب واحد فقط لزيارة القبور. ومنع تواجد الحفارين داخل الجبانة بالتنسيق مع جمعية دفن الموتي بحيث يتواجدون في الجبانة الجديدة فقط. ومن جانبه يقول ناجح مصطفي رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسوان إن جبانة أسوان ضاقت بالفعل بالقبور لدرجة انه شخصيا شاهد عدداً من المشيعين وهم يقفون فوق القبور أثناء مشاركته في تشييع احدي الجنازات بالجبانة لعدم وجود أماكن خالية حتي يقفوا عليها. وأضاف أن قرار غلق جبانة أسوان القديمة هو قرار مجتمعي وشعبي في المقام الأول وليس قراراً تنفيذياً فقط. لذا يجب أن تتفق جميع القيادات الشعبية والطبيعية في المجتمع الأسواني فيما بينها علي غلق الجبانة القديمة ودفن جميع المتوفين في الجبانة الجديدة في غرب أسوان وبعد ذلك يبدأ مجلس المدينة في غلق الجبانة القديمة تماما ومنع الدفن داخلها. موضحا أن الجبانة الجديدة في غرب أسوان متاحة لدفن الموتي حاليا ويوجد فيها كافة المرافق من مياه وكهرباء ومسجد لإقامة الصلوات داخله. علاوة علي وجود سيارتي اسعاف لنقل الموتي من مدينة أسوان إلي الجبانة الجديدة بأجر رمزي وأقل من أسعار سيارات الاسعاف حيث شهدت الفترة الماضية إجراء كافة أعمال الصيانة اللازمة لهاتين السيارتين لتكونا تحت الطلب في أي وقت. هذا بالإضافة إلي وجود عدد من العمال والحفارين التابعين لمجلس المدينة والذين يتواجدون علي مدار 24 ساعة بنظام الورديات لدفن أي جنازة. كما أنه سيتم إنشاء إدارة خاصة للجبانات بدلا من القسم الحالي من أجل تلبية كافة مطالب واحتياجات المواطنين.