على إيقاع الأهازيج والأنغام المغاربية الأصيلة، فمن فن كناوة الإفريقي والغناء القبائلي الجزائري، وأنغام موسيقى الراي التي تشتهر بها المناطق الشرقية في المغرب ونظيرتها الجزائرية، بعثت العاصمة المغربية الرباط دعوة إلى كل المغرب العربي، مفادها «أن ثقافة وشعوب وثرات هذه المنطقة يجمعهما تاريخ واحد مشترك». وتعيش الرباط منذ 4 أيام، على مختلف إيقاعات العالم في الدورة ال12 لمهرجان موازين «موسيقى إيقاعات العالم» الذي تحتضنه الرباط ما بين 24 مايو الجاري حتى الأول من يونيو القادم، وسهرت الإثنين الماضي، على أنغام مغاربية عبر فعاليات فنية مختلفة. واعتاد سكان الرباط، على ليال يرحلون فيها إلى عوالم تراثية قديمة كموسيقى دول «طريق تجارة الحرير»، حيث استمتعوا بعروض قدمتها من فرق يابانية وصينية وتركية وهندية تؤرخ لتاريخ هذه التجارة العريقة ومساهمتها في التلاحق الحضاري بين دول الشرق الأقصى. واستضافت شوارع الرباط مساء الاثنين، كرنفالا موسيقيا صاخبا ضم عددا من الفرق الاستعراضية الجوالة، جعلت من شوارع الرباط مسرحا لعروض بهلوانية وأخرى راقصة تستقطب كل مساء مئات المعجبين. إلا أن معجبي الفن المغاربي كانوا على موعد مع فرقة «فانفاراي» القادمة من الجارة الشرقية للمغرب «الجزائر»، والتي يعطي حضورها لمثل هذا المهرجان العالمي المقام في المغرب، بعدا ثقافيا متميزا لطبيعة العلاقات الثقافية والتاريخية القوية بين البلدان المغاربية. وتقول الفرقة المؤلفة من 11 عضوا «إنها تقدم في عروضها موسيقى تحاول دمج ألوان تراثية مغاربية مختلفة»، كموسيقى القبائل الجزائرية وموسيقى كناوة التي يشتهر بها الجنوب المغربي وموسيقى الراي التي تنتشر في المناطق الشرقية للمغرب وجارتها الجزائرية على طول الحدود بين البلدين إلى جانب وصلات خاصة من الثرات الشعبي الأمازيغي. فعلى صوت «القراقب» و«الكنبري» «آلات موسيقية معروفة في المنطقة المغاربية» أدت الفرقة مقطوعاتها، تصاحبها تعليقات الإعجاب من الجمهور، وتصفيق المعجبين الذي انتقلت بهم إلى أصناف فنية مختلفة من الثرات المغاربي، استطاعت الفرقة بمهارة إدماجه في عروض جمعت بين العزف الحماس والرقص على وقع الأنغام الإفريقية المغاربية. كما أحيا الفنان الجزائري «الشاب مامي» مساء ألاثنين، إحدى أكبر حفلات المهرجان التي استقطبت آلاف الحاضرين في العاصمة المغربية. وعبر الفنان الجزائري خلال مؤتمر صحفي أمس، عن رغبته في أن يحمل علما مغربيا وجزائريا واحدا ، تعبيرا عن وحدة الشعوب المغاربية، وأنه يحب الغناء للجزائر، كما يحب أن يغني للمغاربة الذين وصفهم ب«الإخوة». ويعتبر «الشاب مامي» أحد أشهر نجوم موسيقى الراي التي تنتشر بشكل واسع في كل من الجزائر والمناطق الشرقية المغربية. ويشارك في الحفلات الموسيقية التي ستقام في أنحاء مختلفة من الرباط، عدد من كبار الفنانين من العالم، حيث افتتحت المغنية الأمريكية «ريهانا» حفلات المهرجان الذي يستقطب آلاف المعجبين من داخل المغرب وخارجه، وسط انتقادات حادة يوجهها آخرون للمهرجان بسبب «الدعم المالي الكبير الذي يحصل عليه» على حد قولهم. ومن المنتظر أن يحيي سهرات المهرجان فنانون عالميون كالبريطاني «جيسي جي، والفرنسي، سيكيون داسو، والأمريكي سي لوكرين» وآخرون، إلى جانب عدد من نجوم الموسيقى العربية اللبنانيين عاصي حلاني، ونجوى كرم، والمصري تامر حسني، بالإضافة إلى فنانين محليين مغاربة. ويقول المشرفون على مهرجان «موازين»، إنهم يعمدون إلى تنويع العروض الفنية التي تقدمها الفرق الموسيقية القادمة من مختلف قارات العالم، لتمزج الثرات الإفريقي والعربي الآسيوي، بالإضافة إلى الموسيقى الحديثة بمختلف ألوانها وجنسياتها وأصنافها تلبية لأذواق الجمهور المختلفة، لتعيش الرباط على إيقاع العالم والموسيقى الإنسانية. لكن عددا من الشخصيات الثقافية والسياسية في المغرب من بينها قياديون في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الائتلاف الحاكم في المغرب، عبّروا عن تحفظهم إزاء الدعم الذي تحصل عليه بعض المهرجانات الفنية في المغرب، من بينهما مهرجان موازين الذي تتخطى الميزانية المخصصة له 7 ملايين دولار، ما يعدونه رقما ضخما بالمقارنة مع ما يخصص لباقي المهرجانات الفنية في المغرب.