أظهرت التصريحات الروسية خيبة أمل شديدة عقب انتهاء اجتماع مجلس (روسيا – الناتو) في بروكسل؛ بسبب عدم التوصل إلى أي تفاهمات بشأن العلاقات مع حلف الناتو. وجاء هذا الاجتماع بعد فترة انقطاع في العلاقات بين الطرفين لأكثر من عامين؛ جراءالأزمة الأوكرانية، إذ يتهم الغرب عامة، والولاياتالمتحدة والناتو خاصة، روسيا بتورطها في تفاقم الأحداث في أوكرانيا، وبعدم شرعية انضمام شبه جزيرة القرم إلى كيان روسيا الاتحادية. غير أن خيبة الأمل الروسية بدأت عمليا مع قمة حلف الناتو التي انعقدت في العاصمة البولندية وارسو يومي 8 و9 يوليو الحالي، والتي اتخذت جملة من الإجراءات التي سببت إزعاجا شديدا لموسكو. وتعليقا على القمة الأخيرة، قال مندوب روسيا الدائم لدى حلف الناتو ألكسندر جروشكو، إن التدابير التي اتخذها الحلف تحمل طابع المواجهة، وتشبه أنماط الحرب الباردة، لكن روسيا ليست تهديدا للحلف. وأضاف "نعتقد أن هذه التدابير زائدة عن الحاجة، وغير بناءة، وتحمل طابع المواجهة، وتضعف الأمن الإقليمي وفي عموم أوروبا، وتعيدنا إلى خطط ضمان الأمن أيام الحرب الباردة". وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الناتو، أن موسكو حذرت في اجتماع مجلس "الناتو – روسيا" من الآثار السلبية التي يمكن أن تخلفها نشاط الحلف العسكرية في منطقة البحر الأسود، موضحًا "لقد ناقشنا هذه المسألة، وأعربنا عن اعتقادنا بأن أي زيادة في النشاط العسكري لدول حلف شمال الاطلسي في منطقة البحر الأسود سوف تزعزع الوضع، ولن يسهم في ضمان الأمن في المنطقة". وبشأن الأزمة الاوكرانية، أشار "جروشكو"، إلى أن المشاركين في اجتماع المجلس أجمعوا على أنه لا يوجد بديل للتسوية السياسية للأزمة، وأنه من الضروري بذل كل الجهود من أجل تنفيذ اتفاقيات مينسك، مشددًا على أن مساعدات الناتو لأوكرانيا تحفز "التوجهات الانتقامية" في كييف. وتابع: "أشرنا خلال الاجتماع إلى أن دول الناتو، من خلال تقديمها الدعم لسلطات كييف، تشجع في جوهر الأمر صقور الحرب في كييف وتحفز التوجهات الانتقامية، وما يثير قلقا خاصا لدينا، هو أن وحدات القوات المسلحة الأوكرانية التي دربها مدربون من الولاياتالمتحدة وكندا، يتم نقلها إلى منطقة النزاع". كما أعرب "جروشكو" عن الأسف لإنهاء التعاون بين روسيا والناتو في أفغانستان، مشيرا إلى أن الوضع في هذه البلد يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي، مضيفًا "الوضع في أفغانستان يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي، إذ كان هناك تعاون جيد بين موسكو والحلف في أفغانستان، وعدد من المشرعات التي قمنا بتنفيذها في إطار مجلس الناتو - روسيا، وساعد كل ذلك ليس فقط على الوضع في أفغانستان ولكن كان أيضا لها مساهمة حقيقية في أمن الروس والأوروبيين". المسؤول الروسي حذر من أن سياسة الحلف تهدد بنشوب سباق تسلح جديد بقوله إن "الناتو يتخذ قرارا حول التوسع وقبول أعضاء جدد، من ثم يبدأ باستيعاب أراضي الدول الأعضاء الجدد من الناحية العسكرية – التقنية، ونشر قوات إضافية هناك بذريعة أنه من الضروري توفير الحماية لها، ويؤدي كل ذلك إلى أننا قد نجد أنفسنا في دوامة سباق التسلح الذي لا يريده أحد". ولفت المسؤول الروسي إلى أن حلف الناتو يُحول دول أوروبا الشرقية إلى "رأس جسر" لنشر القوات، ويدخل بعدا عسكريا على علاقات روسيا مع تلك الدول. ورأى أن "الخطر يتمثل في أن سياسة المجابهة المبنية اليوم على أساس الخطر الوهمي الذي تمثله روسيا، تتحول إلى التخطيط العسكري والتحضيرات العسكرية على حدودنا، وتتحول أراضي الدول الشرقية في حلف الناتو، والتي أعلنت نفسها على خط الجبهة، إلى رأس جسر لنشر القوات وممارسة الضغوط السياسية – العسكرية على روسيا". وفي الوقت الذي أشار فيه المندوب الروسي إلى أن موسكو لا يمكنها تجاهل الواقع العسكري الجديد في شرق أوروبا، قال إن الناتو يدفع روسيا لتكييف بنيتها العسكرية مع الوضع الأمني الجديد واتخاذ التدبير اللازمة لأمنها، مؤكدًا أن روسيا لا تشكل خطرا على أعضاء الحلف، وليس لها مصلحة في نموذج علاقات المواجهة الذي يفرض عليها. وأكد ألكسندر جروشكو، استعداد موسكو للعمل على تفادي وقوع حوادث عسكرية خطيرة، لافتًا بأن العسكريين الروس أكدوا تأييدهم لخطة الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو بشأن أمن الطيران فوق بحر البلطيق، واستعداد روسيا للدخول في مشاورات جدية مع الناتو بهذا الصدد. وكشف "جروشكو"، عن أن روسيا تقدمت بمقترح معين، يتضمن استعداد طيرانها بالتحليق مع أجهزة بعث وقبول إشارات عاملة وعلى خطوط سير محددة، معربًا عن أمل موسكو بأن يكون الاتفاق بشأن التحليقات بأجهزة إرسال الإشارات العاملة خطوة هامة للتخفيف من التصعيد. ودعا مندوب روسيا الدائم لدى حلف الناتو إلى أن يرسل الحلف خبراء عسكريين؛ للمشاركة في المشاورات بشأن هذه القضية، مشيرًا إلى "أننا ننطلق من أنه إذا كانت دول الناتو معنية بالفعل بتحسن الوضع الأمني في منطقة البلطيق، فعليها أن توافق على هذا المقترح وتكلف عسكرييها بالمشاركة في مثل هذه المشاورات".