جوزية ساراماجو في الذكري الأولي لرحيل الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماجو أعلنت أرملته بيلار ديل ريو في مدريد أن لديها رواية لم تكتمل بعد لزوجها، الذي توفي قبل الانتهاء منها، وأنها سوف تظهر خلال الخريف القادم وكان ناشر الرواية "زرفرينو كيولو " قد أكد انه قد حصل علي نسخة من هذه الرواية التي تحمل عنوان "كلارا بويا " أو "نافذة في سطح البيت "لنشرها في بداية العام الجديد، ووصفها بالرواية الجيدة الجذابة ويقول الناشر الذي كان صديقا حميما للمؤلف: ان الرواية تدور حول عدة أسر تعيش معا في مبني به نافذة أعلي بئر السلم. وأن هذه الأسر جميعا مختلفة بعضها عن بعض، والرواية تحكي حكاية كل أسرة من هذه الأسر المختلفة الطباع والتصرفات. وأضاف الناشر كيولو: أن أحد أبطال الرواية يشبه بدرجة ما ساراماجو نفسه، الذي كان يتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم، والذي يبدو في الرواية منشغلا بمشكلة لم يتمكن أبدا من حلها وهي: كيف السبيل إلي إنقاذ البشر؟.. وتعالج الرواية أيضا مشكلة صناعة الأسلحة وتجارتها غير المشروعة. ويقول الناشر عن ذلك في حديث لوكالة أنباء لوسا البرتغالية: لا نعرف في أي شكل سيتم نشر هذه الرواية، إنها ليست رواية بالمعني الدقيق للكلمة، وإنما هي مجرد عشرين صفحة من كتاب. توفي ساراماجو عن عمر بلغ السابعة والثمانين وهو في جزيرة لانزاروتي بجزر الكناري الأسبانية حيث انتقل إلي هناك في نهاية حياته.وقد حصل علي جائزة نوبل عن روايته الرائعة " العمي " وكانت الهيئة العامة للكتاب قد أصدرت عدة ترجمات للكاتب البرتغالي ساراماجو ضمن سلسلة الجوائز منها : الذكريات الصغيرة ورواية "مسيرة الفيل " ترجمة أحمد عبد اللطيف ورواية الكهف "ترجمة صالح علماني.. اما رواية العمي التي حصل بها علي جائزة نوبل فتعتبر من أروع ما كتبه الكاتب البرتغالي وهي تحكي، من دون أسماء شخصيات أو أماكن، عن موجة من العمي تصيب مجتمعاً ما حيث يتحول الجميع إلي عميان باستثناء امرأة تكون شاهداً علي هذا الوباء. ولكي تمنع الحكومة انتشار الوباء ترسل جنوداً لكي يقوموا بحصر العميان ومنعهم من الخروج. في جو الحصار هذا يسود العنف والاغتصاب، ويكشف الكاتب عن قسوة المشاعر والعواطف الإنسانية الفالتة من عقالها. ومن بين الآراء النقدية حول هذه الرواية ان ساراماجو قد نسج في عمله هذا حكاية فلسفية عن عمي البشر الأخلاقي وانحرافاتهم وضلالهم مما قد يقود إلي نوع من التدمير الذاتي للإنسان. الزكريات الصغيرة من كلماته في سطور روايته الذكريات الصغيرة: إن الصور القديمة تخدعنا كثيرا فهي توهمنا بأننا أحياء فيها، وهذا غير صحيح لأن الشخص الذي ننظر إليه فيها لم يعد موجوداً ولو كان بمقدوره أن يرانا فلن يتعرف علي نفسه فينا وسيقول، من هذا الذي ينظر إليّ بوجه محزون!! »الضمائر تصمت أكثر مما هو مطلوب منها، ولهذا ابتدعت القوانين« وعن الوحدة كتب يقول: "الوحدة لم تكن بالرفقة الطيبة قط، فالأحزان الكبيرة، والاغواءات الكبيرة والأخطاء الكبيرة هي علي الدوام تقريباً نتيجة بقاء المرء وحيدا في الحياة دون صديق فطن يمكن طلب النصيحة منه عندما يحدث ما يعكر صفونا أكثر مما هو معهود في بقية الأيام". اللافت في مسيرة ساراماجو انه في سنوات عمره الأخيرة دخل عالم كتابة المدونات علي شبكة الإنترنت، وفي تلك المدونة، حاول فيها الكاتب مسايرة روح العصر. وقد وجه ساراماجو النقد لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وللجماعة الأوروبية، وللممارسات الوحشية التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين ما يذكر بنقده العنيف لإسرائيل وتشبيهه ما تفعله بالفلسطينيين بأفران الغاز النازية، عندما زار رام الله عام 2002 متضامناً مع الفلسطينيين أثناء الحصار الذي فرضته إسرائيل بعد انتفاضة الأقصي. لقد مثل ساراماجو بالفعل ضميراً للمثقف والإنسانية، فلم يكن يهمه التصريح بما يراه بغض النظر عن جماعات الضغط وأصحاب المصالح ومحركي السياسات في العالم، ومن ضمنها الحركة الصهيونية العالمية التي هاجمته بعد تصريحاته ضد إسرائيل، بعد أن شاهد بعينيه التنكيل بالفلسطينيين وآلة القتل الإسرائيلية التي تعمل ليل نهار. والجدير بالذكر ايضا ان ساراماجو كان صديقا شخصيا للشاعر الفلسطيني محمود درويش وكتب عنه بعد وفاته قائلا: درويش بحجم نيرودا وإسرائيل جلاد بدون رحمة..