شكل جديد من النجاح أصبح النجوم يعتمدون عليه، وهو الأرقام التي يحققونها على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء بنسبة المشاهدات للفيديوهات على «يوتيوب» و«فيسبوك» أو الصفحات الرسمية لهم، هذا إلى جانب التباهي بتجاوز أغنياتهم أو حلقات مسلسلاتهم ملايين المشاهدات خلال ساعات قليلة من طرحها. عودة «المعلم» سعد لمجرد أحدث هؤلاء الفنانين الذين يعيشون سعادة بعد طرح منتجه الجديد هو المغربي سعد لمجرد، الذي طرح، أمس الثلاثاء، أغنيته المصورة «LET GO»، والتي وصل عدد مشاهدتها على «يوتيوب» أكثر من 4 ملايين و425 ألف مشاهدة. يأتي ذلك رغم القضية الشهيرة ل«لمجرد»، واتهامه باغتصاب فتاة فرنسية، وإلقاء القبض عليه، ثم حبسه فى سجن فلورى بباريس لمدة 5 أشهر كاملة، إلى أن تم إطلاق سراحه مشروطًا بالإقامة الجبرية فى فرنسا، انتظارًا لمحاكمته بتهمة استعمال العنف مع الفتاة، لكن من الواضح أن الجمهور لم يعبأ بهذه القضية، وراح يشاهد الكليب الجديد لمطرب «معلم»، وهي الأغنية التي حقق بها «لمجرد» مشاهدات قياسية على موقع «يوتيوب»، وصلت إلى 517 مليون مشاهدة، وبعدها طرح كليب «غلطانة» محققًا 145 مليون مشاهدة. وهو الأمر الذي طرح عدة تساؤلات، منها هل أرقام مشاهدات «يوتيوب» خدعة؟ وهل يمكن اعتمادها كمصدر حقيقي لتقييم نجاح الأغاني أو الأعمال الفنية عمومًا؟ وكيف يمكن تقييم جودة ونجاح العمل الفني في عصر ال«سوشيال ميديا»؟ وهل سنحتاج لإقرار أسس جديدة في عالم النقد الفني؟ مشاهدات غير موثوق بها.. وكتيبة الفنان مشاركة الناقدة الموسيقية د.ياسمين فراج، اعتبرت أن نسبة مشاهدة الأعمال الفنية هي إحدى معايير نجاح الفنانين، لكنها ليست الفاصلة، لأنه قد يمتلك الفرد الواحد عدة حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعية، وفي الوقت المعاصر هناك ما يسمى ب«كتيبة الفنان»، التي قد تضم 100 فرد، يقومون بإنشاء نحو 1000 حساب، ويدعون آخرين يؤسسون حسابات بأسماء مختلفة، وهو ما جعل أرقام المشاهدات ليست مؤشرًا حياديًا، ولا موثوقًا فيه لمعرفة وضع كل عمل فني وصنّاعه. «طالما نتوارى خلف أجهزة صمّاء ومعتمدين على أسماء مستعارة فإنه بالتالي لا يوجد أية نتائج حيادية»، لذا لا ترى «فراج» أن «سوشيال ميديا» قد تفيد في تقييم الأعمال، وذكرت «قديمًا كانت هناك قيمة للنقد والتقييم من نواح عديدة كالموسيقى والكلمات وغيرها من العناصر التي أضيفت لها مؤخرًا «اللوك»، لكن للأسف الفنانون وضعوا النقاد جانبًا ومعهم الصحفيون أيضًا، وأصبح رأي الجمهور هو الأهم لديهم، وهو ما أثّر في النهاية على المنتج الفني لأن الجمهور ليس بالضرورة ذوقه راق، وأنا شخصيًا لا أثق في رأي الجمهور لأنه متغير». «سوشيال ميديا».. ليست دليلًا على النجاح الناقدة الفنية حنان شومان قالت، في تصريحات خاصة ل«التحرير»، إن هذه المشاهدات لا يمكن اعتبارها معيارًا لنجاح الأعمال الفنية، أو حتى لنجاح نجومها، موضحة «لا نعلم نية المشاهد الذي ضغط على اللينك الخاص بها لمشاهدتها، هل هو إعجاب أم مجرد متابعة أو حتى لأجل إبداء تعليق سلبي أو حتى إيجابي حولها، بالتالي لا يمكن اعتبار أن رقم «3 ملايين مشاهدة» هو دليل على نجاح الفنان الفولاني بأغنيته كذا أو بمسلسله كذا، والوضع نفسه بالنسبة ل«ريتويت» على موقع التدوين الصغير «تويتر»، فقد يكون الهدف منها نشر رأي صاحب التدوينة». وذكرت أن ال«سوشيال ميديا» هي إحدى العناصر الموجودة على الإنترنت، والمعروف في اللغة العربية باسم «الشبكة العنكبوتية»، ومعناه يفيد بأنه قادر على نشر الموضوع بسرعة الصاروخ، وهو تعبير مناسب لما يحدث فيه، وتابعت «المشاهدات ليست دليلًا على الإعجاب بقدر ما هي دليل على الاهتمام مثلا، إذ لا يمكننا الدخول في نوايا هؤلاء من قاموا بالمشاهدة، ربما يكون هذا الاهتمام سلبيًا مثلا في حالة سعد لمجرد قد تكون رغبة مشاهدي الكليب أن يشاهدوا هذا الشاب المغتصب في أحدث حالة له بعد خروجه من السجن، فقد تكون هذه هي وجهة نظر البعض». استمرار التفاعل مع العمل الفني بمرور السنوات هو الدليل الوحيد على نجاحه وجودته، هكذا ترى «شومان»، فكم من أعمال أو أحداث أو شخصيات قامت بخبطات فنية في بدايتها، ونالت شهرتها ليومين، إن جاز لها التعبير، وفجأة اختفت ولم يكتب لها النجاح، واستدلت على حديثها بكليب «ركبني المرجيحة» لدالي حسن، الذي حقق مشاهدات كبيرة أيضًا على مواقع التواصل، وبمرور الوقت سيتراجع الاهتمام به ليموت هذا العمل، إن اعتبرناه عملًا فنيًا، وقد لا يجد طريقه للشهرة لو لم يهتم به الإعلام. العبرة في القيمة الفنية والاستمرارية مواقع التواصل الاجتماعي وأرقام المشاهدات على يوتيوب هي وسيلة لم تكن تخطر على البال في رأي زين نصار، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، والذي يجدها واضحة من ناحية معرفة عدد الأشخاص الذين ضغطوا على زر للمشاهدة وإبداء الإعجاب أو العكس، لكن تظل العبرة في القيمة الفنية المقدمة في العمل، فإذا لم يكن لدى الفنان رصيد وقدرة وقبول لن يُكتب له الاستمرارية، كما هو الحال بالنسبة للنجوم الكبار أمثال محمد منير وعمرو دياب وعلي الحجار، فإذا لم يكون لديهم ما يقولونه لكانوا انتهوا، لكن شهرتهم تعود لأكثر من 30 سنة. الجيل الحالي هو جيل محظوظ في رأي «نصار» بهذه الوسائل، فهي مساحة لمن لديه شىء يرغب في إعلانه على الجمهور، وفرصة لعرض مختلف الأفكار، وتخدم فقط هؤلاء الموهوبين، وإن كان البعض قد أساء استخدامها، مثل هؤلاء أصحاب أغنيات «المهرجانات»، وإن لم تكن هذه الوسائل متاحة لما استطاع الجمهور التعرف على مقدميها، خاصة في ظل انتشار الأمية. نجومية مزيفة النجمة الكبيرة يسرا أبدت اندهاشها من التصريحات التي أطلقها صنّاع الأعمال الدرامية، التي تم عرضها في رمضان الماضي بأنهم رقم «1» من ناحية المشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلقت ساخرة «لما كلهم رقم 1 مين رقم 2»، ولفتت إلى أنها كان بإمكانها استئجار 1000 شخص يكتبون عن مسلسلها «الحساب يجمع»، وتدشين هاشتاج عنه، وتحقيق مشاهدات كبيرة له على الإنترنت، لكنها رفضت ذلك لإيمانها بوجود فرق بين النجم الحقيقي وغيره على «سوشيال ميديا» التي يوجد عليها من هم أصحاب نجومية مزيفة. وأعربت عن أسفها من بعض الأفراد، الذين ليسوا على علم بهذه اللعبة، ولن يتمكن من التفريق بين النجومية الحقيقية والمزيفة، وسيصدقون التصريحات التي يتم ترديدها حولهم.