بدأت احتمالية عزل الرئيس الإيراني حسن روحاني، تلوح في الأفق، بعد تحذير المرشد علي خامنئي، له من تقسيم المجتمع الإيراني، وتلميحه بخيار تكرار العزل السياسي للرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر. واعتبرت وسائل إعلام إيرانية أن هذه التصريحات تشبه التحذيرات التي وجهها الخميني مرشد الثورة الأول، إلى بني صدر، وهو أول رئيس إيراني منتخب، والذي عُزل من منصبه عام 1980، ويعيش في منفاه بباريس منذ أربعة عقود. وأكد خامنئي في كلمته التي ألقاها بحضور رؤساء السلطات الثلاث وكبار المسؤولين الإيرانيين، أن القطبية وتقسيم المجتمع إلى شقين، تجربة خطيرة مضرة بمصالح البلاد، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا". واتهم خامنئي المفاوضين بالملف النووي بالتنازل بسبب الثقة بكلام الطرف الآخر، وقال إن النتيجة كانت "استغلال العدو للثغرات الحاصلة الآن". ودعا المرشد إلى أن "رسم حدود واضحة مع العدو" يوفر الأرضية للوحدة الوطنية، مضيفاً أنه "على المسؤولين رسم حدود جدية مع العدو الخارجي وأذنابه في الداخل"، على حد قوله. ويأتي تحذير خامنئي والتذكير بإمكانية عزل الرئيس لعدم الأهلية السياسية، في فترة تشهد تصعيدًا في نبرة الحوار المتبادل بين خامنئي وروحاني، رغم تراجع شعبية روحاني نسبيًا بعد فوزه بفترة رئاسية ثانية. وتصاعد الخلاف، بعدما خالف روحاني قرار المرشد بإيقاف تنفيذ وثيقة اليونسكو 2030 التعليمية والتي تهدف إلى ضمان توفير فرص تعليم متساوية للجميع، والتي يعتبرها المتشددون في إيران بأنها تشكل تهديدا لقيم الثورة الخمينية، من حيث المساواة في التعليم بين الجنسين وإلزامية تعليم اللغات وإدراج حقوق الإنسان والحريات في المناهج التعليمية. في سياق آخر، دافع المرشد الإيراني علي خامنئي، عن الإعدامات الجماعية ضد السجناء السياسيين في صيف عام 1988 وذلك ردًا على اتهام روحاني لإبراهيم رئيسي، منافسه في الانتخابات السابقة، بأنه لم يتوقف عن الإعدامات والقتل طيلة 38 عامًا، في إشارة إلى دور رئيسي في المناصب القضائية العليا، وعضويته في لجنة الموت التي نفذت الإعدامات بالثمانينيات. ويحاول روحاني أن يتبرأ من مجازر النظام وتاريخه الدموي وكذلك خطاب المتشددين الصدامي مع الغرب، رغم أنه تولى أرفع المناصب الأمنية والسياسية في البلاد منذ الثورة عام 1979، وأن وزير العدل في حكومته مصطفى بور محمدي، أحد أعضاء "لجنة الموت" سابقًا. ويحاول الرئيس الإيراني الاستمرار بطريق التفاوض والانفتاح على الغرب لإخراج إيران من العزلة الدولية، كما أن هناك حديثًا عن مشروع لديه للتفاوض مع دول المنطقة في بداية تسلمه ولايته الثانية، لكنه لم يوفق كثيرًا في مساعيه لأسباب عدة من بينها عدم تحقيقه شعاراته خلال 4 سنوات من ولايته، سواء حول الانفتاح على الجوار وإنهاء التدخل في دول المنطقة، أو داخليًا بما يتعلق بالحريات وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومنح القوميات والأقليات الدينية حقوقها. ويرى المحللون أن الاتفاق النووي، وهو الإنجاز الوحيد لروحاني، بات في مهب الريح، بسبب عدم التزام إيران ببنود الاتفاق، خاصة فيما يتعلق ببرنامج طهران الصاروخي وانتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار التدخل العسكري الإيراني ودعم الإرهاب في المنطقة. من جانبه، انتقد خامنئي تأكيد روحاني على "العقلانية" في خطاباته، وقال إنه "في أوقات نسمع البعض يكرر شعارات العقلانية ضد الشعارات الثورية٬ وكأن العقلانية النقطة المضادة للثورية". وجاءت تلك التصريحات في سياق تصاعد الصراع بين الشعارات الثورية التي تمثل خامنئي والأجهزة التابعة له بما فيها الحرس الثوري والتيار المحافظ٬ وبين الشعارات التنموية التي يرددها التيار الإصلاحي المعتدل المتمثل بحكومة روحاني.