هل نحن الآن، وبعد ثورتنا النبيلة نعيش فى ظل قانون الطوارئ؟ الإجابة التى يقدمها لنا المجلس الأعلى للقوات المسلحة على لسان اللواء عادل المرسى رئيس هيئة القضاء العسكرى، أن حالة الطوارئ مستمرة حتى 31 مايو من العام المقبل 2012! وأنها لم تنته بمرور ستة أشهر على الاستفتاء على تعديلات الدستور فى 19 مارس 2011، وكما تنص المادة «59» من الإعلان الدستورى «وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر، ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك!»، فهل تم الاستفتاء على مد حالة الطوارئ؟! الحقيقة أننا نعيش فى قهر قانون الطوارئ منذ نحو سبعة عقود! والمواطن المصرى يُنكل به منذ زمن طويل جدا، لكننا قمنا بثورتنا العظيمة من أجل أن نتحرر من أسر كل هذا القهر والظلم والطغيان، والثورة قامت على نظام يتجاوز فى استبداده كل مواد قوانين الطوارئ فى العالم أجمع، فبأى شىء نفعهم هذا القانون الجائر؟ وهل حماهم قانون الطوارئ من غضب الجماهير الثائرة؟ وثمة مفارقة فى موضوع استمرار حالة الطوارئ، إذ خرج علينا سيادة المستشار طارق البشرى، والذى سبق له أن أدخلنا جميعا فى متاهة التعديلات الدستورية لدستور 71، والذى أسقطته ثورتنا المجيدة! أقول فجأة ظهر طارق البشرى مرة أخرى، ليكفّر عن أخطائه بقوله إن ما قام به المجلس العسكرى من تفعيل لحالة الطوارئ، أو مد العمل بقانون الطوارئ، هذا الإجراء يخالف التعديلات الدستورية التى وافق عليها الشعب فى استفتاء 19 مارس الماضى، كما أنه يخالف نص المادة «59» من الإعلان الدستورى. وهكذا انقسم الفقهاء الدستوريون، والقانونيون، والسياسيون، وغيرهم، بين مؤيد لرأى البشرى «وهم الأغلبية» ومعارض له «وهم أقلية»، ولن أقول إنها تنافق العسكر! فإذا كان البشرى يستند إلى مادة واضحة استفتى عليها الشعب، ثم صدرت بنصها ذاته ضمن الإعلان الدستورى، فإى أى شىء يستند المجلس العسكرى وأتباعه؟! إنهم يستندون أيضا إلى الإعلان الدستورى! نعم، ففيه كل شىء، الأمر ونقيضه، إذ يرجعون إلى المادة «62» من الإعلان الدستورى، ونصها «كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستورى يبقى صحيحا ونافذا، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الإعلان». وبما أن الرئيس المخلوع سبق له أن أصدر قرارا بمد حالة الطوارئ، ووافق على ذلك مجلس الشعب المنحل، إذن الطوارئ مستمرة! فكيف يوافق عاقل على هذا المنطق الفاسد؟! فبعد الثورة نقول إننا نطبق ما قرره المخلوع، وما وافق عليه مجلسه المزور!!! إن ما يفعله المجلس العسكرى من مخالفات قانونية ودستورية، يعيقنا عن التحرك إلى الأمام، كما أنه يتنافى مع مبادئ الثورة وأهدافها، وعلى المجلس العسكرى أن يلتزم بروح القانون والإعلان الدستورى، وكما سبق له أن أعلن أنه سيوقف العمل بقانون الطوارئ قبل إجراء الانتخابات، فيجب عليه الآن أن يلتزم بما أعلنه، ويتخذ قرارا بإيقاف العمل بقانون الطوارئ، قبل إجراء الانتخابات التشريعية.