رئيس الهيئة الوطنية: اتخاذ جميع الإجراءات القانونية بشأن المخالفات حتى لو تطلب ذلك إلغاء الانتخابات    رئيس الحركة الوطنية: توجيهات الرئيس تعيد ضبط المشهد الانتخابي .. وتضع الحق فوق كل اعتبار    مصر والصين.. شراكة استراتيجية تتوسع إلى التصنيع المشترك والطاقة المتجددة    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    البنك الدولي: 60 % من الأسر في اليمن محرومة من الغذاء بسبب الحرب وتراجع الدعم    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    انطلاق مباراة منتخب مصر «الثاني» والجزائر الودية    رحيل جراديشار.. موقف ديانج.. مصير بيزيرا.. وصفقة الزمالك والبنك| نشرة الرياضة ½ اليوم    الوطنية للانتخابات: إبطال الأصوات في إحدى اللجان الفرعية بسبب بدء الفرز قبل انتهاء التصويت    طقس الغد.. تغيرات في درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 26    انهيار وصراخ ورفض أدلة.. ماذا جرى في جلسة محاكمة سارة خليفة؟    عرض "الجولة 13" لأول مرة ضمن مسابقة آفاق السينما العربية الليلة    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    الأطباء أوصوه بالحصول على فترة راحة.. تحسن ملحوظ في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    متحف شرم الشيخ ينظم ورشة «حماة التراث» بمشاركة مصريين وأجانب    لا تُجيد القراءة والكتابة.. الحاجة فاطمة تحفظ القرآن كاملًا في عمر ال80 بقنا: "دخلت محو الأمية علشان أعرف أحفظه"    رفض علاجه في بلده، مريض أجنبي يلجأ لمستشفى هليوبوليس لاستئصال ورم ضخم بالبطن    الصحة تعلن نتائج حملة قلبك أمانة للكشف المبكر عن أمراض القلب بشراكة مع شركة باير لصحة المستهلك    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    التنسيقية : إرادة المصريين خط أحمر .. الرئيس يعزز ثقة الشعب في صناديق الاقتراع    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    تعرف على حورات أجراها وزير التعليم مع المعلمين والطلاب بمدارس كفر الشيخ    مقتل 18 شخصا جراء الانهيارات الأرضية في إندونيسيا    من هو إبراهيما كاظم موهبة الأهلي بعدما سجل ثنائية فى الزمالك بدوري الجمهورية ؟    الزمالك يشكر كل من قدم العزاء في رحيل محمد صبري    أهالي قرية ببني سويف يطالبون بتعزيز من «الإسكان» قبل غرق منازلهم في الصرف الصحي    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    القاهرة الإخبارية: اللجنة المصرية بغزة أقامت بمفردها 15 مخيما لمساعدة أهالي القطاع    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    اعرف عقوبة التلبس بمخدرات للتعاطى.. بعد ضبط شادى ألفونس وبحوزته ماريجوانا    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    موعد التصويت بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    جولة مفاجئة لوزيرالتعليم في مدارس كفر الشيخ    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    توفير 4202 فرصة عمل جديدة للخريجين ب 14 محافظة    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    الإسماعيلية تنظم احتفالية افتتاح النصب التذكاري للدفاع عن قناة السويس اليوم    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    أسعار الدواجن والبيض في مصر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    اسعار اللحوم البلدى والمجمده اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى مجازر وأسواق المنيا    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    هاني ميلاد: أسعار الذهب تتأثر بالبورصة العالمية.. ومُتوقع تسجيل أرقام قياسية جديدة    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصخب الصامت.. جمال فهمي
نشر في التحرير يوم 10 - 02 - 2014

ماذا يفعل الكاتب حين يجلس ليكتب فيجد قريحته فارغة ناضبة تكاد تتشقق من الجفاف والخواء؟
الإجابة المنطقية طبعًا أن يكف فورًا عن «المعافرة» فيريح ويستريح، غير أن الراحة ترفٌ لا يملكه أمثالنا الذين لا يكتبون من باب الهواية، وإنما كواجب وظيفى لو امتنعوا عنه امتنع عنهم الرزق، بينما لم يتدربوا كفاية على فنون العمل بمهنة «المكوجى» كما تعوذهم مواهب النشالين، وفاتهم قطار الهجرة إلى مباحث التموين أو مغارة «سياسات» نجل الرئيس.
والكتابة عمل مضنٍ إذا التزم القلم بقيود ومقتضيات الصدق والضمير، لكنها فى سهولة «الإسهال» وتلقائية «التبول اللا إرادى» عندما تستحيل نفاقًا يتوسل بالجهل ويتغياه، وسباحة فى بحر الكذب والتضليل الذى هو بغير شطآن، غير أن الكتابة عمومًا إبداع له خصائص الكائن الحى الذى تتجدد خلاياه بالضرورة من صيرورة الحياة فى المجتمع وغناها بالتنوع، وعندما تأتى عليه كل إشراقة شمس بشىء فيه جدة. والكتابة كما أى شىء آخر تزوى وتموت فى أجواء الجمود العطنة، وعندما يسود الملل وتهبط الرتابة بثقلها على الناس والأحداث ويتفشى الجدب والضجر ويستحيل المشهد المجتمعى إلى «طبيعة صامتة» أو صورة التقطت من الفضاء البعيد لخرابة يسكن فيها الحطام والركام والأوساخ من كل نوع (مثلا عصابات القتل والإجرام السارحة الآن فى طول البلاد وعرضها لم تهبط علينا فجأة من السماء، وإنما هى نبت شيطانى نما وترعرع فى بيئة تراكم فيها القبح والبؤس والفساد على مدى عقود طوال) هذه الخرابة ربما تبدو أحيانا وكأن الذباب- حتى الذباب- هرب منها وهجرها وحرمها من صوت طنينه وتركها تغرق فى صمت صاخب أو صخب أخرس!
فى حالة من هذا النوع من أين يأتى الكاتب (أى كاتب) مهما علت همته وتفوقت مؤهلاته ولمعت أدواته بالقدرة على مقاومة النضوب والفشل والعجز عن أداء وظيفته؟! هذا الكلام ليس- والله العظيم- تبريرًا من العبد لله، لكنه بوح وشكوى، هى أيضا ليست جديدة، بل معادة ومكررة، ما يضاعف الآن إحساسى بالألم والشعور بالذنب، إذ اتخذت منها مضطرًّا موضوعًا لكتابة سطور اليوم بعدما أعيتنى الحيل وقادتنى تأملاتى اليومية (بحكم المهنة) فى أحوال وأوضاع مجتمعنا ولوحة الفوضى الغارق فيها إلى اعتقاد راسخ بأننا قفزنا وسكنَّا تمامًا فى قلب مسرحية من مسرحيات العبث واللا معقول.
يقول شارحو ومنظرو مسرح العبث إنه آل على نفسه مواجهة وتعرية عبثية ولا معقولية واقع الحياة الإنسانية وجدبها وزيفها عن طريق محاكاة هذه الحقيقة المرة ونقلها عارية على خشبة المسرح بغير ذواق كاذب باستخدام تناسق ومنطقية درامية تفتقر إليها الحياة خارج قاعة العرض، لذلك وضع «صمويل بيكيت» أبطال إحدى مسرحياته وسجنهم فى «براميل» فلم تظهر من أجسادهم غير الرؤوس وظلوا يتبادلون- فى ظلام شبه تام- الصمت، وكلمات بلا معنى ولا سياق حتى انتهت المسرحية!
ويصور «جان جينيه» فى مسرحيته «الخادمتان» هروب بطلتيه من حياة الانسحاق والعدم التى تعيشانها فى الحقيقة إلى أكاذيب تلقيها كل منهما على مسامع الأخرى، بينما تتقمصان- بالتبادل- دور سيدة البيت فى لعبة مكشوفة ولا نهائية تتباريان فيها حتى يسدل ستار المشهد الأخير!
والفكرة الأساسية فى مسرح العبث هى الفوضى الشاملة وأن لا شىء فى مكانه وأن حياة الناس تمضى آلية ورتيبة وفى حلقة مفرغة تجعل «اللى نبات فيه نصبح فيه» هو اليقين الوحيد فى واقع ثابت بقسوة لدرجة العدم، فالأعمار تفنى والأجيال تطلع ثم سرعان ما تخبو وتندفن، بينما الأحداث تتكرر والأنباء والأخبار تعيد إنتاج نفسها فيستحيل الوجود الإنسانى فراغًا يولد من فراغ.
نلتقى غدًا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.