يفتتح بيت الوادي نادي السينما تحت شعار «فلنشاهد.. فلنناقش.. فلنتحرر» ويبدأ العرض الأول يوم الخميس المقبل فى السادسة مساء بعرض فيلم «العمى» عن رواية الكاتب الكبير جوزيه ساراماجو. ويقوم بيت الوادي في اليوم ذاته بمنح شهادة تكريم للناقد السينمائي الكبير أحمد يوسف تقديرا لدوره ورحلة عطائه السخي الطويلة. وأحداث الرواية تدور حول وباء يتفشى في أنحاء المدينة التي تخيلها الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماجو، هو وباء العمى الذي يفتك بمؤسساتها وقيمها وأخلاقها، عمى يتسم بخاصية فريدة هي النقاء، أوالبياض في ذروته حيث تذوب الأشياء وتتناسخ في سيرورة موازية للعدوى التي تفتك بالمدينة. وهناك عتمة في رواية «العمى» لساراماجو، لكنها عتمة من بياض، حتى الكلاب لم تسلم، فهي مصابة بداء البكاء المزمن، تبكي المدينة التي صارت نقية مثل صحراء، والحضارة التي ارتدت إلى أبشع همجية يمارس فيها القتل ويصبح فيها الإنسان آكلا للحوم البشر. هذه الصورة المعتمة والقاتمة تعيدنا إلى قلب إشكالية الحضارة أوالتنوير الذي يبدو هنا في موضع تساؤل، فلئن كان التنوير شعلة تنتقل وتشيع النور، فإن المدينة هنا تصاب بالعمى، والبياض تشكيك في الشعلة ذاتها. وجاءت فكرة تلك الرواية مبتكرة وعبقرية وبها رمزية رائعة، تدور الرواية حول مدينة ينتشر فيها العمى بشكل مفاجئ من شخص لآخر وكأنه مرض معدي، الأمر الذى دفع الحكومة إلى حبس هؤلاء العميان فى مكان واحد آملين بذلك القضاء على انتشار المرض، ولكن تمدد المرض ليشمل الجميع ما عدا امرأة وهى زوجة طبيب عيون أصابه العمى أيضا. وتوضح الرواية كيف تحول الناس من بشريين إلى كائنات أشبه بالحيوانات تفعل أي شئ غير أخلاقى من أجل الحصول ع الطعام للإبقاء على حياتهم، سواء كان ذلك عن طريق القتل أوفرض اتاوات أيا كان نوعها. وحرص جوزيه فى تلك الرواية على توصيل فكرة معينة للقارئ، وهى أن العمى ليس عمى البصر ولكنه عمى البصيرة، أي العمى الإدراكي والفكري وليس الحسي.