أعربت موسكو عن قلقها البالغ من توغل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة في عمق الأراضي السورية. ولفتت وزارة الخارجية الروسية، في بيان رسمي، إلى أن هذه العمليات العسكرية تُجرى بلا تنسيق مع السلطات السورية الشرعية وبدون تفويض من مجلس الأمن الدولي.. وبذلك تُوضع سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها في خانة الشك". واعتبرت موقف دمشق الرافض للعمليات العسكرية التركية في الأراضي السورية، عادلًا ومبررًا من وجهة نظر القانون الدولي. وعلى الرغم من التصريحات الخجولة التي أدلت بها موسكو بعد بدء دخول القوات التركية إلى شمال سوريا، إلا أن البيان الأخير للخارجية الروسية قال: "إننا ننطلق من أن العمليات التركية قد تؤدي إلى تعقيد الوضع العسكري السياسي الصعب في سوريا، بالإضافة إلى تأثيره السلبي المحتمل على الجهود الدولية الرامية إلى وضع قاعدة للتسوية السورية تضفي طابعًا أكثر استقرارًا على نظام وقف الأعمال القتالية، وإيصال المساعدات الإنسانية بلا انقطاع، باعتبار أن ذلك كله يؤسس لمصالحة متينة وتجاوز الأزمة في هذه البلاد". ودعا البيان أنقرة إلى "وضع الأهداف المذكورة في البيان نصب عينيها قبل التفكير بالأهداف العسكرية التكتيكية الآنية"، كما حثت الخارجية الروسية تركيا على "الامتناع عن أي خطوات تزعزع أكثر الاستقرار". وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أكد أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب عن دعمه لعملية درع الفرات"، والتي انطلقت فجر 24 أغسطس 2016، كما ذكر أن هناك تعاونًا بين أنقرةوموسكو حول "موضوع التفاهم بشأن حلب". وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناقش خلال قمة العشرين، في الصين، إقامة منطقة آمنة في سوريا، ولم يلق الأمر اعتراضات من الدول الأخرى، إلا أنه لم يُقابل بإرادة واضحة أو دعم واضح. وفي الوقت الذي شدد فيه "كالين" على أهمية أن تتم مناقشة "مستقبل بشار الأسد ضمن المعادلة الحالية، أوضح أن القوات التركية تخطط لتنفيذ وقف لإطلاق النار في محافظة حلب السورية، التي دخلتها القوات التركية، لمدة 48 ساعة مبدئيًا، "وهدفنا تمديدها لتستمر في عيد الأضحى"، الذي يحتفل به المسلمون الأسبوع المقبل. وكشف عن أن أنقرة لا تزال تقابل بعض المشكلات مع واشنطن بخصوص دعم الأخيرة لقوات سوريا الديموقراطية الكردية، التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية، مشددًا على أن بلاده مُصرة على عدم تواجد أي عناصر لقوات سوريا الديموقراطية في مدينة منبج السورية. وحذر "كالين" من أن تركيا "لن تسمح بإقامة ممر إرهابي شمال سوريا"، مؤكدًا أنه في حال "عبرت وحدات حماية الشعب الكردية إلى غرب الفرات، فستتحول إلى هدف مشروع" للقوات التركية. وأوضح أن "موضوع العمق في شمال سوريا يشكل أهمية من حيث عدم عودة داعش". من جهة أخرى استبعد نائب وزير الخهارجية الروسي سيرجي ريابكوف فشل المفاوضات الجارية مع واشنطن حول صياغة اتفاق جديد بشأن الهدنة بسوريا، واصفًا الفرق المُتبقي بين مواقف البلدين بأنه بسيط. وأكد ريابكوف أن "الفرق بين مواقفنا بات بسيطًا، ويمكننا تجاوزه في حال توفر الإرادة السياسية"، مضيفًا أن الطرفين باتا قريبين جدًا، لكن أهمية المسألة وحساسية الموضوع لا تسمح بالتنبؤ بالدقة حول الجهود المستقبلية التي سيتطلبها التوصل إلى هذا الاتفاق. وفي الوقت نفسه حذَّر "ريابكوف" واشنطن من إجراء "لعبة مزدوجة"، مشيرًا إلى أن التصريحات المثيرة للقلق التي تصدر من "مسؤولين مجهولين" في الإدارة الأمريكية حول كون المفاوضات معلقة بقشة، لا تساعد في إحراز الهدف" وتزعزع بحد ذاتها آفاق التوصل إلى الاتفاق المرجو. واعتبر الدبلوماسي الروسي أن تسريب رسالة بعث بها المبعوث الأمريكي إلى سوريا مايكل راتني إلى المعارضة السورية، دليل آخر على انخراط واشنطن في "لعبة مزدوجة"، مشددًا على أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق في مثل هذه الظروف. وحسب التسريبات الصحفية، فقد أبلغ "راتني" في رسالته المعارضة السورية بأن مسودة الاتفاق الروسي-الأمريكي حول سوريا تنص على أن تمنع روسيا الطائرات الحربية التابعة للحكومة السورية من قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة من واشنطن، كما تتضمن انسحاب القوات الحكومية من طريق الإمداد شمالي حلب.