نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، تحقيقًا اليوم الإثنين، عن المعتقلين والسجناء الذين عذّبتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية واحتجزتهم في معتقلات وسجون سرية وفي معتقل جوانتنامو أيضًا، وأثر ذلك على صحتهم العقلية والنفسية، وبرز اسم المصري "طارق السوّاح" كأحد أبرز المعتلقين الذين أفرجت عنهم الولاياتالمتحدة من السجون الأمريكية. وقالت الصحيفة في التحقيق، إنّ الضرب، المنع من النوم، التهديدات الكثيرة، والعديد من الأساليب الوحشية قد أدّت إلى مشاكل صحية عقلية مستمرة بين النزلاء الذين تمّ احتجازهم في السجون السرية التابعة للاستخبارات الأمريكية CIA وجوانتنامو. وتابعت، "قبل أن تسمح الولاياتالمتحدة بطريقة تعذيب جديدة، كان محامو الحكومة وعملاء المخابرات يضمنون لأنفسهم ناتج واحد من تلك العملية، وهي أنّ تلك الطرق التي سوف يتم تنفيذها على الإرهابيين سوف تكون مؤلمة، صادمة، وبعيدة كل البعد عن ما تتقبله الدولة، ولكن ما لم يتوقعه أحد هو أن يستمر الأذى النفسي فترة طويلة، وبعد 15 عامًا الآن، أثبتت التقارير أنّهم كانوا مخطئين. كان معتقل جوانتنامو يستخدم طريقة المكافآت والعقاب، في سنواته الأولى، وكان يستغل نقاط ضعف السجناء، وأدّى هذا التلاعب إلى نتائج خطيرة على صحة السجناء، كما في حالة المصريّ طارق السوّاح. وتم القبض على السواح الذي كان يُعتقد بإنه عنصر في حركة «طالبان» في عام 2001 وتم تسليمه إلى الولاياتالمتحدة، ووصل الى جوانتنامو في مايو 2002، وعلى الرغم من تأكيد شقيقه، جمال السواح بأن أخاه لم يكن يعاني من مشاكل عقلية، بدأ السواح بالصراخ في الليل ومعاناته من الهلوسة. وعندما بدأ السوّاح في التغوّط والتبوّل على نفسه، كان الجنود يرشّونه بالمياه أمام المعتقلين الآخرين، حسبما شهد أحد المساجين في قاعة المحكمة، وقال السوّاح إنّه تم إعطاؤه أدوية مضادة للذهان، وإجباره عليها في بعض الأحيان. وبعد انهياره نفسيًا، وجد المحققون السواح يريد التحدث وطالبهم بأن يحضروا له طعامًا جيدًا له، وبالفعل قاموا بإحضار وجبات من مطاعم "ماكدونالدز" أو "صب واي" في الوقت نفسه. أصبح السواح بعدها مخبرًا لهم، على الرغم من أن المعلومات لم يكن لها قيمة تذكر، واعترف السوّاح بأنّه قام بتأليف قصصٍ ليس لها أساس من الصحة، بما في ذلك كونه عضوًا في تنظيم "القاعدة" وذلك من أجل الحماية وتلقي معاملة جيدة، وأدّى ذلك إلى زيادة كبيرة في وزنه من 97 كيلوجرامًا إلى 181 كيلوجرامًا، وعندما انتهت الاستجوابات تم وضع السواح في غرفة خاصة بالمتعاونين معهم، واستمروا في إمداده بالطعام، واضطر سُجّانه إلى تركيب باب مزدوج من أجله. وسمّى السوّاح ما حدث أنّه كان منافسةً بين مُستجوبيه، الذين استخدموا الطعام كحافزٍ، وبين الأطباء الذين نصحوه بأن يفقد بعضًا من وزنه، وأُصيب السوّاح بأمراض الشريان التاجي، السكري، بالإضافة إلى اضطرابات التنفس ومشاكل صحيّة أخرى، كما تُظهر سجلات المحكمة. ويعيش السواح البالغ من العمر 58 عامًا، في مدينة البوسنة الآن، ويشكو من الصداع المتكرر والمزاج المتقلب، كما أنّه يتوسل للأطباء من أجل إعطائه دواء مضادًا للهذيان، وعلى الرغم من فقدانه لبعض الوزن، يبقى الأكل له شىء قهري تعلّمه في السجن. وتناول السوّاح وجبة الإفطار مع أحد الصحفيين بعد صيام يوم رمضان، وتكوّنت الوجبة من شريحة لحم، وبطاطس مقلية، وطبق من التمور، ووعاء من حساء الدجاج، وسبانخ، وشرائح من الخبز، ووعاء آخر من الحساء، كوبين من عصير الليمون، وما يقرب من صفيحة جبن كامل. وأوضح شقيقه جمال، الذي يعيش في نيويورك حاليًا، "أنّه غير متزن ويحتاج إلى رعاية نفسية ومادية" لا يلوم السوّاح الجنود الأمريكيين على معاملته التي تلقّاها، حيث قال: "كانوا يخافون مني وخائفين على حياتهم، فمعتقل جوانتنامو كانت لكلا الجانبين مجرد مكان يوجد به مجموعة من الناس الخائفين الذين يريدون فقط العيش". يُذكر أنّ السواح كان آخر المعتقلين المصريين الذين أفرجت عنهم السلطات الأمريكية من معتقل جوانتنامو، وذلك بعد اعتقاله لمدة تقترب من 14 عامًا، حيث تم الإفراج عنه في 26 فبراير 2015، ولم يُوجه إليه أي اتّهام رسمي، ولكنه كان من ضمن حملة الاعتقالات التي نفذّتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر، في حربها على الإرهاب.