سألت السيدة: دى وقفة ضد إيه؟ فأشرت إليها بقراءة اليافطة التى أحملها «حق المرأة فى التمثيل العادل فى المجالس النيابية فى الدستور الجديد» (الكوتة) وقبل أن أبدأ فى التفسير بأن وقفتنا ليست ضد ولكنها من أجل، أجابت السيدة بلهفة -السيدة التى جاءت إلى الوقفة مع مجموعة من زميلاتها فى فصل محو الأمية من الخصوص تصحبهن أبلة شادية القائمة على محو أميتهن فى إطار مشروع حلمنا- شارحة سبب وقفتنا أمام مجلس الشورى قبل يومين من التصويت على مواد الدستور المصرى الجديد بأننا جئنا من أجل «حرية المساواة». بصراحة هذه هى الثورة بحق التى تتحقق على أرض مصر. حتى لو جاء تقرير وكالة «رويترز» بأن مصر هى أسوأ دولة عربية يمكن أن تعيش فيها النساء. أنت تعيش فى الشارع المصرى أجمل لحظات عمرك بين الناس. امرأة أخرى تمسك يافطة تطالب ب«النُص بالنُص للمرأة المصرية فى الدستور الجديد». فيشير رجل عابر إلى خطأ لغوى باليافطة التى ترفعها فالألف فى كلمة المرأة كتبت بالمد وليس بالهمزة فأصبحت كل «امرأة» فى اليافطات التى يحملونها «مرآة» فأجابته السيدة مبتسمة حرجا وفخرا فى نفس الوقت «ماعلش أصلى فى تالته ابتدائى محو أمية» مستطردة بابتسامة خجولة وشجاعة فى الآن ذاته «بس بأطلع الأولى». فطلبت من الرجل العابر أن يصوب الهمزة فأخرج القلم من جيبه دون غضاضة. وكلما وجدت يافطة ما زال مكتوبا عليها «مرآة» نبهته إلى أن عليه أن يصوبها. وهو بدوره كلما أجريت لقاءً مع قناة تليفزيونية أو صحيفة وقف بجانبى يلقننى «اتكلمى عن تعداد النساء فى المجتمع لستن أقلية بل أنتن أكثر من النصف» أو «وجهى حديثك إلى عمرو موسى شخصيا فهو رجل جيد» أو «كونى أكتر قوة وتحديدا». ثورة دى ولّا مش ثورة..؟ لكننى أقف فى الشارع متخوفة ممن يمكنه أن يكون قد أعد خطة لإفشالها فقد ذاقت نساء مصر الأمرين منذ قررن المشاركة فى صنع مستقبل أبنائهن وبناتهن منذ قررن أن يتركن لحفيداتهن وطَنًا أرحم يصون حقوق الضعفاء والغلابة والمهمشين ومنها حقوق النساء. وإذا بصوتى يختنق من الدموع التى أمنعها.. هو موقف محرج والقهرة تخنق صوتى وأنا أتحدث عن ثورتين كان للنساء الدور الأكبر فيهما، فالشارع شارع غير آمن. عن السيدات اللاتى جئن خصيصا من الدقهلية للمشاركة فى الوقفة فشطب لهم مديرهم يوم العمل وهن لا يحتملن الاستغناء عن قرش واحد من المرتب، ومع ذلك أصررن على المجىء. مشوار طويل وشاق ولكنه واضح مهما كلفنا من تضحيات فنحن نطالب ببساطة ب«حرية المساواة».