ليس هناك تعريف رسمى للفن، لكن التعريف الأقرب لما أعتقد أنه التمرد على الواقع بصناعة الفن، ولا بد أن الإنسان الأول الذى رسم على جدران الكهوف كان متمردًا على واقعه. الفن نوع من التحليق، ولم يخلق الله كل البشر قادرين على الطيران، ومن أجل أن تطير عليك أن تتمرد على واقعك. ومن الطبيعى فى كل عصور الأزمات أن يصاحبها فن من نوع خاص، عادة ما يليق بمرحلته، ومن حق الجمهور أن يختار ما يريد كيفما يريد وقتما يريد. وبعد ظهور حركة «تمرد» السياسية، وبغض النظر عن كل ما أثير حولها وما أدت إليه، ظهرت حركة «تمرد» السينمائية، فى ظل اختفاء مزرى لمنتجى السينما عن المشاركة فى إنتاج أفلام سينمائية ووجود آل السبكى وحدهم فى الساحة، مع حملات «فيسبوكية» بائسة لمقاطعة أفلامهم التى تحقق أعلى الإيرادات. «وتمخض الجبل فولد فأرًا».. هذا المثل الذى ينطبق على تلك الحركة التى قررت أن تكون وصية على السينما المصرية، وأن تستخدم مصطلح «السينما النظيفة» لعودة العائلات لدور العرض، وكأن تلك العائلات لم تكن ترتاد السينما قبل اختراع واستخدام هذا المصطلح العقيم. بل وقررت الحركة طلب تخصيص سينمات لعرض الأفلام المستقلة فى جهل فظيع بحال السوق وطريقة العرض الموجودة فى العالم بأكمله. لن تفرض على الجمهور فنًا، ولست وصيًّا على الفن السابع حتى تحدد شكله وطريقة عرضه، بل كان أولى بكم أن تدعوا المنتجين إلى العودة والدعوة لتأسيس صندوق لدعم السينما المستقلة ودعوة رجال الأعمال والمنتجين إلى إنشاء المزيد من دور العرض فى كل المحافظات لزيادة دخل السينما السنوى. فى الحقيقة حركة «تمرد» السينمائية تمارس نوعًا من المراهقة التى لا تليق بفنان قدره أن يكون متمردًا بطبيعة حاله، وانضمام «جبهة الإبداع» إليها سقطة جديدة لذلك الكيان، الذى لم تخرج عنه سوى بيانات الشجب والإدانة دون أى تحرك فعلى على الأرض، وربما تكون تلك إشارة إلى دور حركة «التمرد» التى غالبًا ما سيكون مصيرها صفحة على «فيسبوك»، وبضعة بيانات تراسل بها الصحف عن طريق البريد الإلكترونى. أعزائى الخائفون على السينما، أنتجوا 100 فيلم فى العام، وأنا أضمن لكم أن يرتفع مستوى الأفلام، ويرتفع مستوى الذوق العام، وتستعيد السينما المصرية مكانتها. أنتجوا.. تصحوا.. وكفانا مراهقة.