ما زالت إيران تجني مكاسب الاتفاق النووي، خاصة بعد دخوله حيز التنفيذ قبل أيام، حيث تسعى إلى استثمار أجواء ما بعد الاتفاق النووي للتنمية في البلاد، وفتح أسواق جديدة وعرض السوق الإيرانية أمام دول العالم، وعلى رأس أولويات الرئاسة الإيرانية تأتي دول الاتحاد الأوروبي، حيث بدأت الدبلوماسية الإيرانية نشاطها في القارة الأوروبية، في محاولة لتطوير العلاقات مع الدول الأوروبية، خاصة تلك الدول التي کانت تربطها علاقات حسنة مع إيران قبل الحظر. أوروبا كانت المحطة الأولى التي وقف فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، حيث توجه روحاني إلى إيطاليا ليعبر منها إلى السوق الأوروبية الواسعة، التي طالما كانت محظورة على طهران منذ سنوات بسبب العقوبات الأوروبية، حيث تأتي الجولة بعد أكثر من عقد على انقطاع الزيارات الإيرانية الأوروبية على مستوى الرؤساء. استبق روحاني جولته الأوروبية بتصريحات تفاؤلية، حيث قال الرئيس الإيراني قبل مغادرته العاصمة طهران: إن ما يضاعف أهمية جولته الأوروبية هو أنها تأتي بعد تنفيذ الإتفاق النووي، وإلغاء الحظر عن إيران، موضحًا أنه سيبحث وثيقة خارطة طريق للتعاون المتوسط والبعيد المدى مع كل من إيطالياوفرنسا، معربًا عن استعداد بلاده للحصول على آخر التقنيات الحديثة. روما.. بوابة العبور استقر الرئيس الإيراني ومرافقيه الذين يزيدون عن مائة شخص، من بينهم وزراء في الحكومة ورجال أعمال، في روما عدة أيام، حاصدًا عددًا من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، حيث وصل حسن روحاني بعد ظهر أمس الاثنين إلى مطار شامبينو بالعاصمة الإيطالية روما، وكان في استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوي، والتقى روحاني نظيره الإيطالي سرغيو ماتاريلا، قبل أن يجمعه عشاء عمل مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، وخلال الجلسة بين الطرفين وقَّعا 14 اتفاقية تعاون في مجالات مختلفة، بلغ حجمها 18 مليارًا و400 مليون دولار، وشملت الاتفاقيات مجالات الصحة والعلاج والتعليم الطبي، كما تم توقيع وثائق تعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والصناعة والطرق والزراعة والنقل. اعتبر روحاني توقيع هذه الاتفاقيات، بداية فصل جديد للعلاقات بين طهرانوروما، وقال: سنواصل هذه العلاقات بصورة جيدة، ونعد بأننا سنكرس جهدنا في دعم القطاع الخاص، وأن نستمر في هذا الدعم، وأضاف الرئيس الإيراني أن الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي المستقر في إيران، يسمح بالمشاركة في هذه القطاعات، مؤكدًا أن الحوار السياسي هو الطريق الوحيد لحل قضايا الأمن الإقليمي وليست الوسائل العسكرية. بدوره أشاد رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي، بتوقيع الاتفاقيات، واصفًا اليوم بالكبير لإيطاليا، وأن هذا التعاون الاقتصادي مهم جدًّا في ظروف الأزمة الاقتصادية الراهنة لإيطاليا، مشددًا على دور إيران في الحرب على الإرهاب وإحلال السلام والديمقراطية في المنطقة، مؤكدًا أن إيطاليا ستسعى في المرحلة الجديدة مع الدول الأوروبية لتطوير علاقاتها مع إيران في مختلف المجالات. إلى جانب الحقيبة الاقتصادية، فتح روحاني الحقيبة السياسية أيضًا وناقش مع المسؤولين الإيطاليين الأزمات كافة الإقليمية والدولية، التي أصبحت الآن تمس جميع دول العالم، خاصة أن الإرهاب بات يهدد الدول البعيدة عن الشرق الأوسط أكثر من القريبة منه، حيث أشار روحاني خلال اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين الإيطاليين، والتي تم البحث خلالها حول السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن السلام من الناحية الإنسانية والسياسية والدولية، ودور إيران في مكافحة الإرهاب، يحظى بأهمية فائقة، ونوه إلى أن إيران تباحثت وتعاونت مع إيطاليا من أجل السلام والاستقرار في افغانستان، وينبغي العمل لعودة السلام الحقيقي إلى المنطقة، مضيفًا: نريد أفغانستان وليبيا وعراق ولبنان وسوريا آمنة، ونحن بحاجة في هذا المجال للتعاون الأمني والثقافي والسياسي، وأن البلدين على استعداد لتقديم الدعم من أجل إرساء السلام والاستقرار. يبدو أن القيادة الإيرانية اختارت الدخول إلى القارة العجوز من البوابة الإيطالية؛ لما بين البلدين من تعاون وثيق وعلاقات لم يشبها التوتر، حتى أيام الحظر ومفاوضات الاتفاق النووي، حيث كانت روما من الدول القليلة التي لم تلعب دور المشاغب أثناء المفاوضات النووية، كما أنها لم تدخل في صدام مباشر أو غير مباشر مع طهران، أضف إلى ذلك تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث كانت إيطاليا في بعض الفترات الشريك التجاري الأول لإيران، وبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين قبل بدء العقوبات وإجراءات الحظر نحو سبعة مليارات يورو، مما جعل إيطاليا أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين والتجاريين لإيران حينها، أما حاليًا فقد بلغ 1,6 مليار يورو، بينها 1,2 مليار يورو صادرات إيطالية. بعد 17 عامًا.. روحاني في الفاتيكان حظيت زيارة روحاني إلى الفاتيكان باهتمام كبير، حيث تأتي بعد سنوات طويلة من تجميد الزيارات بين الطرفين، وتعود آخر زيارة لرئيس إيراني إلى الفاتيكان لعام 1999، والتي قام بها الرئيس السابق محمد خاتمي، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الإيراني بالبابا فرانسيس، كما نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، أنباء تفيد بإمكانية زيارة البابا فرانسيس لإيران في الفترة المقبلة. فرنسا.. عقود اقتصادية وتجارية بعد انتهاء زيارة روحاني إلى الفاتيكان من المقرر أن يتوجه الرئيس الإيراني إلى فرنسا غدًا الأربعاء، حيث سيلتقي نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، قبل أن يعقد وفدا البلدين جولة من المباحثات المشتركة، على رأسها إتمام صفقة مع شركة إيرباص؛ لشراء أكثر 114 طائرة مدنية، فضلًا عن توقيع عقود مهمة من بينها عقود مع شركتي بيجو ورينو لصناعة السيارات، وتأتي هذه الزيارة الإيرانية إلى فرنسا بعد زيارة مماثلة قام بها وفد اقتصادي فرنسي كبير ضم 150 شخصًا من رجال الأعمال إلى طهران في سبتمبر الماضي. زيارة روحاني إلى الدول الأوروبية تأتي تتويجًا لزيارات سابقة، من وفود اقتصادية وتجارية أوروبية إلى طهران في يوليو الماضي، بعد توقيع الاتفاق النووي وقبل دخوله حيز التنفيذ، حيث أعلنت العديد من الشركات الأوروبية حينها، من بينها إيرباص وتوتال وشِل وإيني استعدادها للعمل في إيران وإبرام صفقات معها.