الأديب المحترم د.علاء الأسوانى.. قرأت المقال الذى نشرته بعنوان "كيف نتعامل مع الخيانة؟" بموقع "DW" فى 20/6/2017، ولم تدهشنى قصة هذا الشاب على الرغم من غرابتها، وذلك لأننى أعرفها جيدا بكل تفاصيلها. فقد تعرفت على هذا الشاب وأسرته منذ عام ٢٠١١، ووجدته شابا مثقفا ذكيا، يملك ضميرا حيا ووعيا صادقا، يملؤه الأمل والرغبة فى حياة أفضل له ولغيره. وعهدت منه التضحية من أجل المبادئ ونصرة الحق، ولذلك أتفهم جيدا انفعاله من أجل أخيه وحرصه على كشف الحقيقة أكثرمن حرص الزوج نفسه، مع تحفظي على مفهومه لشرف العائلة واختصاره فى خيانة الزوجة فقط دون كل ما اقترفته سابقا فى حق الكثيرين. وأود أن أوضح أن رضوخ وخوف العائلة منها هو السبب فيما وصل إليه حالهم الآن. إننى أعرف جيدا زوجة أخيه التى تمكنت لفترة من خداعى أنا وآخرين كُثر بأنها سيدة مخلصة وفاضلة، ولكننى فوجئت مثل غيرى ومثلما تفاجأ هذا الشاب النبيل بخيانتها وكذبها. وبحكم تجربتى معها، أود أن ألفت نظرك إلى ما لم يقله لك الشاب عن هذه الزوجة، ربما خجلا من مدى انخداعه بها سابقا. إن حقيقة هذه الزوجة على العكس تماما من كل ما قاله زوجها للدفاع عنها وليست الخيانة هى إثمها الوحيد. فقد قامت بتبديد ممتلكات ومدخرات الزوج والأسرة بالإنفاق فى استثمارات خاسرة غير مدروسة، وبالتبذير على مظاهر كاذبة وحفلات ومشتريات لا حاجة لها، وتسببت فى إفقار وانحدار مستوى معيشة الزوج والأسرة بسبب سوء تدبيرها. كما أنها لجأت إلى الاقتراض من الجيران والمعارف، وجعلت الأسرة مدينة للجميع بمبالغ طائلة لا يعلم إلا الله كيف ستتمكن من الوفاء بها، فأصبحت الأسرة تعيش فى انكسار وخزي بعد أن كانت تحظى من قبل بالاحترام والتقدير من الجميع. أتوقع سيدى العزيز أنك الآن تتعجب من كل ما سردته لك، وتتساءل فى نفسك فى دهشة كبيرة: "كيف للزوج أن يتركها تفعل كل ذلك دون محاسبة؟ بل وكيف أنه بعد كل ما اقترفته من كوارث ما زال متمسكا بها ويقوم بالدفاع عنها ويصفها لأخيه بأنها زوجة رائعة؟". أجيبك بأن كيدهن عظيم. فهى لا تعجزها وسيلة للتحايل والتبرير وتستخدم كل أسلحة مكر النساء المتاحة لها، تارة بالاستكانة والمحن والبكاء، وتارة أخرى بالتهديد والتخويف والترهيب، وقد نجحت عن طريق ذلك فى جعل الزوج والأبناء أسرى للخوف. فهى تقوم بإيهامهم دائما بأنها هى التى تحميهم من تربص الجيران والديّانة وفتوات الشارع بهم، وتعيرهم بفقرهم -على الرغم من أنها هى التى أفقرتهم وما زالت تستولى وتتحكم فى كل موارد الأسرة- فأصبحوا بمنتهى السذاجة لا يرون أو يتغافلون عن الأذى الكبير الذى تلحقه بالأسرة. ويتبارى بعضهم - خاصة أولئك المحظيين لديها الذين تشترى سكوتهم ومساندتهم لها ببعض مما تستأثر به من أموال العائلة- فى الدفاع عنها وعن أخطائها المتكررة التى لا تُغْتَفر، ويدافعون عنها إذا انتقدها أحد، بل يتهمونه بالشر ومحاولة الوقيعة وهدم الأسرة، مثلما حدث مع هذا الشاب أخي الزوج صاحب المشكلة. فمن يفهم ألاعيبها يصبح هو الخائن، ومن يكشف كذبها يكون سيئ النية الذي تتهمه بأنه مسلط عليها من الجيران لخراب بيتها. أحذرك سيدى الفاضل من أن تنخدع بنعومتها ووداعتها المتصنعة، لأنها فى الحقيقة امرأة جبارة متسلطة، تسيء معاملة من يتجرأ على مخالفتها فتنكل به حين يعارضها أو يحاول تنبيه إخوانه وزوجها المخدوع إلى الكوارث التى لحقت بالعائلة من جراء أفعالها. هى الآمر الناهى فى العائلة كلها، تتشبث برأيها دوما دون استشارة أحد ودون الرجوع للزوج أو أحد من أفراد الأسرة، ويخيل إليها دائما أنها تعرف كل شيء وتفقه فى كل شيء، مع أنها تتميز بذكاءٍ محدودٍ بدا مؤكدا من طريقتها فى معالجة الأمور، وصار واضحا ومفضوحا من أسلوبها فى الحديث فى المرات القليلة التى أجبرت نفسي على الاستماع إلى حديثها غير المفهوم للنهاية. فلا تسمع فى أى كلام لها سوى همزات ولمزات، وإشارات مبهمة وأسلوب مبتذل فى النحنحة والاستعطاف لا ينطلى سوى على المغيبين أمثال زوجها المغدور الذى تسبب هيامه وافتتانه بها فى أن يجعلها لا ترى إلا نفسها وتغتر بقوتها ومكانتها لديه. فالزوج اعتاد على حياته على الرغم من كل هذه المساوئ ولا يريد تغييرها، كما أن تكرار فشله فى زيجاته من قبل وكرهه الشديد لزوجته السابقة جعله يتمسك بالزوجة الجديدة على الرغم من كل مساوئها. لا أدرى د.علاء بماذا أنصح هذا الشاب، فهو قد تحمل الكثير من أجل إنقاذ عائلته من أذى هذه السيدة، لكى يستطيعوا رفع رؤوسهم مجددا وسط جيرانهم ومعارفهم، فما ناله إلا التكذيب والاتهامات بالفتنة وخراب البيوت كما حكى لك. كما أننى أخاف وأشفق عليه من شرورها وما تستطيع أن تفعله به، مثلما فعلت مع من تعرض لها من قبل. والأسوأ من كل ذلك هو الزوج نفسه الذى ينبرى للدفاع عنها ويختلق لها أية أعذار لتجميل صورتها المشوبة بالكذب والخداع وسوء التصرف والقسوة، ومؤخرا بالخيانة التى أقدمت عليها لتأكدها من أن أحدا لن يجرؤ على مواجهتها. لا أدرى أى الخيارات الثلاثة التى عرضتها فى نهاية مقالك هى الأصوب، ولست على يقين بما ينبغى أن ننصح به هذا الشاب، لأن أسرته غريبة تُكذب من يكشف لها الحقيقة وتصدق وتُجِل المُستبدة الكاذِبة. عائلة استقرت على قبول الواقع وتكره التغيير حتى لو كان للأفضل. وبين نطاعة الزوج وخوف الأبناء، يُظلم ويُهان من يثور لكرامة العائلة. وعلى الرغم من ذلك فلا يسعنى إلا أن أنصح الشاب بما كنت سأفعله أنا شخصيا. سأنصحه بألا ييأس وأن يتمسك بموقفه، لأننى أؤمن بما قاله لي ناصحا شيخٌ وصديقٌ أُجله وأحترمه عندما شكوت له يوما من شعورى باليأس: "الواحد يا بنتى يعمل اللى عليه واللي يرضي ربنا ويرضي ضميره، بصرف النظر عن النتيجة المباشرة، فالأمر بيد الله وهو سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، على الأقل الواحد لا يفقد احترامه لنفسه". لا أظن أن هذا الشاب يجب أن يصمت حتى لا يصبح شيطانا أخرس، لأن الشياطين مصيرها معلوم ولو بعد حين. ستتغير الأمورحتما وسينكشف أمرها ويفيق الزوج والأسرة يوما ما، ولكن آمل أن يحدث ذلك قبل ضياع كل شيء. مقال د. علاء الأسواني