حسم المستشار طارق البشري أمس الجدل وأنهى أي خلاف حول قانون الطوارئ عندما أكد على أن حالة الطوارئ تنتهي دستوريا أمس الثلاثاء ، بما يعني أنه بعد منتصف ليل الثلاثاء تكون مصر وشعبها أحرار بدون سيف الطوارئ وحالة الطوارئ وإذلال الطوارئ وعار الطوارئ ، وقيمة تصريحات البشري أنه هو الذي وضع هذا النص الدستوري بنفسه وكتبه بيده وهو الذي صدر ضمن الإعلان الدستوري الذي يمثل سند الشرعية لحكم مصر الآن ، بما يعني أنك أيها المواطن المصري تعيش صباح هذا اليوم الجميل في ظل أجواء الحرية والكرامة والآدمية لأول مرة منذ ثلاثين عاما ، بل إن دققنا الكلام منذ ستين عاما ، لأن الطوارئ لم ترفع خلالها إلا لأشهر قليلة . البشري شرح بالتفصيل الخطأ الفادح الذي وقعنا فيه جميعا عندما تصورنا أن قرار المجلس العسكري الذي صدر الأسبوع الماضي كان قرارا بمد حالة الطوارئ ، البشري أوضح أن المجلس لا يملك صلاحيات دستورية لإصدار قرار كهذا ، وإنما القرار الذي حمل رقم 193 كان بتوسيع مهام الطوارئ عما كانت عليه سابقا محددة بنطاق مواجهة الإرهاب والمخدرات ، حيث جعلها القرار الجديد تشمل تجارة السلاح والبلطجة وتعطيل المصالح العامة ، وفي كل الأحوال فإن حالة الطوارئ انتهت دستوريا منتصف ليلة أمس 19 سبتمبر ، لأنها تكون قد أتمت ستة أشهر منذ الاستفتاء الدستوري الذي اعتمدت نتيجته في 20 مارس ، وإذا أرادت أي سلطة مد العمل بقانون الطوارئ لستة أشهر أخرى فإن عليها أن تجري استفتاء شعبيا جديدة لتفويض الشعب في الموافقة أو الرفض لهذا القرار . هذه المادة العبقرية التي وضعها المستشار البشري باستشراف مستقبلي ملهم ، وغفلنا جميعا عن الانتباه إليها ، تمثل مخرجا كريما لنا جميعا وللوطن وللمجلس العسكري من الورطة التي ورطه البعض فيها عندما فعل العمل بقانون الطوارئ ، ولا أتصور أن المجلس العسكري سوف يلجأ إلى استفتاء شعبي من أجل مد الطوارئ ، لأن نتيجته ستكون محسومة بالرفض الشعبي الجارف ، لأن كل القوى الوطنية مجمعة على رفض الطوارئ ، ولم يسعد بها إلا فلول الوطني والجلادون ، وقلة من الشعب ضللتهم دعاية الإعلام الرسمي بأنه بدون الطوارئ لن نستطيع ضبط الشارع ولا مواجهة البلطجية ولا تنظيم المرور ، ولم ينتبهوا إلى أن كل هذه المهام من السهل تماما علاجها والسيطرة عليها بتفعيل القانون العادي بشرط الجدية في تطبيقه ، وهو ما لم يحدث طوال الأشهر الماضية عن عمد . كل ما نأمله الآن أن يستغل المجلس العسكري ذلك الموقف المفاجئ بالعمل على مصالحة القوى الوطنية من جديد ، بإعلانه احترام الدستور والشرعية ، والتزامه بالعمل مع الشرفاء في المؤسسة الأمنية من أجل إعادة الانضباط إلى الشارع المصري والتصدي للبلطجية بكل جدية وتطبيق القانون بشكل صارم وحاسم على الجميع وإزالة جميع المخالفات التي شوهت صورة الشارع المصري وعطلت مصالح الناس ، وإذا نشط الجيش لتحقيق هذه المطالب العاجلة بالتعاون مع الداخلية فإن الشعب كله سيكون معه ، ويتعزز احترامه عند الجميع ، بل إن الشعب نفسه قادر على تكوين لجان شعبية تطوعية لمساعدة الجيش والشرطة في إنجاز هذه الأمور وفق ما يتيحه القانون . المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن من قبل بشكل صريح وواضح ، على شاشات التليفزيون أمام الملايين وعبر الصحف القومية ، أن الطوارئ سيتم رفعها قبل انتخابات مجلس الشعب ، ثم وقع هذا الالتباس الذي نتج عن قرار توسيع ما تشمله حالة الطوارئ ، ثم ها هي المفاجأة الجميلة التي كشف عنها المستشار البشري رئيس لجنة التعديلات الدستورية ، وهي أن الطوارئ انتهت بقوة الدستور أمس ، ومن المفارقات أن تنتهي طبيعيا وبدون أي قرار قبل أسبوع تقريبا من القرار المنتظر بدعوة الناخبين لانتخابات مجلس الشعب الجديد . [email protected]