تنسيق الجامعات.. برنامج فارم دي صيدلة إكلينيكية بكلية الصيدلة جامعة حلوان    تراجع مؤشر الأسهم المصرية بأكثر من 7% خلال دقائق.. والدولار يكسر حاجز ال 50 جنيها    النائب محمد زين الدين: قانون ملكية الدولة بالشركات يعزز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار    مصدر سياسي إسرائيلي يعلن إصابة رئيس أركان الحوثيين في هجوم باليمن    النائب مصطفى بكري: الشرق الأوسط يشهد تحولات جذرية.. ومصر اختارت الاصطفاف خلف القيادة السياسية    محافظ الدقهلية يتابع من داخل غرفة عمليات مديرية التعليم امتحانات الثانوية العامة    أشرف العشماوي يعلن عن الترجمة الإنجليزية لروايته «زمن الضباع»    مصر والسعودية.. شراكة طاقة إقليمية برؤية مستقبلية    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    رئيس النواب يشيد بأداء لجنة الشئون الاقتصادية    النفط الإيرانية: جميع الوحدات والمنشآت في مصفاة أصفهان بحالة مستقرة    الأردن يعيد فتح مجاله الجوي أمام حركة الطيران المدني    مسلح يستهدف نواب أمريكا    نجوم الفن يدعمون الأهلي من مدرجات كأس العالم للأندية في أمريكا    «يوم الملك» ليفربول يحتفل بعيد ميلاد صلاح ال 33    قرارات إزالة لمخالفات وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    ضبط 19 قضية مخدرات وتنفيذ 1862 حكما قضائيا في 3 محافظات    ضبط تشكيل عصابي بالقاهرة متورط في النصب والاحتيال على المواطنين    الرقابة المالية تصدر شروط الترخيص المؤقت لشركات التأمين الطبي المتخصصة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    إقبال كثيف على فعاليات ودورات مكتبة مصر العامة بالدقي خلال الأيام الماضية    افتتاح وحدتي مشتقات الدم والأشعة المقطعية ب«الإيمان العام» في أسيوط    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «قصر العيني» يحقق إنجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    أسعار الأسماك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    استمرار القصف المتبادل.. ارتفاع عدد قتلى إسرائيل في اليوم الثالث للتصعيد مع إيران    ارتفاع سعر الدولار اليوم الأحد 15-6-2025 إلى 50.81 جنيه أمام الجنيه المصرى    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بتعاطى المخدرات في قنا    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    «الداخلية»: تحرير 146 مخالفة لمحلات مخالفة لمواعيد الغلق خلال 24 ساعة    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    سواريز: الشناوي نجم مباراة الأهلي وإنتر ميامي فى كأس العالم للأندية    الاستحقاق النيابى بدأ فعليًا القائمةالموحدة مشاورات حزبية مستمرة لخوض السباق الانتخابى    وفاة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    معهد وايزمان جنوب تل أبيب: تضرر عدد من منشآتنا جراء قصف إيرانى ليلة أمس    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    بعد جهود استمرت 5 سنوات متحف سيد درويش بالإسكندرية ميلاد جديد لفنان الشعب    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    2923 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة فى 14 لجنة بمطروح.. فيديو    بيقولوا إني شبهك حتة منك.. ولي أمر يدعم ابنته أمام لجنة الثانوية العامة ببورسعيد    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقر منظمة أبحاث دفاعية إيرانية    وكيل الأزهر يشكِّل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    بداية العام الهجري الجديد.. تعرف على موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشعبوية» مشكلة ثقافية وسياسية بحاجة للدراسة والفهم
نشر في التحرير يوم 02 - 10 - 2013

يشكل صعود «ظاهرة الشعبوية» مشكلة ثقافية، سياسية، بحاجة للدراسة والفهم، والظاهرة تتجلى في الغرب كما في الشرق وطالت أمريكا ومصر، وهي واضحة في بعض وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون، كما أنها تتبدى في تصرفات ساسة ودعاة أو رجال دين، ويبدو أنها تتصاعد في أوقات الأزمات واللحظات العصيبة والمفصلية في حياة الأمة.
وفي الأصل اللغوي، كما تحدده المعاجم، فإن كلمة «شعبوية» مشتقة من كلمة «الشعب»، وإذا كان هذا الأصل اللغوي لا يتضمن قدحا أو ذما، فإن القدح والذم كانا بسبب السياقات السياسية-المجتمعية وإساءة استغلال الحديث باسم الشعب أو للشعب لحد الاسفاف واهانة العقل أحيانا، فيما أمست «الشعبوية» مقترنة واقعيا بأزمة عامة في أي مجتمع ووضع سياسي-اجتماعي يصعب تحمله من جانب الأكثرية.
وخطورة «الشعبوية» كظاهرة في السياسة أنها قد تفسد بالفعل أي عمل ايجابي وحتى في الديمقراطيات مثل الديموقراطية الأمريكية، فهناك شكوى مريرة من أن «النزعة الشعبوية المتعاظمة في السياسة تعرقل انجازات الإدارة من منطلق لمجرد المعارضة فضلا عن خداع الناخبين بالشعارات التي تستهويهم دون تقديم حلول واقعية لمشاكلهم».
ولمس الكاتب والمعلق الدكتور حسن أبو طالب طرفا من هذه الظاهرة التي تستشري في مصر عندما تناول مجريات «لجنة الخمسين» موجها الشكر للرئاسة على بيانها الواضح والقاطع بنفي صدور اعلان دستوري جديد يغير من طبيعة عمل اللجنة كما روج لذلك أعضاء بارزون في اللجنة المعنية دون وجه حق، مما أثار البلبلة والشكوك حول «خريطة الطريق» التي ارتضاها الشعب وينتظر الالتزام الحرفي بها من كل الأطراف.
وأضاف حسن ابو طالب أنه إذا كان لا غبار على وجود مناقشات ومجادلات بين أعضاء اللجنة بشأن حذف مادة أو وضع مادة جديدة أو تعديل على نص موجود طالما أن الاعضاء ملتزمون بالإطار العام الذي حدده الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو الماضي.
ولكن الغبار كله، كما يقول أبو طالب «يأتي من تصور بعض الأعضاء بأن لهم الحق في تجاوز هذا الالتزام والمناداة بتغييرات هيكلية في الإعلان الدستوري وفي طبيعة عمل اللجنة نفسها لأسباب ذاتية أو دعائية أو لبطولة وهمية، فهذا ما يجب أن نرفضه جملة وتفصيلا وأن ننبه أصحابه إلى أنهم تجاوزوا في حق الشعب وفي حق الأمانة التي قبلوا التصدي لها».
والشعبوية تعمد «لمسرحة السياسة» وهي استعراضية بالضرورة ومستعدة دوما للدخول في مواجهات مسرحية مع الخصوم، فيما يتخذ أصحاب هذه النزعة مواقف لإرضاء الجماهير وكسب القلوب من قبيل المطالبة بإلغاء الضرائب أو خفضها بشدة بصرف النظر عن الآثار المترتبة واقعيا على هذه المطالب.
ومن ثم فهذه المواقف الشعبوية التي ترحب بأساليب وتكتيكات وسياسات "حافة الهاوية" هي في الحقيقة مزايدات تختلف عن الخطاب السياسي الملهم للجماهير والذي يرضيها دون أن يخدعها على غرار لغة الخطاب السياسي لزعيم مثل ونستون تشرشل في بريطانيا ابان الأوقات العصيبة في الحرب العالمية الثانية والغارات الجوية الألمانية على لندن.
ولعل الدكتور حسن أبو طالب لم يجانب الصواب عندما قال إن «مصر في هذه الظروف الدقيقة ليست بحاجة إلى بطولات وهمية وإنما بحاجة إلى العمل والانجاز في صمت دون ضجيج بائس ودون اثارة»، لافتا إلى أنه «إذا كانت مصر قد ابتليت في الفترة الماضية بسياسيين وناشطين حزبيين وبعض قادة رأي لم يكونوا على قدر المسؤولية ودفعوا بها الى الهاوية وحملوا البلاد ثمنا كبيرا، فليس أقل من أن يتعلم المرء من أخطائه».
ثم أن الشعبوية أفكارها تأتي غالبا من «داخل الصندوق المعتاد للأفكار»، وإن بدت جديدة أحيانا، فإنها في الحقيقة تكون تنويعات على أفكار ومواقف سابقة، مثلما يفعل اغلب المنتمين للنزعة الشعبوية في أمريكا عندما يطرحون أفكارا أو مقولات ومواقف «من داخل صندوق حقبة الرئيس الأسبق رونالد ريجان».
ويرى الباحث والكاتب المغربي عبد الاله بلقزيز ان الشعبوية ترادف «الفوضوية والعفوية التنظيمية والتجريبية القاتلة في التفكير»، فيما يقول بكلمات دالة «مسكين هو الشعب الذي يلهج الجميع باسمه وما من أحد غيره غارق في بؤسه وفقره، أما المتأبطين قضيته من الشعبويين فمن طبقات ميسورة».
وضجيج «الخطابات الشعبوية» قد يؤدي للتشويش على قضايا هامة حتى على مستوى الاقليم، وعلى سبيل المثال ها هي الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تلفت إلى «مجموعة من العوامل تلوح في الأفق وتنذر بتراجع الاهتمام العالمي بمنطقة الشرق الأوسط»، فيما انتقل مركز الثقل الاقتصادي لآسيا والباسفيك.
وهذه التطورات الدولية والاقليمية المتسارعة تفرض على الدول العربية- كما تقول نورهان الشيخ- «قراءة رشيدة وسياسات حكيمة تعلي من الاعتبارات المصلحية وتسمو فوق المذهبية والطائفية»، مع «ضرورة اتخاذ اجراءات جادة نحو خلق كيان اقتصادي تكاملي قادر على المنافسة عالميا».
الولايات المتحدة و«الشعبوية» :
وفي الولايات المتحدة دخلت «الشعبوية» عالم السياسة بقوة مثيرة قلق أصحاب النزعات العقلانية والأفكار الليبرالية، والمثير للتأمل أن رموز الشعبوية في السياسة الأمريكية تربطهم أقوى العلاقات مع أباطرة بورصة «وول ستريت» وأقطاب المال وكبار رجال الأعمال، رغم أن بعض هذه الرموز الشعبوية تهاجم على مستوى الخطاب المعلن البورصة والشركات الرأسمالية العملاقة.
فهل يمكن في الواقع أن يعمل الشعبويون لصالح الفئات الكادحة والشرائح المحدودة الدخل؟! هل يمكن للمشكلة ان تكون حلا؟ وهل هناك «شعبوية جيدة»، و«شعبوية سيئة»؟!
المحلل روس دوتهات سعى للإجابة عن هذا السؤال في صحيفة «نيويورك تايمز»، مشيرا الى ان ما يسمى بحزب الشاي يمكن اعتباره الجناح الشعبوي للحزب الجمهوري وأعلى الأصوات المنتمية لتلك الحركة داخل الحزب الجمهوري هو السيناتور راند باول.
ويقول روس دوتهات «ان هناك شعورا قويا بين الليبراليين في الحزب الديمقراطي وحتى العناصر الأكثر حكمة داخل الحزب الجمهوري بأن هذا الحزب لن يكون جديرا بصفة المسؤولية وجدارة الفعالية ما لم يتخلص من هذه النزعة الشعبوية المتعاظمة».
ومن الظواهر الشعبوية الحالية التى ولدتها الأزمة الاقتصادية الأخيرة فى الحياة الثقافية والسياسية الأمريكية رجل يدعى جلين بيك باتت كتبه ومحاضراته فى الاقتصاد والتاريخ الأمريكى والعقائد تحظى باقبال منقطع النظير، وخاصة بين أنصار «حزب الشاي»، وهو يتحدث عن ضرورة التوبة والتطهر من الآثام وعدم القنوط أو الاستسلام لليأس مع التحلى بفضيلة مساعدة الآخرين ونبذ الكراهية.
انه صاحب طريقة امريكية أشبه ما تكون بالطرق الصوفية فى الشرق، حيث يجمع جلين بيك كخطيب ومتحدث موهوب ما بين النزعة الشعبوية والدين فى السياق المجتمعى الأمريكي، وعلى نحو يعيد للأذهان ظاهرة «الأب كوفلين» التى أنتجتها فترة الكساد العظيم فى الولايات المتحدة، فيما لا ينأى عن مهاجمة أوباما أو وصفه بأنه «اشتراكي» ككلمة سيئة السمعة لدى أغلب الأمريكيين!
وينظر فريق من المثقفين الأمريكيين لظاهرة جلين بيك التى تمثل أحد أهم الظواهر الثقافية- السياسية المقترنة بما يسمى بحزب الشاي، باعتبارها دليلا على سيادة الديماجوجية والتحلل المفزع للبنية العقلانية الأمريكية جراء الأزمة المالية، فيما يذهب بعض الرافضين لهذه الظاهرة إلى أن جلين بيك مجرد دجال موهوب وممثل بالسليقة استغل معاناة الأمريكيين ليتاجر بها ويحقق حلمه فى الثراء والشهرة.
لقد أثارت ظاهرة جلين بيك جدلا كبيرا فى امريكا بين مؤيدين ومعارضين، حتى أن عدة كتب تناولت في الآونة الأخيرة هذه الظاهرة، مثل كتاب «ابتذال العقل.. جلين بيك وانتصار الجهل» بقلم الكسندر زيتشيك، والذي يهجو صعود هذا الرجل بما يمثله من هزيمة للعقلانية وتغييب للمنطق العلمي، وعلى ذات المنوال ينسج دانا ميلبانك فى كتاب «دموع مهرج».
فالمثقف النقدي الأمريكي ينظر لظاهرة جلين كدليل على أن الديماجوجية لا يمكنها أبدا أن تحتوى على جوهر متماسك، لكن هذه الظاهرة مفيدة كمقياس أو ترمومتر للتعرف على مزاج المجتمع واتجاهات الرأي العام والتغيرات المجتمعية.
أما الباحث السياسى فينظر لجلين كرجل يجيد العزف على الأوتار الحساسة لمجتمع في أزمة وبشر أنهكتهم الديون ويبحثون عن حرية الإرادة والتطهر الروحي، فيما بات يوصف بأنه عراب أو منظر «حزب الشاي»، بل والملهم لجماهير هذا التيار الذي يطفو على سطح المجتمع الأمريكيث منذ الأزمة الإقتصادية الأخيرة.
ومن ثم فلا يجوز الاستخفاف به أو اهمال كتاباته مهما كانت الملاحظات حول ضحالة أفكاره وسذاجة تصوراته من وجهة نظر المثقف النقدي.. ومن الكتب التي الفها جلين بيك أو شارك في تأليفها كتاب بعنوان «افلاس.. الطريق لاستعادة الثقة والصدق والمال».
أما كتابه الذي لقى رواجا منقطع النظير، فكان بعنوان «الرشد»، واقترن هذا الكتاب بظهور تيار الشاي كقوة يحسب حسابها فى الساحة السياسية الأمريكية، وهو نموذج لتوظيف الدين في خدمة تصوراته للمجتمع، فيما يتحدث عن الخطايا والآثام التي تلطخ وجه امريكا بسبب خروجها عن جادة العقيدة ورسالة السماء وبما يثير تساؤلات ملحة حول حقيقة علمانية المجتمع الأمريكي في مرحلة ما بعد الحداثة!
بلغة مؤثرة ومفردات تنبض بالحماس يتحدث جلين بيك عن أمريكا التي تخلى أبناؤها عن مبادىء الآباء المؤسسين باسم التقدمية، بينما تظهر نخبها تعطشا ونهما للسلطة وتتراجع حقوق الأفراد فى سياق عملية طويلة وصيرورة بلغت ذروتها مع «اشتراكية باراك أوباما».
ويتناول اشكالية الديون بقوله: الأمريكيون تغيروا.. ففي الماضي كان الآباء والأجداد لا يقترضون إلا لأشياء ضرورية لهم مثل الحصول على منزل أو سيارة أو تسديد رسوم الدراسة، أما الآن فإن الأمريكيين يعتمدون على الديون ليعيشوا الحياة المرفهة التى يتوهمون أنها من كدهم وكدحهم فيترددون على المطاعم الفاخرة ويشترون الزوارق الرائعة ويقضون إجازات الصيف في أماكن ساحرة ويتفقون على ذلك كله بالاقتراض والديون!
والتحولات في أفكار جلين بيك «عراب» أو «منظر» تيار الشاي، اقترنت بالأزمة الاقتصادية وتأثرت بها بوضوح بقدر ما يمكن القول إن هذا التيار ولد من رحم الأزمة الاقتصادية واكتسب زخما مع شعور الأمريكيين بأنهم على شفا هوة مخيفة، وحتى لو نجت الولايات المتحدة من السقوط فى تلك الهوة فإن المعاناة ستستمر لفترة طويلة.
غير أن الأمر المثير للفضول هو اقتراب هذا الرجل مما يسمى بالقوى الغامضة والمستترة ومحاولته سبر أغوارها.. فهو يتحدث عن شبكة تآمرية تضم بعض رجال المال والأعمال والساسة تعمل مع منظمات وحكومات أجنبية لإقامة ما يسميه بالنظام ما بعد الديمقراطي، وهو نظام تحكمه النخب، والخطير أنه يتهم هذه القوى بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر 2001.
وإذا كان جلين بيك أقرب بالتأكيد للحزب الجمهوري منه للحزب الديمقراطي، رغم انتقاداته للحزبين معا، فإن الحزب الجمهوري يشهد حاليا مولد تيار ينأى بنفسه عن «الشعبوية» ويحاول الاستفادة من دروس هزيمة الحزب أمام الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما يحاول ابتكار أفكار جديدة، سواء في السياسة الخارجية أو الضرائب واصلاح المنظومة المصرفية.
وفي المقابل فإن جناحا آخر داخل الحزب الجمهوري مازال متمسكا بالشعبوية في الأقوال والشعارات التي تسفر في الواقع عن أزمات واحدة تلو الآخرى، كما حدث عندما أطلق المرشح الرئاسي الخاسر جون ماكين تصريحات مستفزة ضد مصر وثورتها الشعبية في الثلاثين من يونيو، وهو ذاته الذي كان من أبرز المؤيدين للحرب الأمريكية على العراق.
هناك حاجة ثقافية لدراسة وفهم الحركات الشعبوية في مصر وخارجها لأن ظهور هذه الحركات وصعودها مؤشر على وجود خلل في العملية الديمقراطية ينبغي على النخب أن تنتبه اليه وتتعامل معه، كما تقول الباحثة كريستا ديويكيس في درسة بعنوان «الشعبوية».
الشعب أكبر من «الشعبويين»، ولعله يضعهم أحيانا في «براويزه الهازئات»! الشعب يمضي إلى طريقه صامتا عارفا، قد يئن لكنه ليس موضوع تجريب، فهو يعرف الطريق وإن طال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.