كتب- شيماء محمد: فى يوم 27 ديسمبر الماضى نشرت جريدة "شهروند" الإيرانية الرسمية تقريرًا مصورًا عن عدد من الإيرانيين الفقراء يعيشون داخل إحدى المقابر (مقبرة ناصر آباد) فى بلدة شهريار الواقعة فى محافظة طهران. وأشارت الصحيفة فى تقريرها إلى أن هناك ما يقرب من حوالى 300 شخص من الرجال والنساء والأطفال يعيشون داخل تلك القبور، وأحيانا يصل العدد إلى أربعة أشخاص يعيشون فى مقبرة واحدة. الفقراء والمشردون ليسوا بالأمر الجديد على إيران، ففى أكتوبر الماضى كان قد أعلن رئيس بلدية العاصمة طهران محمد أحمد باقر قاليناف، أن هناك أكثر من 15000 ألف من المواطنين الفقراء ينامون فى علب الكارتون بشوارع العاصمة، وأن من بينهم فتيات تصل أعمارهن إلى 17 عامًا. لكن الجديد هو لجوء هؤلاء الفقراء إلى العيش فى المقابر. أثار ذلك التقرير سخط جموع الشعب الإيرانى، فوجه المخرج الحائز على جائزة أوسكار أصغر فرهادى رسالة سخط إلى الرئيس روحانى قائلا (هل تقبل يا سيادة الرئيس أن تعيش عائلتك أو أحد من أقاربك فى القبور أو ينامون فى علب الكارتون. إنه لو كان هناك مسئول واحد فى حكومتك صاحب ضمير لاستقال فورًا). جاء رد روحانى على رسالة أصغر فرهادى، وعلى التقرير الذى تم تناوله بشكل كبير فى أحد اجتماعات الحكومة قائلا (قرأت رسالة أحد الفنانين وأنا أعلم أن هناك فقراء يعيشون تحت الجسور، وفى محطات المترو فى بلاد الغرب، لكن أمر أن فى إيران فقراء يعيشون فى المقابل غير مقبول لأمة ضحت بحياتها من أجل النبى محمد ولا يمكن للحكومة تقبله). فى نفس الوقت أعلن مكتب الرئيس روحانى للتواصل الجماهيرى، أنه سيتولى مسألة هؤلاء الفقراء، وستتم معالجة الأمر. وبالفعل بعدها بيوم واحد تحركت قوات الشرطة، ودخلت تلك المقابر، ونقلت هؤلاء الأناس، وفى هذا الصدد قال حاكم مدينة شهريار سعيد ناجى، إن قوات الشرطة نقلت حوالى 50 فقيرًا ومدمنًا على المخدرات، لكن اتهم البعض الشرطة باستخدام العنف ضد هؤلاء، وهذا ما نفاه سعيد ناجى، واتهم فى تصريحه للتليفزيون الإيرانى، أن هناك بعض السياسين يحاولون خلق مشكلة فى البلاد. وبسؤال صحفى جريدة "شرق" لحارس المقبرة عن وضع هؤلاء الفقراء قال إنه فى بداية الأمر حاول منعهم من المبيت داخل المقابر، لكن كان عددهم كبيرًا للغاية فقام بإبلاغ الشرطة منذ أسابيع، لأن بينهم مدمنى مخدرات. ويقول شهود عيان، إن هؤلاء الفقراء يتسولون طوال النهار فى شوارع العاصمة، ويأتون هنا فى الليل للاحتماء من برد الشتاء. وأضاف أحدهم إنه عند إجلاء الأمن لهم سمع أحد هؤلاء الفقراء يصرخ ويقول (بدلا من إنفاق أموال الدولة على النووى والحروب أعطوها لنا) وهذا ما تناوله الإيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعى فيقول آميد فرهاداد فى تغريدة له على موقع تويتر (نحن نريد أن نعيش بسلام مثل باقى الدول لا نريد نووى ولا حروب لا فائدة منها. نريد المأكل والمسكن الآمن) جدير بالذكر نشرت وسائل الإعلام الإيرانية لإحصائيات رسمية تشير إلى إن 17.8% على الأقل من الأسر الإيرانية تعيش تحت خط الفقر المدقع ويبلغ عدد أفراد هذه الأسر 13 مليونًا و347 ألف شخص. وكعادة تلك الأيام فى إيران (قبيل الانتخابات الرئاسية) فإن أى حدث لا بد أن تستغله التيارات السياسية لصالحها. فأنصار التيار المحافظ استغلوا تلك الواقعة لشن هجوم حاد على روحانى وحكومته وإثبات عدم قدرته على حل مشاكل الشعب الإيرانى. وفى المقابل رد أنصار التيار الإصلاحى بأن كل تلك الأمور صنيعة كارهين لوجود روحانى فى الحكم ومحاولات جعله يعلن عدم ترشحه لولاية ثانية.