أودعت محكمة القضاء الإداري، حيثيات حكمها ببطلان قراري وزير العدل السابق، المستشار أحمد الزند، بمنح بعض أعضاء نقابات المهن الموسيقية، والتمثيلية، والسينمائية، صفة الضبطية القضائية، بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لقانون النقابات، واتحادها، سواء بصفتهم النقابية أو كموظفين عموميين، باعتبار أن استقلال النقابات مبدأ دستوري مسلم به. وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، إنه لا يجوز سحب وصف الموظف العام على أعضاء تلك النقابات، والقائمين على إدارتها، بالنظر إلى ما قرره الدستور في المادة "٧٧" في عبارات واضحة لا لبس فيها باستقلال التنظيم النقابي وعدم جواز فرض الحراسة عليها. وأضافت المحكمة أن الدستور المصري لم يصدر عن الشعب ليترك تنفيذ أحكامه بيد سلطات الدولة، إن شاءت اعملته وإن شاءت عزفت عن ذلك، مؤكدة أن تطبيقه واجب على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، كما شددت المحكمة على أن قراري وزير العدل المطعون فيهما، أهدرا ضمانات الحرية الشخصية المصونة دستوريا، والذي صاغها المشرع في قانون الإجراءات الجنائية من خلال قصر الاختصاص بوظيفة الضبطية على الموظفين العموميين المدنيين، سواء كانوا من رجال الشرطة أو غيرهم من الموظفين في أجهزة الدولة الذين ينطبق عليهم هذا الوصف. وأكدت المحكمة، أن تنفيذ هذين القرارين يتضمن المساس والانتقاص من حرية الفنانين المشتغلين بالفن التمثيلي في ممارسة نشاطهم الإبداعي الفني، دون تهديد أو ملاحقة من قبل أعضاء مجلس النقابة على الرغم من عدم اختصاصهم بهذا العمل. وأضافت أن منح هؤلاء الأعضاء صفة الضبطية القضائية، ينال من مبدأ شرعية الإجراءات الجنائية، ويخل بالضمانات الدستورية المقررة لحريات المواطنين عمومًا، وحرية التعبير عن الرأي، وما يرتبط بها من حرية الإبداع الفني والأدبي. كانت محكمة القضاء الإداري، المنعقدة بمجلس الدولة، قررت وقف الدعويين تعليقيًا، وإحالتهما للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة "٢٣-فقرة أخيرة"، من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنته من إطلاق منح الضبطية القضائية للموظفين دون ضابط، وكذلك الفصل في مدى دستورية المادتين "٥-فقرة رابعة"، والمادة "٥ مكرر"، من قانون إنشاء نقابات واتحادات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.