معركة شرسة تحولت من حرب أوروبية إلى حرب عالمية، وكانت من أعنف الصراعات، واستمرت أكثر من 4 سنوات وشارك خلالها قوات الحلفاء الممثلة في (المملكة المتحدةلبريطانيا العظمى وإيرلندا، فرنسا والإمبراطورية الروسية)، ودول المركز (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا)، وانتهت بانتصار بريطانياوفرنسا، اللذان بحثا عن الجائزة الكبيرة، والتي تضمنت المناطق والبلاد التي كان يسيطر عليها المهزوم"، ومن هنا نشأت اتفاقية سايكس بيكو التي يمر عليها اليوم قرنًا من الزمان بعد عقدها بشكل سري لتقسيم كعكة الشرق الأوسط. "الرجل المريض".. هكذا كان يطلق على الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 -1919)، هذا الرجل الذي كان على فراش الموت وكانت ممتلكاته وممالكه على وشك الخروج من تحت سيطرته، في نفس الوقت كانت هناك بريطانيا و فرنسا العدوتان اللدودتان لبعضهما البعض على مدار التاريخ، هذه المرة وحدتهما المصالح.. جمعهما فكرة الانقضاض على المنطقة العربية وتوزيع خيراتها وكنوزها بين الحليفتين المتعاونتين على سرقة ما كان يحتله العثمانيون. البداية كانت خطابات سرية في البدء كانت المراسلات، "خطابات سرية" من فرنسا للمملكة البريطانية المتحدة وبالعكس، وذلك للتشاور حول اقتسام منطقة الهلال الخصيب في ظل تهاوي إسطنبول، واستمر التراسل والتخاطب بين الجانبين 6 أشهر من نوفمبر 1915 إلى مايو 1916، وكان عراب الصفقة السرية هو الإمبراطورية الروسية وقيصرها الذي كان على وشك الإطاحة به وإعدامه في الثورة البلشفية بعدها بعام. رجل مات بالأنفلونزا وقسَّم الشرق الأوسط "جورج بيكو" محامٍ فرنسي حاصل على بكالوريوس بالحقوق، كان قنصلًا لفرنسا بالصين لسنوات، وقبلها قنصلًا عامًا في بيروت، ملم باللغة العربية، وبعد الاتفاقية تم تعيينه مفوضًا ساميًا لباريسبسورياوفلسطين، أما البريطاني فهو مارك سايكس، الموظف بالخارجية البريطانية، حياته كانت قصيرة حيث توفي في ال39 من عمره بالإنفلونزا، وحينما أرادوا دراسة الفيروس الذي قضي عليه فتحوا تابوته المصنوع من الرصاص وأخذوا عينة من بقاياه. أما "سايكس" فكان مُلمًا أيضًا بالعربية مثل بيكو، علاوة على التركية والفرنسية وألَّف كتبًا بهذه اللغات كان أشهرها "دار الإسلام" و"رحلة في الولايات العثمانية" ومن أشهر مقولاته الخاصة بتقسيم منطقة الشرق الأوسط " أود لو أرسم خطًا من عكا -فلسطين- إلى كركوك-العراق-" في روسيا ..انفضحت الأسرار السر انكشف في روسيا .. ثورة أكتوبر التي قام بها الشيوعيون وأسقطت العرش القيصري أعقبها العثور على وثائق تدين لندنوباريس وخطتهما لتقسيم الكعكة، ورغبة الثوار في فضح الدور المشبوه لروسيا الإمبراطوية ورعايتها للأمر كان السبب وراء معرفة العالم بالخطة السرية التي كانت لتظل طي الكتمان لولا تغير خارطة الحكم في بلاد الصقيع. وعد بلفور وإسرائيل ..الابن البكر لسايكس بيكو "سايكس بيكو" كانت البداية، وخرج منها بعد ذلك أكبر كارثة شهدها العالم العربي ألا وهي (إسرائيل)، فمن رحم الاتفاقية السرية خرج وعد بلفور ، ووعد من لا يملك لمن لا يستحق بإقامة وطن لليهود في فلسطين، ووفقًا للاتفاقية تم تقسيم منطقة "الهلال الخصيب"، حيث تحصل باريس على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سورياولبنان) ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعًا بالإتجاه شرقًا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. معاهدة لوزان تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانياوفرنساوروسيا، ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسالبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الإسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها. وفي عام 1923، تم توقيع معاهدة لوزان والتي بموجبها تم التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا، وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها (سوريا الكبرى أو المشرق العربي) إلى دول وكيانات سياسية كرسَّت الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها، وكان على رأسها العراق، الذي استقل عام 1932، وسوريا التي استقلت فعليًا عام 1946، و لبنان الذي استقل في 1943، علاوة على الأقاليم السورية الشمالية التي ضمت لتركيا ومنطقة الانتداب البريطاني على فلسطين، التي سيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك.