"هربوا من جحيم الفقر، فماتوا وأُصيبوا بلهيب النار"، هذه الكلمات تلخص حال ضحايا عمال قرية تندة التابعة لمركز ملويجنوب محافظة المنيا، الذين لقوا مصرعهم وأُصيبوا إثر انفجار أسطوانة بوتجاز بمسكن خاص بهم، خلال تواجدهم به بمدينة طرابلس بليبيا. وبالانتقال إلى مسقط رأس الضحايا العشرة، تبين أن السبب وراء سفرهم إلى الدولة التي تشهد أعمال عنف دون توقف، هو الفقر الشديد الذي يُحيط بهم وظهر جليًّا من خلال منازلهم داخل قرية تندة، فضلًا عن حال أسرهم الذي يشير إلى حالة الفقر الشديدة. "ولادي سافروا علشان يصرفوا علي رجعولي جثتين"، بهذه الكلمات أكد سلامة عبد الحكم والد كل من محمد 31 سنة وسالم 27 سنة، أن السبب وراء سفر نجليه هو البحث عن لقمة العيش، بعد أن فشلوا في الحصول عليها داخل وطنهم، وأنه وبعد إصابتهم بحروق خطيرة تم نقلهم إلى أرض الوطن بعد مرور 3 أيام على إصابتهم، الأمر الذى أدى إلى تأخر حالتهم الصحية بسبب عدم تحرك الدولة، ونقلهم على نفقتهم الخاصة التي يُعد تحويشتهم التي جمعوها خلال فترة عملهم بليبيا. "الحكومة معاملتش ولادنا كمصريين وفي الآخر صرفوا لكل متوفي 5 آلاف جنيه"، بهذه الكلمات هاجم عبد الحكم هاشم والد كل من صلاح وناجح الحكومة المصرية لعدم تحركها في التعامل مع الواقعة، قائلًا "الحكومة معبرتش ولادي علشان غلابة، وفي الآخر بعتوا المحافظ يحايلنا ب 5 آلاف جنيه لكل متوف، وإحنا صرفنا بس على رجوعهم لمصر أكثر من 50 ألف جنيه". "ابني اللي كان فاتح البيت ولو مات مش هنلاقي ناكل"، هكذا أكدت صباح عبد الله والدة أحد المصابين ويدعى محمد بدر، أن نجلها هو العائل الوحيد لأسرتها المكونة من 9 أفراد، وأن حالته خطيرة ويرقد داخل مستشفى المنيرة، وتتم معالجته على نفقته الخاصة، بعد نقله لأرض الوطن على نفقته الخاصة أيضًا، موضحة أنه سافر إلى ليبيا من أجل الإنفاق على أفراد الأسرة جميعًا، وبناء منزل أفضل ممن نعيش فيه لأنه لا يصلح لحياة البني آدمين "على حد تعبيرها". وأوضح فضل سلامة، أحد أهالي القرية، أن جميع المتوفين والمصابين ينتمون لأسر فقيرة، وأن غالبية شباب القرية يتجهون لدولة ليبيا للعمل فيها، خاصة أن القرية تقع غرب مدينة ملوي بالقرب من الصحراء الغربية. وكان كل من محمد بدر ومحمد كسبان عبد الحكم ومحمد ناجح عبد الحكم ورباح سلامة عبد الحكم، قد أُصيبوا بحروق متفرقة بالجسم، فيما لفظ كل من صلاح عبد الحكم هاشم وشقيقه ناجح، محمد سلامة عبد الحكم وشقيقه سالم سلامة عبد الحكم، ومحمد عبد الله هاشم أنفاسهم الأخيرة، متأثرين بإصاباتهم بحروق إثر إنفجار إسطوانة بوتاجاز خلال عملهم بالدولة الليبية.