كتب أحمد الأنصاري جمال عبد المجيد هاني أحمد لا يزال الغموض يحيط بملابسات وأعداد المصريين الذين عثر على جثامينهم في ليبيا، ونشر عدد من المواقع الإخبارية عثور منظمة الهلال الأحمر الليبي في طبرق على جثث 48 مهاجرا غير شرعي قادمين من مصر. وأوضحت المنظمة في بيان لها، أنها "عثرت على الجثامين جنوب بوابة ال200 «نقطة تفتيش تربط بين مدينتي أجدابيا وطبرق» بحوالي 250 كيلو مترًا، بالقرب من وادي علي داخل منطقة الرمال «القريبة من طبرق»، مشيرة إلى أن الضحايا كانوا في طريقهم إلى ليبيا بطرق غير شرعية للعمل هناك. وبحسب بيان المنظمة فإنه جرى انتشال 19 جثة مهاجر غير شرعي من الجنسية المصرية، فيما لا تزال جثامين 29 آخرين ملقية في الصحراء لعدم توفر وسيلة لنقلها. وذكر البيان أنه بعد أخذ الإجراءات المطلوبة جرى دفنهم في ساعات متأخرة في مقبرة مجهولة الهوية غرب طبرق. ووثق البيان أسماء عدد من الضحايا، لافتًا إلى أنهم ينتمون لعدة محافظات بمصر؛ من بينها أسيوط«جنوب»، والمنيا وبني سويف «وسط»، وكفر الشيخ «شمال». من جانبه، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن السفارة المصرية في طرابلس التي تعمل من القاهرة، علمت من مصادرها في الهلال الأحمر الليبي بالعثور على جثامين نحو 19 شخصًا في المنطقة الصحراوية الليبية بين طبرق وأجدابيا، مضيفًا أنهم على الأرجح قد لقوا حتفهم خلال محاولتهم الهجرة غير الشرعية على يد عصابات التهريب التي تنشط في تلك المنطقة، كما أكد أبوزيد على أنه جاري التحقق من هوياتهم. وأوضح أبو زيد، أنه تم التأكد من هوية 7 أشخاص فقط حتى الآن، حيث تبين من بطاقات هويتهم التي كانت بحوزتهم أنهم يحملون الجنسية المصرية، وأنه تم ترتيب نقل الجثامين إلى مصر بالتنسيق بين السفارة المصرية والسلطات الليبية المعنية، مؤكدا متابعة وزارة الخارجية للأمر على مدار الساعة حتى التأكد من هوية باقي الجثامين. وأسفر الحادث عن عدد من الضحايا هم علاء عبد الباقي عبد السلام، 28 عامًا، والسعيد إبراهيم محمد 28 عامًا، بكفر الشيخ، ويوسف عبد الله محمود، 30 عامًا، محمد أحمد توفيق، 28 عامًا، وجمعة عثمان محمود علي، 38 عامًا، بمحافظة المنيا، وفي أسيوط كل من محمد جمال عبد التواب، 16 عامًا، وأحمد جمعة كامل حسين، 19 سنة. من داخل قرية الأنصار، التابعة لمركز القوصية، قال منير علي، ابن عم أحمد جمعة كامل حسين، إنها المرة الأولى له يسافر فيها إلى ليبيا، وهو الأصغر بين أخوته، وكان عدد المهاجرين إلى ليبيا 20 فردًا، تمكن 3 أشخاص من التسلل عبر الحدود ودخول الأراضي الليبية، وتمنكت قوات حرس الحدود من ضبط 17 من أبناء القريه وترحيلهم، وأضاف مصطفى مشعال، جار أحمد جمعة كامل حسين، أن أحمد عمره 19 سنة وهاجر للبحث عن فرصة عمل في ليبيا. وأكد أهالي القرية أن هناك 3 أفراد سافروا بصحبة أحمد، ولم نستطيع معرفة أي أخبار عنهم، ولا نعرف هل هم من ضمن الأموات، ونطالب الرئيس السيسي والخارجية بسرعة التدخل لإعاده جثمان أحمد. وقال رمضان حامد، ابن عم محمد جمال عبد التواب، أحد الضحايا، من قرية جمريس التابعة لمركز منفلوط بأسيوط: محمد عمره 15 سنة فقط في الصف الثالث الإعدادي، وخرج منذ 10 أيام فقط للسفر إلى ليبيا، وعلمنا بخبر وفاته عن طريق فيس بوك، بعدما نشر الهلال الأحمر الليبي صور الضحايا التي انتشلها من الرمال، ووجه رمضان رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلًا: يا ريس عايزينك تتدخل بنفسك وترجع جثامين ولادنا علشان تتدفن هنا جنب أهاليهم، مضيفًا: «مش هايكون موت وخراب ديار». وفي محافظة المنيا تصدرت قرى غروب مركز سمالوط كعادتها ضحايا الهروب الى ليبيا، فبعد أن شهدت قريتا العور والسوبي بذلك المركز استشهاد أكثر من 21 شخصًا على يد إرهابيين وتنظيم الدولة داعش العام قبل الماضي، خلال بحثهم عن لقمة العيش، أعاد حادث العثور على جثث 20 مصريًّا بالصحراء بالحدود الليبية الأوجاع مرة أخرى، بعد أن شارك 5 من أبناء المركز في عملية هجرة غير شرعية، في محاولة منهم لتحسين أوضاعهم الاجتماعية، وهم يوسف عبد الله محمود، إبراهيم خليفة محمود، جمعة عثمان، محمد أحمد توفيق، علاء سعيد. وقال هيثم ربيع، ابن عم الضحية يوسف عبد الله: أن نجل عمومته كان يبلغ 30 عامًا تقريبًا، ولديه ثلاثة أبناء صغار وهم زياد وأحمد ومحمد، حيث كان عاملًا في الزراعات باليومية هو ووالده، وحالتهم المادية صعبة للغاية، وبعد أن ضاق به الحال نتيجة الغلاء، قرر السفر إلى ليبيا مثلما يفعل غالبية شباب قرى الغروب بالمنيا، من خلال سماسرة الهجرة غير الشرعية. أضاف ربيع ل«البديل» أن الواقعة بدأت حينما سافر يوسف فجأة يوم الخميس قبل الماضي، ومعه بعض الشباب الذين فارقوا الحياة معه في الحادث، ولم نعلم بأي تفاصيل من الجهات الحكومية حتى الآن، سوى من خلال وسائل الإعلام المصرية والليبية التي أذاعت الخبر عدة مرات، دون أي إجراء رسمي من المسؤولين المصريين لمعرفة الخطوات القادمة. وأكد ربيع أن الضحايا جميعهم يعانون من المشكلات الاجتماعية ذاتها، فالفقر الذي يسيطر عليهم، دفعهم للهروب من الأوضاع السيئة، وسط سعي كل منهم لتحسين حالته وتوفير مسكن خاص لهم، وأشار إلى أن الضحية إبراهيم خليفة يبلغ من العمر 25 عامًا تقريبًا، وتزوج منذ 3 أشهر تقريبًا، ويعيش مع والده في المنزل، والضحية الثالثة علاء سعيد، 18 عامًا، وحاول الذهاب إلى والده الذي يعمل في ليبيا منذ فترة، لا توجد معلومات دقيقة عن الآخرين، خاصة أن هناك مفقودين آخرين من القرى المجاورة، ولم يعلم أحد عنهم أي شيء منذ شهور وحتى الآن. من جانبه قال طه محمد الشريف، نجل شقيق عمدة القرية، إن غالبية أهالي القرية يفضلون السفر إلى ليبيا بحثًا عن العمل ولقمة العيش، في ظل غياب المشروعات التنموية عن القرية وغالبية قرى الظهير الغربي، حيث يسلكون طرقًا غير آمنة للوصول إلى هناك من خلال سماسرة الجبال، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 5 آلاف جنيه إذا كانت السيارة ستصل بك إلى داخل ليبيا، أو 3 آلاف جنيه إذا ما كانت السيارة ستتركك قبل الحدود بمسافة 8 كيلو مترات تقريبًا، يتم سيرها على الأقدام، لكن جميعها طرق صحراوية لا يوجد بها أي قدر من الأمان. وتابع الشريف أن المسافة التي تستغرقها رحلة هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين تتراوح ما بين يومين إلى 4 أيام، وأن صلة النسب بين عائلات المنيا والليبيين تشجع الكثير على تلك الهجرة رغم مخاطرها، متمنيًا أن تتم عودة الجثث والرفات إلى ذويهم لدفنها. وفي كفر الشيخ يخيم على الأهالي سقوط 3 من أبناء المحافظة، علاء عبد الباقي عبد السلام، 28 عامًا، والسعيد إبراهيم محمد، 18 عامًا، من ضحايا رحلة السفر غير الشرعية إلى ليبيا، من قريتي تفتيش إصلاح شالما وأبو العزايم، التابعتين لمركز سيدي سالم وتفتيش أبو سكين، التابعة لمركز الحامول بمحافظة كفر الشيخ. وتبين تحلل الجثث ودفنها هناك بعد وضعها في ثلاجة مركز طبرق الطبي، والتصرف فيها بالدفن لصعوبة نقلها إلى مصر بهذا الوضع الصعب، ونجحت أسرة أحد الضحايا من كفرالشيخ في إحضار جثمان نجلها، وتم دفنه بمقابر أسرته بقرية أبو العزايم، التابعة لمركز سيدي سالم. يقول على أحمد فرج، موظف بالأوقاف، مقيم بقرية تفتيش أبو سكين، التابعة لمركز الحامول بمحافظة كفر الشيخ، توجهت إلى مدينة السلوم برفقة أقاربي، مساء الجمعة الماضية، بعد علمي بوفاة اثنين من العائلة في ليبيا، وهما علاء عبد الباقى عبدالسلام، من مركز الحامول، والسعيد إبراهيم محمد، ابن شقيقته ومقيم بمركز سيدي سالم، وأضاف أنهما سافرا من كفر الشيخ يوم الخميس أول يوليو الجاري، بغرض العمل في ليبيا وانقطعت أخبارهما فجأة بعد أن كانا على اتصال بنا، وعلمنا بعد عدة أيام بخبر وفاتهما وآخرين. وأضاف أنه كل محاولاته التي استمرت يومين كاملين بمنفذ السلوم للدخول إلى ليبيا عن طريق المسؤولين المصرين لإسترجاع جثمان ابن شقيقته باءت بالفشل، مشيرًا إلى أنه تواصل مع الهلال الأحمر الليبيي بطبرق، وتأكد أنه ضمن المتوفين، وطلب منهم استرجاع الجثمان، وأبدوا موافقتهم لكنهم طلبوا تواصل الجهات المصرية معهم. وأوضح عماد أحمد، خال المتوفى علاء عبد الباقي، أن مسؤولين بليبيا أكدوا لهم عبر اتصالات هاتفية صعوبة نقل الجثث بوضعها الحالي؛ نظرًا لتحللها، فطلبوا استخراج شهادات وفاة للضحايا بمساعدة وزارة الخارجية. من جانبها قالت نصرة عبد الباقي، شقيقة المتوفى علاء عبد الباقي عبدالسلام، إن شقيقها كان دائم الاتصال بهم حتي انقطعت الاتصالات بينهم منذ عدة أيام، مضيفة: «راح مع مجموعة شباب معرفهمش، وسمعنا إنه مات وأهلي راحوا منفذ السلوم في مطروح انتظارًا لوصول الجثة أو الحصول على شهادة وفاة في حالة دفنه بليبيا». وقال عبده عبد الباقي: شقيقي أبلغني بأنه سيسافر إلى ليبيا مع عدد من الشباب عن طريق مطروح، وسيسدد 30 ألف جنيه، وانقطع الاتصال بيننا وبينه، ولم نعلم بخبر وفاته إلَّا عن طريق أحد الجيران الذي أخبرنا بأن صورة بطاقته الشخصية متداولة على فيس بوك، وأنه ضمن المتوفين في رحلة السفر غير الشرعية إلى ليبيا، وأنه قرر عمل عزاء لشقيقه بعد فقدان الأمل فى عودة جثمانه من ليبيا، عقب تصريح المسؤولين في ليبيا بأنه تم دفنه وآخرين هناك. وفي قرية أبو العزائم التابعة لمركز سيدي سالم، شيع الأهالي جثمان الشاب محمد فؤاد الصعيد، 22عامًا، حاصل على دبلوم صنايع، وكان يعمل استورجي، بعدما استطاع ذويه إعادة جثمانه عن طريق أحد الأقارب بليبيا ودفع مبلغ مالي كبير هناك. وقالت هالة فؤاد، شقيقة المتوفى، إن شقيقها سافر ثالث أيام عيد الفطر ودفع 7 آلاف جنيه، وبعدها اتصلنا بأقاربنا هناك وأكدوا عدم وصوله، وبالبحث تبين وفاته في الصحراء بمنطقة طبرق، وأنهم عرفوا بوفاته في الأيام الأولى قبل تحلل الجثة، وبالاتصال ببعض الاقارب ودفع مبلغ مالي تمت إعادة جثمانه ودفنه بمقابر العائلة، بعد إنهاء الإجراءات في السفارتين الليبية والمصرية. وخيم الحزن على قرية تفتيش إصلاح شالما بمركز سيدي سالم؛ لوفاة السعيد إبراهيم محمد، 18 عامًا، أحد ضحايا رحلة السفر غير الشرعية، ويقول والده إبراهيم محمد: علمت بوفاة ابني عن طريق الإنترنت، ذهبت إلى السلوم في محاولة لإعادة جثمانه، إلَّا أني لم أستطع، مشيرًا إلى أنه تواصل مع مسؤولين في ليبيا وعلم صعوبة استلام الجثث لعدم تحرك أحد من الجانب المصري حتى تحللت الجثة. وأضاف والد المتوفى: ابني كان مسافر يبني حياته مع مجموعة من الشباب بعد فشلهم في الحصول علي فرصة عمل في بلادهم، ومرجعش ولا حتى جثته، وعليه العوض ومنه العوض.