عزَّزت القوات العراقية مواقعها قرب مداخل الموصل استعدادًا للهجوم على معقل تنظيم الدولة "داعش" الذي دعا زعيمه أبو بكر البغدادي عناصره إلى القتال في المدينة. وفي قرية قوقجلي التي استعادتها القوات العراقية مؤخرًا من الجهاديين في الضواحي الشرقية للموصل، تقاطع مرور شاحنات تحمل مدافع ومقاتلين عراقيين متجهةً إلى الجبهة مع مرور قطيع من الماعز والأبقار يقوده مدنيون فارون في الاتجاه المعاكس، حسب "فرانس برس"، الجمعة. وقال شخص - عرف عن نفسه باسم محمد: "الحمد لله تمكنا أخيرًا من الهرب من خنازير داعش". وكان في شاحنة مكتظة بالعائلات متوجهة إلى منطقة يسيطر عليها الأكراد تنشط فيها المنظمات الإنسانية لبناء مخيمات للنازحين. وأجرت وحدة مكافحة الإرهاب في القوات العراقية تمشيطًا للقرى المحيطة وبات عناصرها الآن على مشارف ثاني مدن العراق. وفي تسجيل صوتي بثَّته مؤسسة "الفرقان" التابعة للتنظيم على الإنترنت، قال البغدادي: "يا أهل نينوى عامة، وأيها المجاهدون.. إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه.. ثمن بقائكم في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم". وبلغت مدة التسجيل نحو 32 دقيقة، وهو الأول لزعيم التنظيم الجهادي منذ أكثر من عام. وشهدت الموصل في شمال العراق في يونيو العام 2014 الظهور العلني الوحيد للبغدادي الذي أعلن خلاله قيام "دولة الخلافة". وكتب المحلل في معهد "آي إتش أس جاينز" لودوفيكو كارلينو في تقييمه لتسجيل البغدادي أنَّ الرسالة تشير إلى أنَّ قيادة التنظيم قلقةٌ على نحو متزايد حيال الانشقاقات، وأنَّها تحاول ثني المسلحين عن الفرار من ساحة المعركة. وخسر التنظيم خلال السنة الأخيرة الكثير من المناطق التي احتلها في صيف 2014، وتعتبر الموصل آخر معاقله الكبرى في العراق. ووجَّه البغدادي رسالة إلى أهل السنة في العراق والجوار قائلًا: "يا أهل السنة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟ أو ما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب؟ أو ما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة؟". وأضاف: "انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلدكم واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة كلها.. من عراقكم إلى شامكم، إلى نجدكم، بل إلى يمنكم". وتابع: "يا أهل السنة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة التي عرفها التاريخ". ودعا إلى مهاجمة السعودية لاتهامها بمحاولة "علمنة" البلاد والمشاركة العسكرية لمحاربة "أهل السنة في العراق والشام"، حسب تعبيره. واعتبر المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن الكولونيل جون دوريان أنَّ البغدادي يفقد السيطرة على مقاتليه مع وصول القوات العراقية إلى مشارف الموصل. وقال دوريان إنَّه لم يتم التحقق من صحة التسجيل، غير أنَّه رأى أنَّه من الواضح أنَّهم يحاولون التواصل مع مقاتليهم. وواصل ثمانية آلاف رجل من الفرقة التاسعة التابعة للجيش العراقي تقدمهم من دون مقاومة كبيرة في بلدة علي رش التي تبعد ثمانية كيلو مترات عن الموصل.