كتبت: شيماء محمد بدأ روحاني عامه الرابع في الرئاسة منذ أسبوع مضى، حيث مضت ثلاث سنوات على وجوده في السلطة، أثمرت خلالها عن الاتفاق النووي حتى وإن كان لم يكتمل بعد، ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات الرئاسية الإيرانية في شهر مايو من العام المقبل، ويتكهن الكثيرون بأن روحاني سيكون أول رئيس إيراني لا يحظى بفترة ولاية للمرة الثانية. وبالرجوع إلى عام 2013 عندما فاز روحاني بمنصب الرئاسة وسط فرح وترقب الإيرانين وآمالهم في أن يكون رئيسهم ومُخلصِهم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، أصدر روحاني حينها وعدًا بأنه سيحل المشكلات الاقتصادية في 100 يوم، لكن بعد ثلاث سنوات وأثناء زيارته لمحافظة "كرمانشاه" الشهر الماضي، اعترض المواطنيين على كلامه خلال كلمته،وقاطعوه أكثر من مرة، في حين تجمع الأهالي حول موكبه مرددين (أين وعودك لنا نحن لا نرى سوى الفقر والبطالة واتفاق نووى منقوص). وكان روحاني قبلها بعامين في مدينة "مشهد" أعلن خروج إيران من مرحلة الركود الاقتصادي. فمنذ ثلاث سنوات وحكومة روحاني تحاول حل المشكلات الاقتصادية، لكن بالنظر للوضع الاقتصادي الإيراني، مازالت المشاكل قائمة، لكن الرئيس يحاول استثمار نجاح الاتفاق النووي الذي ساعد إلى حد ما في حدوث انتعاش بالسوق الاقتصادي، حتى وإن كان يبدو بسيطًا مقارنة بحجم المشاكل. لكن إذا حدث ولم يتم انتخاب روحاني لفترة رئاسية جديدة، فما هي المشكلات التي ستواجه الرئيس الإيراني الجديد؟ أولًا :الركود الاقتصادي والتضحم والتهريب أعلن مركز الإحصاءات الإيراني أن معدل التضحم خلال الفترة من شهر يونيو إلى شهر يوليو السابق وصل إلى 9%، وإذا تم انتخاب ترامب في أمريكا الذي يعارض الاتفاق النووي بشدة، سيكون هناك خطرًا أكبر على الاقتصاد الإيراني بجانب تهريب البضائع الذي يكلف الحكومة خسائر كبيرة، ويُعتبر عاملًا رئيسيًا في تفاقم الركود الاقتصادي. ثانيًا: البطالة تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد العاطلين عن العمل في إيران بلغ 10 ملايين شخص، ويتوقع الخبراء الاقتصاديين الإيرانيين ارتفاع نسب البطالة في 2020 إلى معدلات خيالية إذا استمر الوضع الاقتصادي على هذا الحال. ثالثًا: مشكلة انهيار البنية التحتية لم تفعل حكومة روحاني أي شئ بخصوص تجديد البنية التحتية التي انهارت، وأدى ذلك إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية، مما شكَّل تهديدًا كبيرًا للحاصلات الزراعية، وفقًا لما أعلنته "لجنة الزراعة والمياه والموارد الطبيعية" بالبرلمان الإيراني، فضلًا عن انتشار الأمراض بين المواطنين. رابعًا: أزمة المياه سوء الإدارة وبناء السدود وضع إيران في خطر التعرض للجفاف التام إذا لم تعمل الحكومة على حل تلك المشكلة، ونتيجة لقلة المياه لجأ المواطنيين لحفر العديد من الآبار الجوفية مما يزيد من حجم المشكلة، حيث كان من المفترض أن حكومة روحاني وضعت خطة للتصدي لتلك الأزمة عن طريق ردم تلك الآبار الغير مرخصة في عام 2015 لكنها لم تقم إلا بردم 920 بئر من إجمالي 350 ألف بئر غير مُرخص، وكان المجلس الأعلى للمياه أصدر قرارات هامة لإنشاء 15 مشروعًا لتوازن توزيع المياه، لكن حكومة "روحاني" لم تستطع تنفيذ هذه المشروعات نظرًا لقلة الإمكانيات المادية. خامسًا: أزمة العشوائيات فشل روحاني في حل قضية العشوائيات الموجودة على أطراف المدن الإيرانية الكبيرة، حيث يعيش قرابة 19 مليون شخص في مساكن عشوائية غير آمنة، وهؤلاء يشكلون 30% من نسبة السكان والسبب الأهم في وجود العشوائيات هي البطالة، فمعظم ساكني العشوائيات هاجروا من محافظاتهم للعاصمة والمدن الكبيرة بحثًا عن العمل. سادسًا: مشكلات قطاع الصحة كشف نائب وزير الصحة الإيراني للشؤون العلاجية "محمد أغاجاني" أن هناك مشكلات كبيرة في المستشفيات الإيرانية وقلة الأسرة الطبية في المستشفيات الحكومية بجانب تدني الخدمات الطبية. سابعًا: مشكلة التلوث تحتل إيران المرتبة السابعة عالميًا من حيث التلوث، وإلى الآن حكومة روحاني لم تقدم أي حلول لتلك المشكلة التي قال عنها الباحثيين الإيرانيين في مجال البيئة بجامعة طهران: إن "الأمر سيعود على إيران بأضرار جسيمة خلال السنوات القادمة”. ثامنًا: الفساد في النظام الإداري والمحليات بعد فضيحة الرواتب الخيالية لبعض المسئولين الإيرانيين وتورط "حسين فريدون" أخ الرئيس روحاني في تلك الفضيحة، نادى الكثيرون في البرلمان بضرورة إعادة هيكلة النظام الإداري، ولم تفعل الحكومة أي شئ تجاه هذا الأمر . أما بالنسبة للمحليات، فإنها تشهد فسادًا كبيرًا، حيث تناولت الصحف الإيرانية في الآونة الأخيرة فساد بلدية طهران وتورطها مع أشخاص بالقيام بتدمير الأماكن الأثرية وتحويلها لأبراج سكنية، مما أدى إلى غضب سكان طهران خاصة بسكوت روحاني التام عن تلك الأمور. تاسعًا: المشكلات الاجتماعية عندما فاز روحاني بالرئاسة تأمل الإيرانيون فيه أنه سيحل مشاكله الاجتماعية أيضًا خاصة موضوع الشرطة الأخلاقية وممارستها المقيدة لحرية الشعب وقضية الحجاب الإجباري على النساء والرقابة على الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لم يفعل أي شئ مُرضي للإيرانيين بخصوص تلك المشاكل. كل تلك المشاكل ستواجه الرئيس الإيراني القادم بجانب الاتفاق النووي (الغير مكتمل إلى الآن) الذي جاء ليرفع سقف آمال الشعب الإيراني، لكنهم بدأوا يرددون بأن الاتفاق النووى لم يعود عليهم بالنفع إلا قليلًا وأقل مما يستحقون مما أصابهم بخيبة الأمل. أما بالنسبة لإنجازات روحاني خلال ثلاث سنوات، فقد استعرضها بنفسه خلال اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الأسبوع الماضي قائلًا: - أولاً: إن معدل النمو سيزيد هذا العام بنسبة 5%، وأنه تم خفض التهريب من 25 مليون دولار في العام الماضي إلى 15 مليون دولار هذا العام. - ثانيًا: أعلن روحاني أن هناك أكثر من 400 بنك أجنبي يتعامل مع إيران الآن بعد الاتفاق النووي، وأن معدل التبادل التجاري بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي وصل إلى نسبة 42% أي بقيمة 929 مليون يورو، مضيفًا أن الحكومة نفذت خلال الثلاثة أعوام الماضية حزمتين اقتصاديتين مهمين للخروج من الركود الاقتصادي، وأيضًا استطاعت الحكومة تحقيق 10% من الأهداف الاستثمارية لها، وأن الحكومة قادرة على جذب عدد كبير من الاستثمارات الأجنبية مقارنة بالسنوات السابقة، وأنها اتخذت تدابير جديدة لتشجيع المستثمرين الأجانب ليصل حجم الاستثمارات إلى 250 مليار دولار في قطاعات مختلفة. - ثالثًا: يُحسب لحكومة روحاني صفقات مهمة منها - دخول صانعي السيارات العالمية للسوق الإيراني، فتم عقد اتفاق شراكة بين شركة "سايبا" الإيرانية لصناعة السيارات وبين شركة سيتروين الفرنسية واتفاق آخر بين شركة "إيران خودرو" وشركة بيجو الفرنسية لإنشاء مصانع مشتركة وتصدير 30% من الإنتاج المشترك للخارج. - رابعًا: نمو في العلاقات الاقتصادية الإيرانية الروسية، ووفقًا لتقرير وكالة "تسنيم" للأنباء الإيرانية، فإن القيمة الاقتصادية بين البلدين وصلت إلى نحو مليار و700 مليون دولار أي بنسبة 30% في عام 2015، وارتفعت هذا العام لتصل إلى 69% . - خامسًا: نجاح الحكومة في جلب استثمارات اليابان، حيث صرح "أمير حسين" مساعد وزير النفط للشؤون الدولية والتجارية، بأن اليابان ستستثمر في مجال البتروكيماويات والغاز الطبيعي المسال بقيمة 10 مليارات دولار. أما بخصوص عدم اكتمال الاتفاق النووي، قال روحاني: إنه "في حالة عدم توقيع الاتفاق النووي، كنا سنكون في حال أسوء وعقوبات أكثر، وأن الشعب استطاع انتزاع حقوقه بالكثير من المفاوضات الطويلة والمتوترة ونحن غير مسئولين عن عدم التزام الولاياتالمتحدةالأمريكية بوعودها”. فإذا افترضنا أن "روحاني" هو من سيكون الرئيس القادم، فهل يستطيع مواجهة وحل كل تلك المشكلات التي عجز عن حلها خلال ثلاث سنوات مضت؟ وإذا لم يتم انتخاب روحاني مرة ثانية هل يستطيع الرئيس القادم تحمل مسئولية تلك التركة الكبيرة من المشكلات؟