الإهمال التي تعاني منه الوحدات الصحية في قرى ونجوع محافظات الصعيد، يشكل خطرًا كبيرًا على حياة الأهالي، دون أي محاولة من المسؤولين، للارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدّمة داخل هذه الوحدات. رغم وجود 187 وحدة صحية بمختلف قرى ونجوع المدن والمراكز في محافظة قنا، بما يغطي معظم المحافظة تقريبًا، إلّا أن أغلب هذه الوحدات لا تؤدي الغرض من إنشائها، فيشكو سكان المحافظة من إغلاق الوحدات الصحية الكائنة بقراهم في مواعيد مبكرة والبعض الآخر منها مغلق تمامًا، فضلًا عن نقص الإمكانات والأمصال بها، ما يضطرهم للتوجّه إلى المستشفيات المركزية والعامة في المدن فور تعرّض أحدهم للإصابة، قاطعين عشرات الكيلومترات، وهو الأمر الذي يعرّض حياة المصابين للخطر، ويكلّف ذويهم جهدًا بدنيًا وماديًا. اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، والدكتور أيمن محمود خضاري، وكيل وزارة الصحة في المحافظة، لا يزالان يصرحان بتصريحات مفادها تطوير تلك الوحدات الصحية، دون أن يتواجد بها أي أطباء على الإطلاق.. "التحرير" حاولت رصد واقع الوحدات الصحية داخل قرى ونجوع محافظة قنا بالتجول داخل عدد من الوحدات، لتجد أبوابًا حديدية يكسوها الصدى دون سلاسل أو أقفال، وورقة معلقة لمواعيد العمل الوهمية، دون وجود أي موظفين أو حياة تدب بها. وحدات صحية مهجورة الوحدات الصحية في المحافظة تفتح أبوابها في التاسعة صباحًا حتى يقوم المواطنون بالتوقيع في دفاتر الحضور والانصراف ثم يذهبون إلى منازلهم وعياداتهم الخاصة، ويبقى فقط الإداريون داخل الوحدة الصحية، وذلك بحسب ما قاله أحمد عبدالنبي - أحد مواطني مركز أبو تشت شمال قنا، مضيفًا: "الوحدات الصحية في قنا لا تؤدي أي غرض ولا تعالج المرضى بأي حال من الأحوال، ولا يتم فتح أبوابها سوى لمدة ساعة واحدة لتوقيع الموظفين ثم إغلاقها مرة أخرى". غياب العقاقير والأدوية.. والدوام 60 دقيقة 60 دقيقة.. ساعات العمل لأطباء الوحدات الصحية في محافظة قنا، دون وجود أي أدوية أو عقاقير بداخل تلك الوحدات، فالمرضى يذهبون إلى الوحدات ويجدونها مغلقة أو خالية من الأدوية والعقاقير. قال محمد رجب هاشم، أحد مواطني مركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، إن الوحدات الصحية يذهب إليها المرضى، لكنهم لا يحصلون على أي نتيجة أو كشف طبي من قبل القائمين على الوحدة الصحية، مؤكدًا أن جميع الوحدات الصحية الموجودة في مركز نجع حمادي، خالية من جميع الأدوية، ولا يوجد بها سوى أدوية مسكنة للآلام: "حقنة الفولتارين دي الحاجة الوحيد اللي بنصرفها من الوحدة من غير أي كشف طبي ولا حاجة". طبيب ليومين.. وباقي الأسبوع «يموت المريض» يتواجد عدد محدود من الأطباء داخل بعض الوحدات الصحية، لفترات قليلة لا تتجاوز الساعتين يوميًا، وبشكل عام لا يتواجدون طوال الأسبوع، لعدم وجود رقابة صارمة من وزارة الصحة على عملها. «صحة قنا»: عندنا عجز في الأطباء قال الدكتور أيمن محمود خضاري، وكيل وزارة الصحة والسكان في قنا، إن هناك عجز في الأطباء على مستوى الوحدات الصحية بمدن ومراكز محافظة قنا، ما تسبب في أزمة داخل هذه الوحدات الصحية. ونفى خضاري، صحة إغلاق الوحدات الصحية في وجه المواطنين، مؤكدًا أنه يجرى حاليًا توفير طبيب مقيم لكل وحدة صحية في المحافظة. تابع خضاري: "العمل بالريف تكليف وليس اختيار، إلّا أن عدد الأطباء غير كافي لتغطية جميع الوحدات الصحية"، واعدًا بتغطية الدفعات المقبلة من خريجي كليات الطب، للعجز الموجود في الوحدات الصحية بمختلف مدن ومراكز المحافظة.