في الوقت الذي تحيي أوروبا فيه الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى التي دمرت أوروبا القديمة، تكتسب أحزاب اليمين المتطرف نفوذاً في أنحاء من أوروبا الجديدة. ومعظم الأحزاب اليمينية المتطرفة مؤيدة لروسيا وتعارض الولاياتالمتحدة، وتعارض جهود الاتحاد الأوروبي لعزل بوتين لتدخله في أوكرانيا، ويتوقع أن تحقق هذه الأحزاب نجاحاً ملحوظاً في انتخابات البرلمان الأوروبي يوم 25 مايو. وكنت قد سافرت الشهر الماضي إلى المجر واليونان اللتين يوجد بهما أشد حركات الفاشية الجديدة قوة. ففي المجر فاز «حزب يوبيك-الحركة من أجل جعل المجر أفضل» بخُمس الأصوات في الانتخابات البرلمانية في الشهر الماضي. وفي اليونان، حتى رغم تعرض حزب الفجر الذهبي لحملة من الحكومة باعتباره منظمة إجرامية مازال حزب النازيون الجدد رابع أكبر حزب سياسي في البلاد. ويخوض الانتخابات على منصب رئيس بلدية أثينا حالياً «الياس كاسيدياريس» عضو البرلمان عن حزب «الفجر الذهبي» الذي يتحلى بوشم الصليب المعقوف، وينكر كلا الحزبين العداء المضمر للسامية أو للغجر لكن شعاراتهما وخطابهما يشيان بغير هذا. وزعماء الحزبين يعادون المثليين والمتحولين جنسياً ولا يخشون في ذلك لومة لائم. ويعادي حزب «الفجر الذهبي» المهاجرين بشدة. وكثيرون في اليونان والمجر إما إنهم لا يبالون برسالة الفاشيين الجدد أو يتبنونها. ورغم الإدانة الدولية لحزب «يوبيك» المعادي للسامية، وللغجر فإن نسبة دعم الحزب ارتفعت من 18 في المئة في انتخابات عام 2010 إلى 21 في المئة الشهر الماضي. وبين الذين أعيد انتخابهم في وظائف كان عضو برلماني من حزب «يوبيك» طالب الحكومة بأن تضع قائمة بأسماء اليهود الذين يشغلون مناصب رسمية لأنهم يشكلون «خطراً على الأمن القومي». وزعم مرشح فائز آخر بأن «الغجر سلاح بيولوجي» يستخدمه الإسرائيليون الذين «احتلوا» المجر. وهذه ليست كلمات بلا معنى في بلد يجري فيه ترهيب وقتل الغجر في هجمات منظمة. وذكرت وسائل إعلام مجرية أن حزب "يوبيك" خفف من حدة خطابه لجذب طائفة أكبر من الناخبين. لكن الرسائل التي تضمر معاداة السامية ما زالت واضحة للناظرين. فأحد إعلانات حزب "يوبيك" تشير إلى أسرة سعيدة تجلس إلى مائدة العشاء أمام أرفف كتب مليئة بأعمال لكتاب مشهورين بعدائهم للسامية. وفي اليونان احتدم الصراع بين الحكومة و«الفجر الذهبي» في معركة تأخرت كثيراً. ففي عام 2010 كان الحزب هامشياً ولم يفز إلا بنسبة 0.2 في المئة من الأصوات. لكن الاقتصاد انهار وبدأ بلطجية النازيين الجدد يرهبون المهاجرين بما في ذلك اللاجئين السوريين المكلومين ثم تصاعد الدعم لحزب «الفجر الذهبي»، وفي عام 2012 حصد الحزب سبعة في المئة من الأصوات و17 مقعداً في البرلمان، وهو انتصار اعتبره الحزب حسبما ذكرت تقارير إنه موافقة على حماية اليونانيين من طوفان المهاجرين. وأحصت جماعات لحقوق الإنسان 320 شخصاً على الأقل وقعوا ضحية العنف العنصري في اليونان العام الماضي وحده. ولا يزال حزب «الفجر الذهبي» الصامد يقدم مرشحين في الانتخابات المحلية وانتخابات البرلمان الأوروبي لهذا الشهر وبعض أعضائه يقولون إنهم سيتجمعون تحت اسم جديد وهو «الفجر القومي»، ويتوقع أن تصدر المحكمة قراراً بشأن من يستطيع خوض الانتخابات. وهناك أدلة متزايدة على أن الفجر الذهبي استفاد من التساهل، بل والدعم من عناصر من حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم والشرطة والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والجيش. ومن الواضح أن "اليمين المتطرف" في اليونان والمجر يتزايد شعبية، والسؤال الآن يتعلق بمدى اعتياد الناخبين في هذين البلدين، وفي أنحاء أوروبا على خطاب حركات الفاشية الجديدة، والمدى الذي ستحاول به الأحزاب الحاكمة استرضاء الناخبين من الجناح اليميني. ويبدو حالياً أن المرشحين من اليمين المتطرف قد يفوزوا بما يكفي من الأصوات في البرلمان الأوروبي، ليشكلوا كتلة قد تهدم المسلمة الأساسية للاتحاد الأوروبي، وهو أنه تحالف للسلام والرخاء المشترك قائم على احترام سلامة الأراضي والمؤسسات الديمقراطية القوية والالتزام بحقوق الإنسان. نوع المقال: سياسة دولية الاتحاد الاوربى-شمال اسيا