مشروع فيلم تشويقى رومانسى تحول إلى مباراة للصراخ والأداء المفتعل بين الممثلين تحدٍّ صعب لأى مخرج تقديم فيلم سينمائى فى ديكور واحد، وأن يكون هذا الديكور منزلا مغلقا بعيدا عن أى أجواء طبيعية تمنح الصورة السينمائية قدرا من الحيوية، وقد لعب ديكور رامى دراج وصورة سامح سليم فى فيلم «جرسونيرة» دورهما فى شغل الكادر وخلفية الأحداث أكبر وقت ممكن، لكن بمرور الوقت وألفة العين ديكور الفيلا الفخم ينتهى الإبهار البصرى المؤقت، ويصبح السيناريو الضعيف للغاية، والأحداث الكسولة والأداء الزاعق للممثلين، وحالة الحزق الدرامى العبثى عبئا على كل مجهود بذله المخرج هانى جرجس فوزى، وقد بذل بالفعل مجهودا وكانت نيته صنع عمل درامى تشويقى نفسى، ولكن النيات الحسنة لا تصنع أفلاما جيدة بالضرورة. منذ بداية الفيلم ونحن نتابع صوت أفكار البطلة غادة عبد الرازق، التى تعبر عن مشاعرها المحبطة من دور العشيقة لسفير سابق، ورئيس حزب يلعب دوره نضال الشافعى، وحتى نهاية الفيلم لا نفهم لمَ تشكو عشيقة من علاقة قائمة على تبادل المتعة بالمال؟ ولماذا تندهش حينما يبدو عشيقها أنانيا حينما تكون حياتهما معا على المحك؟ فلا يوجد تاريخ عاطفى بين الطرفين أو تحول فى طبيعتها يبرر النقمة المفاجئة للعشيقة، البطل متزوج ولديه أولاد وعمل سياسى وعلاقته بالعشيقة مجرد نزوة نفعية يعرف كل طرفيها حدودها، هذه الأزمة المفتعلة للعشيقة هى محور كل تصرفات البطلة ودافع خطتها فى الفيلم، ولأن ما بنى على باطل فهو باطل، فكل تفريعات هذه الأزمة وتطوراتها الدرامية لا تقل بطلانا وعبثا. فى ليلة مليئة بالجدل بين العشيقين يقتحم منزلهما لص غريب الأطوار لتدور بين الثلاثة صراع يخفى كثيرا من الخداع والتآمر، الأمر يبدأ بسرقة بالإكراه ليتطور إلى إجبار اللص للعشيقين على التصوير فى وضع مخل، والأحداث تنقلب رأسا على عقب حينما نعلم لاحقا دور العشيقة فى تدبير الأمر مع اللص، وهى إضافة عبثية أخرى لشخصية العشيقة التى تخطط لسرقة عشيقها انتقاما منه، لأنه يعاملها كعشيقة! الفيلم الذى يفاجئنا بسرقة أفيش الفيلم الأمريكى «Illuiosion» به كثير من الشبه بأحداث فيلم «Trespass» من بطولة نيكول كيدمان ونيكولاس كيدج فى دور زوجين يعانيان من حالة فتور عاطفى يتعرضان لحادثة سطو، يقوم بها فنى صيانة، كان يتردد على منزلهما. الفيلم الأمريكى متواضع المستوى، ولكن السيناريو به كان أفضل حالا من سيناريو حازم متولى الملىء بالثغرات والرتابة، على الأقل فى الفيلم الأمريكى ارتدى اللص قناعا حتى لا يتعرف عليه أصحاب الشقة، بينما وقف لص «الجرسونيرة» أمام سفير وسياسى ورجل له علاقات دون محاولة إخفاء ملامحه، وكثير من التفاصيل النفسية وردود فعل غادة عبد الرازق قد تكون مبررة لو كانت زوجة مثل الفيلم الأمريكى لا عشيقة. الفيلم فشل فى التشويق ودفع المشاهد إلى الاستمرار فى متابعة الفيلم، ورغم المفاجآت التى تقلب الأحداث وطبيعة الأدوار فى نهايته، فإنها لا تقدم ولا تؤخر، المشاهد تحمل كثيرا من المط والصراخ المفتعل والأداء المتصنع لثلاثة ممثلين حوصروا فى غرفة واحدة بحوار ركيك وأحداث ضعيفة، وبدأ كل واحد منهم يحاول ضخ الحيوية فى هذا الضعف الدرامى بأداء متصنع، أسوأه أداء نضال الشافعى الذى لم يكن مقنعا فى شخصية السياسى الدبلوماسى، الذى وجد نفسه فى مأزق يهدد مستقبله. وعلى الجانب الآخر يهدر منذر رياحنة طاقته بأداء كاريكاتورى يحاول فيه صنع بصمة لشخصية اللص بمنحها ملامح المختل النفسى دون ضرورة أو خلفية شخصية تدعم هذا السلوك. غادة عبد الرازق المشاركة بالطبع فى هذه المهزلة الدرامية وتتحمل كثيرا من المسؤولية عنها كانت أقل الممثلين عصبية وتشنجا، ولم تضف رقصتها وبعض مشاهد الإغراء أى شىء للفيلم، وكانت مقحمة فى وسط أجواء متوترة أو يُفترض أن تكون هكذا.