ينبغى أن نضع خطا فاصلا بين حقيقيتن: الحقيقة الأولى أننا قصرنا كثيرا فى توضيح قضيتنا أمام شعوب العالم باعتبارها قضية شعب يناضل ضد الإرهاب والفاشية. والحقيقة الثانية أن هذا الأمر لا علاقة له بموقف الإدارة الأمريكية وحلفائها فى أوروبا وأذنابها فى المنطقة، المعادى لشعب مصر والمناهض لثورتنا على فاشية الإخوان فى 30 يونيو! إدارة أوباما وحلفائها وأذنابها لا يتصرفون عن جهل بحقيقة ما حدث، فهم يدركون الحقائق كاملة ويعرفون أن الملايين هى التى أسقطت حكم الإخوان الفاشى، وأن ما تواجهه مصر هو الإرهاب فى أحط صوره. لكنهم يتجاهلون ذلك عمدا، لأنهم راهنوا على «الإخوان» وخسروا الرهان، ولأنهم فقدوا -بسقوط حكم الإخوان الفاشى فى مصر- عميلا أساسيا فى تنفيذ مخططاتهم للمنطقة، ولأنهم لا يريدون أن يروا مرة أخرى مصر وهى تملك قرارها المستقل بكل ما يعنيه ذلك على مستقبل المنطقة كلها. ما تعرفه الإدارة الأمريكية وحلفاؤها فى أوروبا وأذنابها فى المنطقة الآن أن كل تهديداتها وضغوطها لن تغير من قرارنا، ولكنه يضعهم فى موقف الداعم للإرهاب والمساند للفاشية والمعادى لإرادة شعب مصر. وما نعرفه نحن جيدا أن حسم المعركة فى يدنا وحدها. وأنه لا مجال للمساومة فى قرارنا باستئصال كل عصابات الإرهاب من على أرضنا، ولا طريق مطلقا لعودة الفاشية، وأننا ماضون فى صنع المستقبل وتنفيذ خريطة الطريق المدنية الديمقراطية التى يشارك فيها الجميع ما دامت أياديهم لم تلطخ بالدماء، وما داموا لم يمارسوا العنف أو يرتكبوا جرائم الخيانة فى حق الوطن. نحن قادرون بوحدة شعبنا وتلاحمه مع الجيش والشرطة على حسم المعركة ضد الإرهاب، وعلى المضى قدما فى طريقنا الديمقراطى وفى إصلاحنا الاقتصادى والاجتماعى، وسوف ترضخ كل القوى التى تحاول عرقلة مسيرتنا لإرادة شعب مصر فى النهاية. لكن هذا لا يمنع أننا نحتاج إلى جهد كبير للتواصل مع الخارج.. لا أقصد الحكومات التى تعرف الحقائق ومع ذلك تقف -حتى الآن- فى صف الإرهاب، ولكن المقصود هو الشعوب التى تتعرض لإعلام منحاز ولحكومات تبيع الحقيقة والضمير من أجل مصالحها. نحتاج إلى جهد تشارك فيه الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى لكى نشرح للشعوب حقيقة ما يجرى فى مصر، ولكى نفضح موقف بعض الحكومات أمام الرأى العام هناك، ولكى نبين الأضرار التى تلحق بهذه الشعوب من وراء مواقف حكوماتها وتعادى إرادة شعب مصر والشعوب العربية كلها. نحتاج من كل المثقفين أن يتصرفوا كجنود فى معركة الوطن، كما فعلوا قبل 30 يونيو حين تصدوا للحكم الفاشى وكانوا فى مقدمة عوامل سقوطه. رأيت أمس مقطعا من مؤتمر صحفى لوزير الثقافة وبعض رموز الثقافة لشرح القضية، ولم يكن المؤتمر فى المستوى المطلوب. نحتاج إلى غرفة عمليات تنظم جهد كل المبدعين والمفكرين والمثقفين فى هذه المعركة. لدينا العديد من الأسماء التى يحترمها العالم والقادة على مخاطبة المثقفين والمبدعين فى العالم كله. الأمر هام، لأن المؤامرة كبيرة، لكننا قادرون على التصدى لها وفضها أمام شعوب العالم. أعرف أن الإدارة السياسية للمعركة ما زالت دون المستوى، وأن الأداء الحكومى ينقصه الكثير. عظمة هذه الثورة أنها أطلقت قدرات الشعب، وأنها وحّدت مصر كلها ضد الفاشية والإرهاب. خاض المثقفون والمبدعون المعركة بشجاعة قبل 30 يونيو. جهدهم مطلوب أكثر فى هذه المرحلة، هم أقدر الناس على أن يضعوا الحقيقة كاملة أمام شعوب العالم. أن يقولوا للجميع إننا نحارب من أجل حقنا فى الحياة والحرية والعدل، وأن يفضحوا حكومات تتحدث طويلا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم تقف فى صف واحد مع إرهاب يريد أن يرفع الرايات السوداء فى أرض مصر.