قول المستشار طارق البشري بعدم سريان قانون الطوارئ ابتداء من الأربعاء 21 سبتمبر يمثل مأزقا للمجلس العسكري، ولكنه قد يكون طوق النجاة له من قانون سيئ السمعة فوجئنا بأنه يقوم بتفعيله وتوسيع العمل به ليمتد إلى الحجر على حرية الرأي ووسائل الإعلام وتبادل المعلومات، وذلك لم يجرؤ عليه مبارك طوال 30 سنة. المأزق معروف وهو عدم دستورية قرار مد العمل بقانون الطوارئ. أما طوق النجاة فيتمثل في أهمية صدور إعلان فوري من المجلس العسكري بالغاء الاجراءات الأخيرة والاصغاء لصوت العقل والمنطق. كان أمس يوم ارتباك في الأوساط القانونية. البعض حاول تخطئة رؤية البشري مثل زميله في لجنة التعديلات الدستورية السيد صبحي صالح الذي دفع برأي يقول إن القانون ممتد حتى يونيه 2012 لأن حسني مبارك قام بمده من خلال مجلس الشعب في يونيه 2010 لمدة سنتين. ويستند صالح على قاعدة قانونية تقول إن القانون لا يلغى إلا بقانون. وهذه مردود عليها بأن القانون لم يلغ ولكنه يخضع لقاعدة دستورية جديدة باعتبار أن الدستور هو أبو القوانين. هذه القاعدة هي نص المادة 59 التي تحدث عنها المستشار البشري. ولا أظنه يتحدث من فراغ وهو رئيس لجنة التعديلات الدستورية التي كان صالح عضوا فيها. ثم أنه يرد على قاعدة صبحي صالح بقاعدة فقهية أصيلة معمول بها في مصر تحدد السريان الزمني للقانون. ومن ثم فأن انتهاء حالة الطوارئ تكون في الموعد الأقرب وهو 20 من الشهر الحالي. لأننا هنا أمام زمنين.. زمن قديم لفترة الطوارئ تم تعديله بزمن جديد في إعلان دستوري أوقف العمل بدستور 1971، فوجب إذاً الأخذ بالأقرب. هناك نقطة مهمة لم يتحدث عنها فقهاء الدستور وهي أنه لا يجوز اجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية في ظل قانون الطوارئ لأنه يدفع بامكانية التزوير والتلاعب ومضايقة المرشحين واعتقال بعضهم. وقد نص على ذلك صراحة إعلان دستوري صدر سنة 1954 عندما تقرر اجراء انتخابات تشريعية، فنص ذلك الإعلان على الغاء "الأحكام العرفية" قبلها "لاتاحة الفرصة لانتخابات نزيهة". مأزق آخر.. أن قرار المجلس العسكري الأخير بتفعيل القانون لم يشتمل على مدة معينة لسريانه. ربما تهربا من المادة 59. لكن هذا التهرب لا يفيد دستوريا لأنه عالج الخطأ بخطيئة. فكلمة "تفعيل" - وضع تحتها ما تشاء من خطوط - لا يجوز إطلاقها على قانون معمول به. فلا موقعا لها من الإعراب إلا إذا كان القانون معطلا بالفعل بالاعلان الدستوري. فإذا كان كذلك فلا يجوز دستوريا إعادته إلى العمل بدون تحديد مدة معينة. وقد خلا قرار التفعيل والتوسع فيه من تلك المدة مما يدفع ببطلانه. نحن إذاً في حل من قانون الطوارئ ولا وجه لشرعيته إلا باستفتاء شعبي. وعلى المجلس العسكري أن يتجه إلى الشعب ويلبي مطالبه ولا يلجأ لأمثال ترزية النظام السابق لكي يسوغوا قراراته المتناقضة وغير الدستورية. [email protected]