زعمت صحيفة " ذا لوكال" السويسرية بأن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو تلقى طلبا من قبل 6 دول عربية هي مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا بضرورة نقل كأس العالم 2022 إلى دولة أخرى غير قطر. وأشارت تلك الدول -وفقًا للصحيفة السويسرية- إلى دعم قطر للإرهاب، وأن المشجعين لن يكونوا آمنين في تلك الدولة، مهددين بمقاطعة البطولة في حال لم يتم نقلها لأي دولة أخرى. ونستعرض في السطور التالية أبرز الأحداث الرياضية التي أقيمت في السابق وسط جدل كبير بسبب المشكلات السياسية التي عانت منها تلك البلاد التي استضافت الحدث، ولم يتحرك "فيفا" أو اللجنة الأوليمبية الدولية لنقل المنافسات إلى أي دولة أخرى: 1- مونديال إيطاليا 1934 تثار العديد من المشكلات حول اختيارات "فيفا" للدول المنظمة لكأس العالم، حيث لا يجد الاتحاد الدولي لكرة القدم أي مشكلة في منح شرف التنظيم لدول لا تمتلك سجلا إيجابيا يتعلق بحقوق الإنسان، كما هو الحال مع اختيار قطر لتنظيم مونديال 2022. وكانت بداية عملية اختيار "فيفا" للدول المنظمة لكؤوس العالم في عام 1928 عندما بدأت المناقشات حول هوية البلد الذي سيستضيف أول نسخة من المونديال، التي ذهبت إلى الدولة النامية في ذلك التوقيت أوروجواي، وهو ما أثار علامات استفهام عديدة وغضبا كبيرا حول ذك الاختيار، ليقرر "فيفا" بعدها منح إيطاليا شرف تنظيم النسخة الثانية من المونديال في عام 1934. وكانت إيطاليا في ذلك التوقيت تحت حكم الفاشي بينيتو موسوليني لأكثر من عقد من الزمان، الذي سيطر على البلاد بقبضة من حديد، وبالتالي لم تكن مفاجأة أن تكون النتيجة تنظيم واحدة من أسوأ نسخ كأس العالم على الإطلاق. وأقيمت حينها المباراة الافتتاحية على ملعب الحزب الوطني الفاشي وتغلبت إيطاليا حينها على الولاياتالمتحدة بنتيجة 7-1، في مباراة شهدت توجيه التحية في كل هدف للفاشي موسوليني الذي كان في المدرجات. وسمح للدولة المضيفة إيطاليا باختيار 4 لاعبين من الأرجنتين وآخر من البرازيل الذين سبق أن مثلوا منتخباتهم الأم، وتغاضى "فيفا" عن الشكوك العديدة التي أحيطت بعملية اختيار اللاعبين. كما شهدت البطولة قرارات تحكيمية مثيرة للجدل، حيث أكملت إسبانيا مباراتها أمام إيطاليا في ربع النهائي بسبعة لاعبين، بينما تعرض لاعبو تشيكوسلوفاكيا في المباراة النهائية لعنف كبير من لاعبي المنتخب الإيطالي تغاضى عنه حكم المباراة. وتوجت إيطاليا باللقب في نهاية المطاف، وطاف اللاعبون بالكأس في أرضية الملعب، في الوقت الذي قرر فيه موسوليني منح المنتخب الألماني كأسا خاصة ليشاركوا في الاحتفالات، على الرغم من احتلال ألمانيا حينها المركز الثالث في البطولة، وذلك بسبب العلاقات القوية التي كانت تربط بين موسوليني وهتلر حاكم ألمانيا في ذلك التوقيت. 2- أوليمبياد برلين 1936 إنصافًا للجنة الأوليمبية الدولية، لم يعلم أحد أن ألمانيا ستقع في قبضة حكم أدولف هتلر في عام 1936، وهي السنة التي حظيت فيها برلين بشرف تنظيم دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية. ولكن تولي هتلر حكم ألمانيا في عام 1933، وكانت اللجنة الأوليمبية الدولية تملك 3 سنوات لتغيير وجهة الأوليمبياد، إلا أنها لم تتحرك من أجل تغيير ذلك الوضع، وعلى العكس من ذلك توجه رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية في ذلك التوقيت هينري دى بايليه لاتور إلى ألمانيا في عام 1934 متفاخرًا ونافيًا وجود أي نوع من العنصرية في البلاد، كما هو معروف. وخرج هينري دى بايليه لاتور بتصريح عقب الزيارة أنه حتى لو كانت ألمانيا تعاني من العنصرية الفجة ضد اليهود، فهي مسألة ينبغي معالجتها خلف الأبواب المغلقة، وهي مسألة لا ينبغي أن تشغل بال اللجنة الأوليمبية الدولية. وخرج هتلر بعدها بجرأة كبيرة، مؤكدا أن الرياضيين اليهود لن يشاركوا مع الفريق الألماني في الأوليمبياد، وفكرت حينها الولاياتالمتحدة في مقاطعة البطولة، لتخرج اللجنة الأوليمبية الدولية وتؤكد أن كل دولة يحق لها اختيار الرياضيين الذين سيمثلونها في الدورة، وأن اللجنة الأوليمبية الدولية لا يحق لها التدخل في هذا الشأن. وعدلت الولاياتالمتحدة عن قرارها وشاركت في البطولة، إلا أن أفري برونديج، الرئيس المستقبلي للجنة الأوليمبية الدولية، طلب من الولاياتالمتحدة من وراء الكواليس إخراج اثنين من اليهود من الفريق الذي سيشارك في سباق 4 X 100 عدو للفرق. وفي الوقت الذي انزلق فيه العالم لبداية الحرب العالمية الثانية، أشادت اللجنة الأوليمبية الدولية بنجاح الدورة التي أضاءتها قوة هتلر وانضباطه، ومن ثم منحت اللجنة الأوليمبية الدولية حق شرف تنظيم النسخة التالية لليابان حليفة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، إلا أن اليابان قررت الانسحاب من التنظيم كون الدورة لا تهمهم بالشكل الكبير على الصعيد الدولي. 3- أوليمبياد مكسيكو سيتي 1968 في صباح يوم الثلاثاء من يوم 3 أكتوبر من عام 1968، خصصت صحيفة "جارديان" البريطانية الصفحة الرئيسية للجريدة للتعبير عن قلقها الكبير من إقامة الدورة في المكسيك بعد 10 أيام، وذلك بعدما قررت الحكومة المكسيكية رفع تكلفة وصلات الأقمار الصناعية، الأمر الذي دفع اتحاد البث الأوروبي إلى التراجع عن عقود البث التليفزيوني، الأمر الذي أثار القلق من عدم قدرة نحو 350 مليون شخص في القارة الأوروبية من متابعة الحدث. ومن بين الأمور الأخرى التي أثارت القلق في صحيفة "جارديان" البريطانية هو فتح القوات المكسيكية النار على نحو 15 ألف طالب نظموا مسيرة مناهضة للحكومة في مكسيكو سيتي. وفي اليوم التالي مباشرة لتقرير الصحيفة البريطانية، قررت المكسيك التراجع عن رفع تكلفة وصلات الأقمار الصناعية، وتوصلوا إلى اتفاق مع اتحاد البث الأوروبي، بعد شعوره بالقلق الشديد من إمكانية سحب التنظيم منها، بسبب ما أقدمت عليه تجاه مسيرة الطلاب التي شهدت مقتل ما بين 200 و300 طالب، فيما يعرف باسم "مذبحة تلاتيلولكو". ومع ذلك خرج رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية في ذلك التوقيت إفيري برونديج للإشارة بأن المظاهرات وأعمال العنف لم تستهدف في أي لحظة دورة الألعاب الأوليمبية، وأن تلك المجزرة هي شأن داخلي لا يثير القلق. وبدوره قال مراسل صحيفة "جارديان" جون رود الذي غطى تلك الأحداث بأن رد فعل اللجنة الأوليمبية الدولية كان غريبا للغاية، حيث اقتصر دور اللجنة الأوليمبية الدولية على نشر بيان صادر من الرئاسة المكسيكية نفت خلاله وجود أي عمليات لإطلاق النار، مكتفية بالإشارة إلى وجود محرضين يرغبون في إفساد الحدث. 4- مونديال الأرجنتين 1978 في الوقت الذي وجد فيه 10 أيام بين "مذبحة تلاتيلولكو" وبين بداية أوليمبياد 1968، كان أمام "فيفا" عامين لنقل كأس العالم 1970 من المكسيك، التي حظيت بشرف استضافته في عام 1964، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم سلك الطريق المعتاد من خلال التغاضي عن الأمر، لذا كان من البديهي أن تستضيف الأرجنتين مونديال 1978 دون النظر إلى اعتبارات سياسية يشهدها البلد. وحصلت الأرجنتين على حق استضافة مونديال 1978 في عام 1966، وحينها كان من الصعب توقع حدوث انقلاب عسكري في الأرجنتين الذي أدى إلى الإطاحة بالحاكم إيزابيل بيرون لصالح الجنرال جورج فيديلا في شهر مارس من عام 1976. وأصدرت بعدها منظمة العفو الدولية تقريرًا عن عمل النظام الحاكم في الأرجنتين على خطف المعارضين، إلا أن "فيفا" لم يتحرك أيضًا لنقل البطولة إلى أي دولة أخرى على الرغم من امتلاكه نحو عاما ونصف العام. وقبل انطلاق المونديال كتبت صحيفة "بوينس آيرس هيرالد" أنه من المستحيل التظاهر بأن حقوق الإنسان تحترم في الأرجنتين بعد مرور عامين دون وجود أي حلول للأزمة، فهناك العديد من الآباء والأبناء والزوجات الذين تم اختطافهم دون أن يعلم أي شخص مكانهم، حتى بدأ الشعب الأرجنتيني يفقد الأمل وأصبح أقصى أمنيته أن يدرك ما إذا كان أقاربهم لا يزالون على قيد الحياة أم لا.