قلصت المقاطعة العربية لقطر، سبل التكيف بشكل حاد، مما جعلها تعاني ضررًا كبيرًا من أزمة الأمن الغذائي، حيث باتت الأسر تتسارع على المحال التجارية من أجل إشباع احتياجاتهم السوقية حتى نفذت، لكن سرعان مابدأت الدوحة في البحث عن بديل خشية تفاقم الأزمة. لم يكن أمام أمير قطر خيارًا سوى طلب المساعدة من تركيا وإيران، حيث أجرى محادثات سريعة مع البلدين لتدبير إمدادات الغذاء والماء، بعد انقطاع أكبر مزوديها (الإمارات العربية المتحدة والسعودية) عن إرسال أي شحنات. الخطوة التي انتهجتها الدوحة، مهدت للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فرض نفوذه داخل منطقة الخليج العربي، و سمحت لإيران باتخاذ القطيعة كذريعة، واتفقت معها على دعمها غذائيًا، من أجل تحقيق مطامعها بالسيطرة على العالم الإسلامي. وفي هذا الصدد، أرسلت طهران 5 طائرات محملة بالمنتجات الغذائية إلى قطر، إضافة إلى إرسال 3 سفن محملة ب350 طنًا من المواد الغذائية لسد احتياجات السوق الشارع القطري. أما الجانب التركي، فشرع هو الآخر بإرسال أول سفينة تركية تحمل 4000 طن من المواد الغذائية، غير قابلة للتلف، إضافة إلى 105 طائرات محملة بالسلع. لكن السؤال الأهم .. هل ستحقق الدوحة اكتفاءًا ذاتيًا من السلع الاستراتيجية؟ في ظل الأزمة الراهنة، لا يبدو أن قطر يمكنها تحقيق ذلك الاكتفاء بالاعتماد على تركيا وإيران فقط، لذلك قررت مد جسور التعاون مع المزارعين المحليين بهدف تعزيز الأمن الغذائي المحلي. الرئيس التنفيذي لشركة "حصاد" الغذائية، محمد السادة، التابعة لجهاز قطر للاستثمار، أعلن عن مبادرة "اكتفاء"، حيث تهدف إلى حصاد الغذاء من خلال تقديم الدعم المطلوب للمزارعين المحليين غير المنتجين. وأوضح المسؤول القطري، أن الشركة قامت بالتنسيق مع عدد من الشركات في الدول الصديقة التي تتميز منتجاتها بالجودة العالية، لتوفير السلع التي يحتاجها السوق القطري بشكل ثابت وبأسعار مناسبة، وبالفعل وصلت أول شحنات هذه المنتجات إلى المحلات التجارية والسوق المركزي، ومنذ ذلك الحين تقوم "حصاد" بتوفير السلع بشكل يومي وبكميات تتماشى مع حاجة السوق، هذا بالإضافة إلى عمل الشركة على تكوين مخزون استراتيجي متجدد لبعض المنتجات المهمة. وتستهدف المرحلة الأولى من "اكتفاء" زراعة نحو 60 هكتارا، بإنتاج مستهدف يبلغ زهاء 5 آلاف طن سنويا، على أن تزيد هذه النسب تدريجيًا خلال المراحل القادمة، كما قامت بتوفير منتجات الألبان وبيض المائدة والدواجن والخضروات وغيرها من المنتجات المهمة من أكثر من 10 دول منها، تركيا، والكويت، وأذربيجان، وسلطنة عمان، ولبنان، وتتميز جميع المنتجات التي تقوم الشركة بتوفيرها بالجودة العالية، طبقا لمواصفات السوق المحلي. "مبادرة اكتفاء" تأتي في وقت تواجه قطر حصارًا، بعدما قطعت بعض الدول العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها إثر اتهامها بالإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة بشدة، كما أغلقت الدول الخليجية المنافذ البحرية والجوية والبرية أمام حركة المرور القطرية. تلك الخطوة قد تكون هي بوابة الأمل لقطر من أجل إشباع احتياجاتها دون اللجوء إلى الدول المقاطعة. وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال في تصريحات سابقة: إن "دولة قطر صامدة غذائيًا للأبد ولن تجوع"، مؤكدًا أنه تم التغلب على نقص بعض السلع الغذائية، موضحًا أن هناك خطة إستراتيجية لاعتماد قطر على نفسها في حال مواجهة الأزمات التي تحيط بها. يذكر أن منطقة الخليج تشهد توترًا كبيرًا على خلفية إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في الخامس من مايو، عن قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية مع هذه البلاد، حيث اتهمت هذه الدول السلطات القطرية بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، إلا أن قطر نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة".