بعدما ضاقت به الأرض بما رحبت، قرر محمد البحث عن مصدر رزق يستطيع من خلاله توفير احتياجات أسرته، واستجاب هذه المرة لحديث سمسار طالما أخبره عن "الجنة" التي تنتظره فور أن تطأ قدماه الأراضي الليبية، وأن تحقيق ثروة هناك ليس بالأمر الصعب. 4 سنوات كاملة، قضاها الشاب صاحب ال18 سنة في ليبيا، تتخللها إجازات آخرها كانت لمدة ثلاثة أشهر، انتهت في 30 يونيو الماضي، عاد بعدها عبر رحلة هجرة غير شرعية، سافر لكنه لم يدر أنها ستكون الأخيرة عقب العثور على جثته و12 مصريًا في الصحراء. "التحرير" انتقلت إلى مسقط رأس محمد إبراهيم عبد العاطي، بقرية ميت زنقر التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، التي اتشحت بالسواد حزنًا على الشاب، خاصة أن أسرته علمت بوفاته من خلال "مراسل التحرير". "كان ابني الوحيد على بنتين" يقول والد محمد، إنه نجله حاصل على دبلوم زراعة، وكان يعمل بمهنة السباكة، مشيرًا إلى أنهم فقدوا الاتصال به منذ 60 يومًا عقب دخوله الأراضي الليبية، علاوة على أنهم تواصلوا مع السمسار الذي أقنعه بالسفر ويدعى أحمد أبو النجا، مقيم في مدينة بني وليد الليبية، لكنه اتبع أسلوب المراوغة "مرة يقول محبوس، ومرة يقول إنه الناجي الوحيد من اللي سافروا معاه". تامر مرزوق، نجل عم المتوفى، قال إن محمد كان يتمتع بدماثة الخلق وحب الجميع، كما أنه كان حريصًا على العمل "بيشقى علشان يعمل حاجة لنفسه"، وسافر إلى ليبيا منذ سن ال14 "كان بييجي على الامتحانات"، حتى تمكن من إنهاء أعمال التشطيب بشقته وشراء الأثاث "كان نفسنا يتجوز.. بس أصر يسافر المرة دي وبعدين يُخطب". والدا محمد وشقيقتاه، رفضوا سفره هذه المرة بشدة، لكنه أخبرهم بضرورتها لتوفير أموال الزواج، إضافة إلى أنه كان يساعد والده في مصروفات المنزل بعد تجاوزه ال60 من العمر، ويوضح نجل عمه أنه سافر عبر مرسى مطروح ومنها إلى ليبيا. يشير أحمد شوقي، نجل عمه، إلى أن محمد ساهم في تجهيز شقيقتيه "سماح ونجوى"، إضافة إلى مساعدته والده عقب إجرائه عملية الغضروف منذ أشهر قليلة "كان سنده في الدنيا".