موجة الاغتصابات الأخيرة في البرازيل تسلط الضوء على تناقضات دولة اقتربت من أن تكون أحد الدول القوية في العالم، وتروج لحماية حقوق المرأة، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. الرئيس، وقائد الشرطة، ورئيس شركة البترول الوطنية مناصب مهمة يشغلها سيدات في البرازيل، ومع هذا لم تلتفت السلطات البرازيلية إلى قضايا الاغتصاب وتلقي القبض على المشتبه بهم، إلا عندما تعرضت فتاة أمريكية إلى حادث اغتصاب من قبل سائق شاحنة صغيرة بعد أن ضرب صديقها بلوح معدني، الحادث الذي يتشابه كثيرا في ملابسته مع حادث الاغتصاب الذي تعرضت له فتاة في الهند وراحت ضحيته. في الواقع، كانت المناقشات العامة حول الاعتداءات الجنسية نادرة نسبيا إلى أن تعرضت تلك الأمريكية إلى الاغتصاب. ويرى بعض المحللين سبب في ذلك هو أن الضحايا السابقين لها كان معظمهم فقراء أو ينتمون إلى الطبقة العامة، وهو ما يعكس الصراعات الدائمة في البرازيل والانقسامات الطبقية في المجتمع. معظم الحوادث تقع في مدينة ريو دي جانيرو، وفي أماكن عامة مثل وسائل المواصلات والشواطئ، لكن كانت تتجاهل الشرطة التحقيقات. تسببت تلك الحوادث في إثارة جدلا واسعا حول ما إذا كانت السلطات مهتمة بالدفاع عن صورة ريو دي جانيرو – التي تستعد لاستضافة كأس العالم 2014 ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2016 - أمام العالم، أكثر من اهتمامها بحماية البرازيليات. بالرغم من تخصيص عربات للسيدات في مترو الأنفاق لتجنب التحرش بهن، يرى البعض أنه نوع من عدم المساواة في الوقت الذي يتم فيه تعيين سيدات في أكثر المناصب الحكومية قوة. تقول روجيريا بايكسينهو، رئيسة شبكة المرأة البرازيلية: «نعيش في مجتمع مصاب بانفصام الشخصية، يتم فيه إحراز تقدم كبير فيما يتعلق بمنح المرأة مناصب مؤثرة ذات نفوذ، وفي الوقت ذاته يظل الوضع لكثير من السيدات الفقيرات فظيعا». يقر المسؤولون الأمنيون في المدينة أن هناك زيادة هائلة في عدد قضايا الاغتصاب، حيث ارتفعت إلى 24% العام الماضي. لكنهم يرجعون هذه الزيادة إلى تعديل القانون في 2009، الذي شمل توسيع نطاق تعريف الاغتصاب، فضلا عن تسهيل إجراءات رفع الشكاوى على السيدات. قامت البرازيل بجهود جيدة لتقليل العنف ضد المرأة، ففي بداية الثمانينيات أسست مراكز شرطة جميع ضباطها من النساء لمساعدة الضحايا في تسجيل حوادث العنف المنزلي والاعتداءات الجنسية. وفي 2006، تم سن قانون لتأسيس محاكم خاص للبت في قضايا العنف المنزلي. لكن في الوقت الذي نجحت فيه السلطات البرازيلية في تقليل معدلات جرائم عنف معينة، ارتفاع معدلات الاغتصاب يركز الانتباه على مخاطر ركوب حافلات وشاحنات في ريو دي جانيرو، الذي يعتبر جزء ضروري من الحياة اليومية لكثير من السكان.