وسائل الإعلام الأمريكية في اطار فيلم الاثارة السياسي المشوق المعروض حاليا في صالات عرض انتخابات الرئاسة الامريكية بطولة المرشح الرئاسي الأميركي المثير للجدل دونالد ترامب ركزت في الايام الماضية عن الغزل السياسي المتبادل بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين; اللقطة الاولي في مؤتمر بوتين الصحفي السنوي المتلفز في موسكو بمناسبة نهاية العام. وصف ترامب بأنه رجل نشيط جدا وموهوب من دون شك. وقال إن ترامب يتحدث عن أنه يرغب في مستوي آخر من العلاقات الأوثق والأعمق مع روسيا, فكيف لا نرحب بذلك, اللقطة الثانية قبلها وصف ترامب الرئيس بوتين بانه قائد قوي وقائد متمكن.. وانه خلال السنوات الماضية احترمه الروس بوصفه قائدا..اعتقد ان شعبيته تصل الي80% في حين ان الرئيس باراك اوباما يحظي ب30 إلي40%.. وفي مناظرة بين المرشحين الجمهوريين تحدث ترامب صراحة عن دفء العلاقات الأمريكية الروسية مع بوتين. عديد التحليلات تسابقت في الادلاء بدلوها عن سر الاعجاب المتبادل بين الرجلين. بداية ما يجمعهما هو غضبهما المتبادل للرئيس باراك أوباما. فالعلاقة بين القيصر الروسي وسيد البيت الابيض اصابها صدع كبير بعد فشل مراهنة اوباما علي استراتيجيته تجاه روسيا المعروفة باعادة ضبط العلاقات مع روسيا كما اظهر ذلك في عدد من الملفات الخلافية مع اوباما مثل موقفه من اوكرانيا وضم القرم موقفه من القضية السورية ومثل اعلانه أنه لا يجوز السماح بخرق توازن منظومة الردع الاستراتيجي في العالم فكان رد الفعل الغاضب من اوباما وصل الي درجة وصف نظيره الروسي كطفل غير مبال يجلس في آخر الحجرة الدراسية. وهناك من يري ان ذلك الإعجاب عن بعد بين بوتين وترامب لا يشكل مفاجأة علي الإطلاق, لأن ترامب سعي إلي إظهار الصرامة من خلال حملته الانتخابية, وكذلك بوتين الخبير في لعب رياضة الجودو, والذي يظهر ممتطيا الجواد من دون قميص, يبدي صورة مماثلة علي طريقته الخاصة. وترامب المتمرد علي الممارسات المعتادة للنخبة الامريكية التي لديها مشكلة مع الرئيس بل أن أحدهم, طرح سؤالا هو: ألا يبدو ترامب مثل بوتين أمريكي؟ بعد إن قارن صاحبنا بين صفات الرجلين, كما يراها, ومنها النرجسية, وتفضيل فرع تنفيذي قوي في الحكومة, والشغف بافتراس الآخرين, والخوف المرضي من الإصابة بالجراثيم. والواقع ان بوتين شخصية مختلفة; فعلي النقيض من الصور التي يظهر فيها عاري الصدر, مفتول العضلات, وهو يمارس ألوانا من الرياضات والمغامرات, لا يعتبر بوتين بحال من الأحوال رجل مظاهر, وإنما هو بيروقراطي محترف, ذو جوهر صلب يليق برجل كي جي بي السابق. وبوتين ليس رجل صفقات مثل ترامب, لأنه لم يكن أبدا رجل أعمال في أي مرحلة من حياته, وإنما هو رجل دولة بمعني الكلمة.. المحللون الامريكيون يحذرون ترامب وغيره لانه بتعبيرهم قد يصدق ترامب- إذا ما أصبح رئيسا- ولبعض الوقت أنه وبوتين سيتوافقان سويا ويمضيان معا بشكل جيد. والرئيس بوش الابن الذي قال ذات مرة إنه تمكن من النفاذ إليروح بوتين, كان يعتقد ذلك أيضا. لكن ما سيحدث في نهاية المطاف أن ترامب, شأنه في ذلك شأن بوش من قبله, سيدرك أنه كان ضحية لبوتين. لكن الثابت عندي ان الروس وبوتين بالذات يفضل في البيت الابيض رئيسا جمهوريا لانهم لا يراوغون ولا يصدعونه بشعارات تتشدق بالقيم الديمقراطية. خبير في الشئون السياسية والإستراتيجية