الهزيمة الصغيرة (فقط 0.6%) التي مني بها مرشح حزب الحرية اليميني المتطرف "نوربرت هوفر" في النمسا، خلال انتخابات الرئاسة، لفتت الانتباه مرة آخرى لتصاعد الأحزاب اليمينية في أوروبا. وبالرغم من بعض مزاعم عناوين الصحف الرئيسية، يمكن القول ببساطة أن اليمين المتطرف ينتشر عبر القارة بأكملها، ففي بعض البلدان انخفضت أو استقرت حصص الانتخابات العامة، وفي بعض البلدان الأخرى وخاصة دول جنوب أوروبا، والتي لاتزال ذكريات الفاشية والديكتاتورية على قيد الحياة حتى الآن، تغازل اليمين المتطرف؟ وبحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن بعض الأحزاب الشعبوية اليمينية جديدة، ولكن البعض الآخر كان قوة لا يستهان بها منذ سنوات عديدة حتى الآن، مثل في فرنسا والتي تتمتع بحصة كبيرة من الأصوات ولكن لم تتمكن من اختراق الصعيد الوطني حتى الآن.
فمعظم البلدان تتنتخب اليمين المتطرف بسبب بعض المخاوف المشتركة في كلا منها وهي المهاجرين وتوحيد طبقات المجتمع والوظائف والدخل والنخب السياسية والأعمال التابعة للاتحاد الأوروبي، فيما غذت تصاعدها أزمتي اليورو واللاجئين للاتحاد الأوروبي بالإضافة لهجمات باريس وبروكسل. ومع ذلك، تعتبر جذرها الايدلوجية مختلفة جدا: فمن مناهضة المؤسسات إلى الفاشية الجديدة ومن القومية إلى مكافحة التقشف ومن الاستبدادية إلى الشعبوية ومن التحرر إلى المحافظة.
وقالت الجارديان: "ما يحدث لا يمكن إنكاره، فالأحزاب الرئيسية التقليدية في القارة في تراجع تام، ففي جميع أنحاء أوروبا تنخفض الديمقراطيون الإشتراكيون، والديمقراطيون المسيحيون، من يمين الوسط الذين يسيطرون على القارة منذ 60 عاما. فبعد الانهيار الذي رافق دعم حزبي الوسط في ديسمبر الماضي، لم تستطع ألمانيا تشكيل حكومة وستجري انتخابات جديدة الشهر المقبل. فيما يعتقد أن تحصد الأحزاب الرئيسية الثلاث في هولندا 40% من الأصوات فيما بينهم في انتخابات العام المقبل، وهو تقريبا ما كانت تحصده كل واحدة منفردة في السابق. وفي ألمانيا، دائما ما كانت تدعم الحزب الليبرالي وحزب الخضر، ولكن يبدو الآن صعود حزب البديل من أجل المانيا المناهض للمهاجرين ليضع نهاية لكلا الحزبين السابقين المسيطرين على الساحة السياسية منذ الحرب العالمية الثانية.
واعتبرت الجارديان أن مسيرة لأحزب في أوروبا يمكن أن تكون بسبب اليمين المتطرف ولكن بسبب عدم الثقة وخيبة الأمل ورفض واسع النطاق للمؤسسة السياسية. وسردت الصحيفة أهم التغيرات الحزبية في دول أوروبا كالتالي: - النمسا: بعد أن خفف من حدة خطاباته العنصرية في بعض الأحيان مركزا على قضايا مثل الرعايا الاجتماعية والسلطة ومناهضة المهاجرين، شهد حزب الحرية اليميني تضاعف في عدد الأصوات في السنوات الأخيرة ولكن ظل أقل من ال27% التي حققها عام 1999. ولكن تضاعفت الأصوات المؤيده له منذ 2006 كالتالي:
- إيطاليا: واصل حزب "ليجا نورد" الإيطالي خطاه الناجحة في الانتخابات الإقليمية، ليحظى بأول انتصار له في فينيتو عام 2015، انخفضت الأصوات المؤيدة له إلى النصف بين عامي 2006 و2013، فيما صعد الحزب المناهض للمؤسسات والفساد وحركة النجوم الخمس المناهضة لليورو منذ 2013، ليحصد مرشحها الكوميدي "ببي جريللو" 25% في انتخابات 2015.
- فرنسا: في الانتخابات العامة دعم الجبهة الوطنية واليمينية ومرشحتها ماريان لوبان تأرجح بين 11% في 2002، و4% في 2007 وما يقرب من 14% في 2012. ويعتقد أن لوبان من المرجح أن تصل إلى جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، ولكن يمكن أن تهزم مثل والدها في 2002.
- السويد: تصاعد الدعم لحزب السويد الديمقراطي القومي المناهض للمهاجرين منذ 2006، حيث حصد الحزب 49 مقعدا في انتخابات 2014 ما مكنه من تحقيق التوازن في البرلمان. في أدت أزمة اللاجئين إلى استمرار تصاعده.
- الدنمارك: أدى تصاعد حزب الشعب الدنماركي المناهض للمهاجرين والذي حصل على 37 مقعدا في البرلمان، إلى فرض قوانين مشددة على سياسات اللجوء والهجرة. حيث ارتفع تصاعدع خلال السنوات الخمس من 14% إلى 21% في الانتخابات العامة للعام الماضي. ففي غضون خمسة سنوات ارتفع رصيد حزب الشعب الدنماركي بنسبة 50%.
- فنلندا: سارقا لأصوات اليسار واليمين، استطاع حزب الفنلنديون الحقيقيون (والذي كان يسمى الفنلنديون سابقا) الذي يقوده تيمو سويني الذي لديه ملامح يسارية ولكن قومية محافظة أيضا، ويدهم الرفاهية ويعارض بشدة اللاجئين، حيث ارتفع الدعم بسرعة ليحصد الآن 38 مقعدا في آخر انتخابات برلمانية.
- إسبانيا: الحزب اليساري الجديد المناهض للهجرة ولسياسات التقشف والذي خرج من رحم تظاهرات التقشف الاسبانية خلال الأزمة المالية، بالاضافة لحزب المواطن اليميني المناهض للفساد، في 2006 كحزب إقليمي لمناهضة التشيكية الانفصالية، حيث حصد كلا منها نتائج مذهله في الانتخابات القومية العام الماضي، بنسبة 35% لكلا منهما ما حطم أحلام الحزب الرئيسي من تشكيل الحكومة.
- ألمانيا: بعد تشكيله في 2013 من قبل استاذ اقتصاد لقيادة حملة مناهضة لأحزاب اليورو والتنسيق المستمر ليورو، استطاع حزب البديل من أجل ألمانيا حصد 5% في الانتخابات العامة في نفس العام، وفي وقت سابق من هذا العام، حصد ممثلين في نصف برلمانيين ألمانيا. والآن بعدما حصد 15% بفارق 5 نقاط خلف عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط، ركز الحزب بنحو متزايد على مناهضة الهجرة حيث أعتمد مؤخرا مقترحا يقول بأن الإسلام لا يتوافق مع الدستور الألماني. وحصد الحزب نسبة 18% من الأصوات في انتخابات 2013.
- اليونان: الحزب النازي الجديد الفجر الذهبي تصاعد ليصبح ثالث أكبر قوة سياسية باليونان خلال الأزمة الاقتصادية للبلاد، ولكن الدعم الانتخابي له لم يرتفع منذ 2012. فيما نمت القوة الانتخابية لحركة سيريزا والتي تعتبر تحالفا بين اليسار المتطرف ووصلت للسلطة لمناهضة سياسة تقشف الاتحاد الأوروبي، أكثر من سبع مرات.
- المجر: يوبيك، ثالث أكبر حزب بالمجر، ينفي عنصريته، ولكن لاتزال أيدلوجيته مرعبة حيث تعادي السامية والعنصرية والمثلية الجنسية، وهي الأشياء التي تتجنبها معظم الأحزاب اليمينية. حيث حفز صعوده السريع من 2% إلى 21% منذ 2006 من حزب فيديس الوطني المحافظ الحاكم لزيادة السياسات المتشددة بما في ذلك تركيب أسلاك شائكة العام الماضي لإبعاد اللاجئين. يواصل حزبي فيديس الحاكم والحزب اليميني المتطرف يوبيك في الصعود، حيث حصد فيديس واحدة من أكبر نسب التصويت له في أوروبا منذ 2014 ب45%.
- بولندا: الدعم الذي حصده حزب القانون والعدل اليميني المتطرف، والذي يعتمد على الأقلية الكاثوليكية المحافظة يتواصل بثبات منذ 2005 ما سمح له بالفوز بانتخابات العام الماضي بما يقترب من نصف عدد الأصوات (4 من بين 10 أصوات).
- هولندا: شهد خيرت فيلدرز السياسي اليميني الهولندي المناهض للاتحاد الأوروبي وللإسلام رئيس حزب الحرية ارتفاعا من 2006 حتى 2010، لكن لينخفض دراماتيكيا بعد عامين. ولكن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه يمكن أن يصبح أكبر أحزاب هولندا ويحصد 25% من الأصوات.