الحكاية مش ناقصة لف ودوران بشأن العمل بقانون الطوارئ.. .. فالعمل بالقانون انتهى أو لم يبق له سوى أيام إذا اعتبرنا الإعلان الدستورى للمرحلة الانتقالية صدر فى 30 مارس، وهو ينص على العمل بالطوارئ، لا يجب أن يزيد على 6 أشهر. لقد كان إلغاء حالة الطوارئ التى فرضها الرئيس السابق حسنى مبارك منذ توليه السلطة إلى خلعه مطلبا رئيسيا من مطالب الثورة. وقد استجاب المجلس العسكرى الذى يدير شؤون البلاد لذلك المطلب بوعده بأن سينتهى العمل بالطوارئ مع بدء الانتخابات.. وأكد ذلك فى الإعلان الدستورى الذى أصدره عقب استفتاء 19 مارس الماضى. وها هو ذا الفقيه القانونى المستشار طارق البشرى يؤكد مرة أخرى أن العمل بالطوارئ انتهى.. وهو المستشار الذى رأس لجنة التعديلات الدستورية وجلس كثيرا مع المجلس العسكرى.. وأعتقد أنه تكلم معهم كثيرا فى الأمور القانونية والدستورية التى يجب أن تتصف بها المرحلة الانتقالية بما فيها حالة الطوارئ التى كانت مطلبا أساسيا -ولا تزال- من مطالب ثورة 25 يناير التى قامت من أجل الحرية والعدالة والكرامة.. واستطاعت أن تسقط رأس النظام وعصابته التى عاثت فى الأرض نهبا وفسادا وقهرا للمواطنين باستخدام الطوارئ والقوانين الاستثنائية.. وبالبلطجة السياسية وتزوير إرادة المواطنين. بل إن المستشار البشرى يعتبر أن حالة الطوارئ انتهت تماما وأن مصر بلا طوارئ الآن لأول مرة منذ ثلاثين عاما مستندا إلى المادة 59 من الإعلان الدستورى الذى صدر عن المجلس العسكرى الذى يدير شؤون البلاد والتى نصت على أنه فى جميع الأحوال لا يجوز أن تمتد حالة الطوارئ أكثر من 6 أشهر إلا بعد استفتاء شعبى، وحيث إنه تم إعلان نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 20 مارس الماضى وكانت حالة الطوارئ قائمة فإنها، أى حالة الطوارئ، تكون قد انتهت يوم 19 مارس بمرور 6 أشهر.. أى أن المستشار البشرى يحسب فترة الأشهر الستة بيوم إعلان نتيجة الاستفتاء لا من تاريخ الإعلان الدستورى ونشره فى الجريدة الرسمية. وهو أمر لا يفرق أكثر من 10 أيام حيث جرى الإعلان الدستورى يوم 30 مارس.. أى أنه وفقا لهذه الحسبة فإن فترة الطوارئ يبقى لها أيام.. وعلى كل فهو ليس بفرق كبير.. فالمحصلة النهائية أن حالة الطوارئ قد انتهت أو أوشكت على الانتهاء.. ولم يلجأ المجلس العسكرى إلى إجراء استفتاء شعبى أو حتى الإعلان عن ذلك حتى يمكن مد حالة الطوارئ فى نفس الوقت الذى يؤكد فيه المستشار البشرى، وهو كما ذكرت كان من أول المستشارين الذين استعان بهم المجلس العسكرى لوضع خريطة قانونية دستورية للمرحلة الانتقالية، أن المجلس العسكرى لا يملك سلطة مد حالة الطوارئ. الغريب أنه مع انتهاء العمل بقانون الطوارئ يدافع رئيس الحكومة عن استخدامه وتفعيله معللا ب«أنه من أجل حماية الثورة . لقد عانى الشعب من الانفلات الأمنى.. ومعاقبة رجال الشرطة لهم على أنهم قاموا بثورة من أجل الحرية والكرامة وضد سياسات الشرطة وقهرها المواطنين فى أقسام الشرطة والاحتجاز والمعتقلات وفى الشارع أيضا. وقد بُح صوتنا أن هناك قانونا للبلطجة فى قانون العقوبات وأن البلطجية ومسجلى الخطر معروفون ومعلومون بالاسم لرجال الشرطة.. لكنهم يريدون استمرارهم فى الشارع.. وهناك تعمد من بعضهم لمساعدتهم لإحداث فوضى فى الشارع وترويع المواطنين. ولم يستخدم المجلس العسكرى والحكومة أى إجراءات استثنائية فى محاكمة المجرمين من رموز النظام السابق الذين أجرموا فى حق الوطن ومواطنيه. ومن العيب الآن أن يأتى من يقول «تفعيل قانون الطوارئ من أجل حماية الثورة». فهل حموها من الفلول والفاسدين الذين ما زالوا يعبثون فى أمن هذا البلد بما يملكون من مال نهبوه فى ظل النظام السابق.. ونفوذ ما زالوا يتمتعون به لدى سلطات كثيرة ما زالت تشارك فى الإدارة والحكم رغم مشاركتهم مع النظام السابق فى الفساد والقهر؟ لم نعد نريد الالتفاف على الأمور الواضحة كما كان يفعل النظام السابق. فالآن مطلوب من المجلس العسكرى -دعوكم من الحكومة ورئيسها ووزير عدلها ووزير إعلامها- إصدار بيان واضح وصريح حتى على طريقة بياناته على «الفيسبوك» بأن العمل بالطوارئ قد انتهى.. دون رجعة.. ومن غير لف ودوران. ■ ■ وكما توقعت حدث اللف والدوران فبعد كتابة هذا المقال صدر بيان عن رئيس هيئة القضاء العسكرى ينهى فيه العمل بإنهاء الطوارئ ويكرر ما سبق وأن قاله اللواء ممدوح شاهين عن استمرار العمل به حتى يونيو 2012 وهو مخالف للإعلان الدستورى.. وهذا هو اللف والدوران.