تشهد العلاقات السعودية الإيرانية حربًا مستمرة، وذلك بعد فشل المفاوضات التي كانت تجرى بين البلدين من أجل ذهاب الحجاج الإيرانيين للديار المقدسة لأداء الفريضة. وكان علي جنتي وزير الثقافة والإرشاد بطهران، أعلن صباح اليوم عن منع الحجاج الإيرانيين من الذهاب للسعودية، مُلقيًا بالمسؤولية على الرياض، وفي المقابل رأت الأخيرة أن طهران هي التي قررت وبشكل مفاجئ مغادرة المملكة قبل التوقيع على محضر ترتيبات شؤون الحجاج الإيرانيين. "التفاوض مع إيران كالتفاوض مع إبليس".. كان هذا أحد تصريحات الأكاديمي السعودي محمود المبارك، في تعقيبه على الأمر، لافتًا في تغريدة على حسابه الإلكتروني بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى أن الذي يتفاوض مع إيران كالذي يتفاوض مع إبليس، فنحن تفاوضنا مع الإيرانيين لأجل الحج، والحوثيين في الكويت، ونظام الأسد في جنيف، فكانت النتيجة واحدة". وشاركه الرأي الكاتب السعودي علي الخشيبان، الذي اتهم إيران بأن ما تقوم به من تسييس للحج يعتبر "إساءة متعمدة للإسلام، وخصوصًا في ركن عظيم من أركانه، فحرمان الحجاج الإيرانيين بحجة هدفها تسييس الشعائر الدينية، لا يصح أبدًا، بل يعبر عن استخدام سياسي للدين تمارسه القيادة الإيرانية"، وفقًا لما نقلته عن قناة "الإخبارية" السعودية. "الخشيبان" أضاف "لابد للعالم الإسلامي أن يقف عند هذا التصرف الإيراني ويرى دافعه، فالمملكة التي تقدم كل ما لديها من إمكانات تؤكد أن من واجبها خدمة الإسلام والمسلمين، وترفض بشدة أن يكون المسلمون في أي موقع بالعالم أداة لتسييس هذه الفريضة العظيمة". ودخل على خط الهجوم محمد السلمي -رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية- الذي قالب: إن "إيران تعمل على تسييس الحج ورفع الشعارات السياسية والأيديولوجية وإقامة المسيرات والمظاهرات، وهذا يعد إخلالًا صريحًا بالغاية الدينية والتعبدية لهذا الركن العظيم الذي تتجسد فيه روح الوحدة الإسلامية والأخوة الديني". "سلمان الأنصاري" كاتب سعودي شارك هو أيضًا في موجة الانتقادات لطهران، قائلًا في تغريدة على "تويتر": إن "تسييس إيران للحج سيكون له آثار وخيمة عليها، وأناشد وزارة الإعلام بتكثيف جهودها في فضح مخططات الملالي بالفارسية". في المقابل كان هناك هجوم موازي من قبل المؤيدين لطهران، على رأسهم هاشم الموسوي – المتحدث الرسمي باسم حركة النجباء الشيعية – الذي وصف النظام السعودي ب"المحتل والمغتصب لمكة المكرمة"، مشيرًا إلى العراقيل التي وضعتها الرياض أمام أداء فريضة الحج لبعض الدول بالمنطقة بما فيها إيران، مشددًا على ضرورة تحويل إدارة الحج إلى دولة أخرى غير السعودية. ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن الموسوي قوله: إن "السعودية تضع العراقيل أمام أداء فريضة الحج لبعض الدول كحجاج إيران"، مشيرًا إلى "أن الكيان السعودي المتعجرف تجاوز على الحدود الإلهية وتعدى على الأحكام السماوية وخالف جميع الأعراف والقوانين البشرية". واعتبر "الموسوي" أن القدس ومكة المكرمة يعيشان حالة الأسر والاغتصاب من قبل الكيان الصهيوني وأذنابهم آل سعود"، مؤكدًا أن بيت الله حق للمسلمين وقبلتهم ومحل مناجاتهم ودعائهم". من جانبه اعتبر جابر أنصاري -المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن "السعودية تتحمل مسؤولية ما جرى حتى الآن، وهذا البلد يخالف أصول الضيافة ويقحم خلافاته السياسية في موضوع الحج"، مضيفًا "إيران تختلف مع السعودية في عدة قضايا لأن السعودية تعتبر نفسها خصمًا لإيران في المنطقة، فالرياض ومنذ فترة طويلة تتخذ سياسة خارجية قائمة على العداء وزيادة التوتر في المنطقة، لذلك نرى أن العلاقات السعودية الإيرانية خلال السنوات الماضية كانت متوترة في الفترة التي سبقت قطع العلاقات". بدوره وصف حسن الخميني -حفيد مرشد الثورة الإيراني- الفكر السلفي بالكارثة الكبيرة التي حلت على العالم الإسلامي ووصمة عار على جبين الحضارة الاسلامية، حيث أنها أسفرت عن شعور المسلمين بالخجل، وفقًا لما نقلته عنه وكالة "إرنا" الإيرانية. في السياق نفسه انتقدت منظمة الحج والزيارة الإيرانية، السعودية، لافتة في بيان لها إلى أن الرياض منعت الايرانيين من الحج وصدت بشكل عملي عن سبيل الله، موضحة أن طهران "كانت ومازالت تنظر إلى الحج والعمرة نظرة معنوية ووحدوية ومنمية للأخوة الدينية والإسلامية مصحوبة بتجنب التفرقة والطائفية". وأضافت أن مشاركة الحجاج الإيرانيين في صلوات الجماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي والاهتمام الجاد بتلاوة القرآن الكريم والاهتمام بالدعاء والمناجاة مع الواحد الأحد، خير شاهد على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت ومازالت تنظر إلى مراسم الحج نظرة شاملة تتجاوز الحدود".