كتب الباحث إيفان كراستيف المتخصص في سياسة وثقافة أوروبا الوسطى والشرقية مقالا في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يتحدث فيه عن الأسباب التي قد تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للترحيب بالمرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، وتحدث في أيضا عن الفيلم الوثائقي الروسي الذي عرضه التليفزيون الرسمي أواخر العام الماضي والذي يوضح حسبما يعتقد كراستيف طبيعة تفكير الكرملين،وجاء فيه التالي: طرح الفيلم الوثائقي "نظام العالم" الذي بث في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر، على التليفزيون الروسي سؤالا حول ما إذا كانت هناك حرب عالمية قادمة وخلال مدة الفيلم التي تصل لساعتين يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من الدبلوماسيين والمحللين السياسيين الإجابة عن السؤال بالحديث عن المؤامرات الأجنبية. وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي يحاول مقاومة دق ناقوس الخطر فإن الجمهور على اقتناع أنه إذا لم يتغير شئ خلال الأشهر المقبلة فإن الحرب الكبرى ستكون وشيكة والكرملين لا يفعل شئ لتغيير رؤيتهم، وخلال الأيام التالية لبث الفيلم اتضحت الاستراتيجية الجديدة التي تركز على عرض تهديدات حلف شمال الأطلسي والولاياتالمتحدة لمستقبل روسيا. إن فيلم "نظام العالم" تعبير قوي عن عقل دولة الكرملين الحالية التي تنظر للعالم على أنه مكان على حافة الانهيار، حيث الفوضوية والخطورة والمؤسسات الدولية غير الفعالة رهينة طموحات الغرب والأوهام، ويتمثل الضمان الوحيد لسيادةالبلاد في الأسلحة النووية. ويركز الفيلم على قصف الناتو ليوغوسلافيا وحرب جورج بوش على العراق وسوء استخدام الغرب لحظر الطيران في ليبيا والتدخل الغربي في السياسة الداخلية لدول ما بعد الاتحا السوفيتي، يقدم كل ذلك لإثبات النقطة المركزية للفيلم وهي أن الغرب تخلى عن القيم والمبادئ ويهدف للسيطرة على العالم. بعض الاتهامات بلطبع لها وجاهة ما، فالولاياتالمتحدة مثلا تتحمل مسؤولية كبيرة عن الكوارث التي لحقت بالشرق الأوسط، لككن في الوقت نفسه هناك معلومات غير صحيحة فليست كل ثورة شعبية من صناعة المخابرات الأمريكية، فبعد كل شئ الولاياتالمتحدة ليست بالقوة ولا بالحقد الذي يفترضه الكرملين. التناقض الرئيسي في رأي موسكو في الولاياتالمتحدة هو إصرارها على أن الولاياتالمتحدة قوية للغاية وتقف خلف كل ما يحدث في العالم في الوقت نفسه الذي تتهمها بتدمير العالم، فهل فشت واشنطن في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط أم أن عدم الاستقرار هناك هو استراتيجيتها؟ الحقيقة أن موسكو ترى الأمرين في نفس الوقت. ويوضح هذا النوع من النظر للعالم باعتباره دراما عائلية قائمة على الحب والكراهية والخيانة بدلا من السياسة الواقعية معظم سياسات موسكو في السنوات الأخيرة. إن ميل بوتين، لترامب، له علاقة بتفضيل الكرملين التقليدي لجمهوريين، ولا يمكن أيضا تفسير ذلك إلا في ضوء حقيقة أخرى وهي أن النموذج الفيزيائي لبوتين بجسده وحمله البندقية يشبه إلى حد كبير النماذج المؤيدة لترامب في أمريكا، كما أن ترامب يرغب في جعل أمريكا مقسمة وسخيفة. هذا إضافة إلى أن كل من بوتين وترامب يعيشان في فقاعات تديرها العواطف بدلا من المصالح.