متفائل جدا باللقاء الذى جمع بين الرئيس عدلى منصور وممثلى شباب الثورة أول من أمس. كنت قد تمنيت بعد أن اجتمع الرئيس بممثلى الفلاحين أن تمتد اللقاءات إلى الشباب والعمال بالذات، للحوار حول قضايا الساعة وخريطة المستقبل، ولحصار المشكلات قبل أن يستغلها أعداء الثورة. اجتماع الرئيس بالشباب أول من أمس هو الأول من سلسلة اجتماعات ستمتد لتشمل كل القوى السياسية وممثلى المجتمع بكل أطيافه الفكرية والثقافية والاقتصادية.. الحوار مطلوب، والحرص على تحالف الثورة فى هذه الظروف لا بد أن تكون له الأولوية. البدء بالحوار مع الشباب له معناه، واتساع دائرة النقاش له أهميته، فلا يمكن الوصول إلى التوافق المطلوب على خطوات المستقبل دون نزع الألغام التى زرعت فى الطريق بجهد أعداء الثورة وفلول الإخوان، أو بأخطاء وقعت من السلطة، أو بمراهقة سياسية من البعض الذين لا يريدون أن يستوعبوا ما حدث بعد 25 يناير، عندما افترقت الطرق، فسرقت الثورة وكادت الدولة تنهار. المهم أن يتواصل العمل، وأن يدرك الجميع أننا فى مرحلة تأسيس للنظام الذى نريده لمصر، والذى نأمل أن يعبر بها نحو التقدم والنهضة.. والمهمة ليست سهلة فى ظل التحديات التى نواجهها، والمؤامرات التى لا تتوقف من إخوان المولوتوف وأنصارهم فى الداخل، ومن الذين يزعجهم فى الخارج أن تعود مصر إلى دورها ومكانتها. مهمتنا جميعا فى هذه المرحلة -بعد استئصال الإرهاب- أن نفتح الباب لكى يكون الحكم بيد قوى الثورة الحقيقية، وفى القلب منها هذا الشباب الذى ضحى وقاوم واستطاع أن يكون طليعة الثورة فى 25 يناير، وأن يكون أيضا صاحب المبادرة فى 30 يونيو التى أسقطت الفاشية واستعادت الثورة، وأنقذت مصر من مخطط إعادتها لظلام القرون الوسطى. قبل أيام، وفى لقاء مع السيد عمرو موسى كان يتحدث فيه عن مشروع الدستور، وكانت إحدى العلامات البارزة التى استوقفتنى فى حديثه إشادته بتجربة الشباب من أعضاء لجنة الخمسين، ومدى نضجهم السياسى، وقدرتهم على المساهمة فى تحقيق التوافق. كان المعنى أن الشباب قادر على النجاح إذا وجد الظروف المناسبة، وأن علينا -وكما قلت مرارا- أن نكرر تجربة لجنة الخمسين فى كل المجالات.. أى أن نمتلك القدرة على الحوار، وعلى إدارة الخلافات بما يقوى تحالف الثورة ولا يشق الصفوف، وأن نعمل جميعا من أجل المستقبل، وأن ندرك أن المستقبل بيد الشباب. علينا أن نتفهم جيدا أن الدولة كلها «لا الحكم فقط» كانت قد شاخت وتيبست مفاصلها قبل الثورة.. لا فرق فى ذلك بين حكومة ومعارضة، ولا بين يمين ويسار.. وكم صرخنا من حالة «الاغتراب» التى يعيشها الشباب فى وطنه ومن خطر استقطاب شبابنا من التيارات الظلامية فى ظل الظروف السيئة التى يعيشها، بينما الحكومة تحاول تبرئة ذمتها بوزارة شباب تتوقف مهمتها عند مراكز شبابية مهجورة، أو جهاز رياضة لا يهتم إلا بمباريات الكرة وصراعات الأهلى والزمالك! منذ سنوات طويلة كنا نطالب بمجلس أعلى للشباب يرأسه رئيس الحكومة ويضم الوزراء المختصين والخبراء المؤهلين لوضع خطط التعامل مع قضايا الشباب التى تلتزم بها كل الوزارات.. سواء فى المجال الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو التعليمى. الآن يبدو الأمر مطلوبا بشدة وممكن التحقيق.. لكنه لا بد أن يكتمل مع جهد آخر ينبغى أن يبذل للتعامل مع الشباب وتأهيلهم لمواجهة تحديات المستقبل من خلال مؤسسة أو مفوضية تكون ساحة للحوار ومكانا لاستكمال مقومات القيادة وترسيخ أسس العمل من خلال توافق عام على أهداف الثورة وبناء الدولة الحديثة. وإذا كان تمثيل الشباب فى البرلمان القادم يجرى بحثه فى إطار ما قرره الدستور، وفى ظل إدراك الأحزاب السياسية بضرورة وجود الشباب على قوائمها.. فإن الخطوة الأساسية لا بد أن تكون من خلال هيمنة الشباب على غالبية مقاعد المجالس المحلية، حيث البداية الحقيقية للعمل السياسى، وسط الجماهير، وحيث المصنع الأساسى لقيادات المستقبل التى يجرى تصعيدها بعد ذلك لتحتل مكانها فى البرلمان والحكومة. مصر التى نسعى لبنائها لا بد أن تكون أكثر شبابا، وأكثر تمثيلا للثورة، وأشد انتماء للمستقبل.