في رد واضح ومباشر على التصريحات الروسية بشأن التعاون مع الولاياتالمتحدة في مكافحة "داعش" في سوريا، أعلن وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أن تعاون الولاياتالمتحدة مع الجانب الروسي، خلال الحملة العسكرية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا يقتصر على الرغبة في تجنب المواجهة فقط. وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أدلى بهذا التصريح عقب اجتماع لوزراء دفاع ٧ دول مشاركة في التحالف ضد "داعش" في باريس، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واستراليا وهولندا والولاياتالمتحدة. وقال آشتون إن "عملنا مع روسيا بشأن هذه المسألة تحديدا يتركز على كيفية تجنب حالات المواجهة في سوريا وليس لدينا أي أساس للتعاون على نطاق أوسع". وكان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، قد أكد قبيل هذا اللقاء على أن تنسيق التحالف العسكري الدولي مع روسيا في مكافحة "داعش"، أمر ممكن شريطة أن تكون أهداف الطرفين متوافقة. هذه التصريحات تأتي كرد مباشر على تحليلات وتأويلات يميل إليها محللون سوريون أو روس، وتقارير تخرج بين الحين والآخر من وسائل إعلام تابعة لنظام دمشق، أو مراكز موجودة في موسكو ترفع سقف التوقعات إلى مستوى التنسيق بين موسكووواشنطن لمحاربة داعش في سوريا. بل وتسعى هذه التقارير إلى تضليل الرأي العام بالتأكيد على أن كل شئ على ما يرام بين موسكووواشنطن بشأن مكافحة الإرهاب. في هذا السياق أيضا، وعقب مباحثاته مع نظيره الأمريكي جون كيري في مدينة زيورخ السويسرية، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن أمل بلاده بأن تبدأ المفاوضات السورية - السورية خلال الشهر الحالي. وقال لافروف إنه من المهم بدء العملية السياسية بأسرع وقت ممكن. وأشار إلى أنه اتفق مع كيري على أنه عند بدء هذه العملية سيصبح من الممكن الحديث عن وقف إطلاق النار. هذه التصريحات من الجانبين الروسي والأمريكي تظهر قبيل موعد اللقاء السوري – السوري في جنيف بخمسة أيام فقط. ما يشير إلى وجود صعوبات شديدة في إمكانية عقد هذا اللقاء المحاط بالعديد من العقبات، وخاصة في ما يتعلق بموضوع قوائم المنظمات الإرهابية. الوزير الروسي أشار خلال حديثه إلى أن هناك تواريخ مختلفة لبدء العملية إلا أن القرار الأخير يعود للأمين العام للأمم المتحدة اعتمادا على نصيحة وتوصية مبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا. وأضاف بأن العملية ستبدأ فقط، وبالطبع ستتطلب وقتا غير قليل. وأعرب لافروف عن استعداد روسيا لتنسيق إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا مع التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. ما اعتبره المراقبون خطوة من جانب روسيا لتسييس الملف السوري، ورسالة إلى الولاياتالمتحدة بإمكانية العمل معا. ولكن واشنطن لم ترد على ذلك المقترح الروسي. على الرغم من التصريحات الروسية المرنة بشأن آفاق التعاون مع الولاياتالمتحدة في إرساء حوار سوري – سوري، إلا أن موسكو متشددة للغاية بشأن قائمة المنظمات الإرهابية. فقد أشار الوزير الروسي في هذا السياق إلى أن روسيا قدمت معطيات تؤكد أن "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" منظمتان إرهابيتان. وشدد مجددا على أن روسيا لم تتخل عن مواقفها إزاء هاتين المنظمتين، "فالأولى مشهورة بأنها قصفت مرارا مناطق سكنية في دمشق والسفارة الروسية، فيما تعتبر "أحرار الشام" نسلا مباشرا للقاعدة". ولكن من جهة أخرى، أعلنت المعارضة السورية عن توصلها إلى اتفاق بشأن تشكيل وفدها لمفاوضات جنيف، ولكنها لن تشارك في حال دعي "طرف ثالث" إليها. وقال منسق الهيئة التفاوضية لقوى المعارضة السورية رياض حجاب، خلال مؤتمر صحفي في الرياض يوم ٢٠ يناير الحالي، إن المعارضة لن تشارك في مفاوضات جنيف في ٢٥ يناير إذا دعي أي "طرف ثالث". والخطير أن المعارضة أعلنت أن العميد أسعد الزعبي سيرأس الوفد المفاوض وأن جورج صبرا سيكون نائبا له، كما يضم الوفد ١٧ شخصا بينهم محمد علوش المسؤول السياسي في "جيش الإسلام". وقال الزعبي إن تعيين علوش "كبير المفاوضين" جاء ردا على موقف روسيا. هذا التصريح أثار غضب العديد من الأطراف الموالية للنظام السوري، وجعلها تقوم بتسريب أخبار مفادها أن لقاء ٢٥ يناير قد لا يعقد. وفي حال عقده فإنه سيواجه فشلا ذريعا. في هذا السياق أيضا، أكد الكرملين من جانبه على وجود "خلافات كبيرة" بين موسكووواشنطن بشأن وضع قائمتين بالمعارضة المعتدلة والمنظمات الإرهابية في سوريا. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف يبقى هناك مجال كبير للعمل حتى الآن، مشيرا إلى أن الجانبين يبذلان جهودا كبيرة للبحث عن حلول وسط. ما يعني بلغة الدبلوماسية الروسية أن هذه الخطوة تواجه صعوبات غير عادية، وقد لا يمكن حلها. وفي أحسن الأحوال، سيتم تركها جانبا للأطراف الإقليمية التي تستخدمها القوى الكبرى كأوراق ضغط من جهة، وأدوات لأي حرب ممكنة بالوكالة من جهة أخرى.