ما أن جذبت حركة «تمرد» الأنظار، حتى وجهت إليها جماعات الإسلام السياسى سيلًا من الاتهامات والتهديدات، حركة «تمرد» وهى فكرة شبابية مصرية خالصة، صاغت بيانًا عاميًّا مقتضبًا يشرح مبررات ما تدعو له الحركة من سحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، جاء فى البيان «علشان الأمن لسه مارجعش للشارع.. مش عايزينك، علشان الفقير لسه مالوش مكان.. مش عايزينك، علشان لسه بنشحت من بره.. مش عايزينك، علشان حق الشهدا ماجاش.. مش عايزينك». وجاء فى استمارة التوقيع «أُعلن أنا الموقّع أدناه بكامل إرادتى وبصفتى عضوًا فى الجمعية العمومية للشعب المصرى، سحب الثقة من رئيس الجمهورية الدكتور محمد محمد مرسى عيسى العياط، وأدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأتعهد بالتمسّك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها ونشر حملة تمرد بين صفوف الجماهير، حتى نستطيع معًا تحقيق مجتمع الكرامة والعدل والحرية». وبعد ذلك تتم كتابة البيانات الشخصية، الاسم، الرقم القومى، المحافظة، ثم التوقيع. فكرة بسيطة للغاية نتاج إبداع شباب مصرى فى وقت عجزت فيه القوى والأحزاب السياسية عن تقديم فكرة جديدة، الجديد كان التحاق الأحزاب السياسية والحركات المختلفة بالفكرة دون أن يحاول أى منها ركوب الحركة أو ادعاء الوقوف وراءها، فقررت أحزاب جبهة الإنقاذ فتح مقراتها لتسليم وتسلّم أوراق الحملة، وهناك أحزاب مثل «الديمقراطى الاجتماعى» قررت المساهمة بنسخ أوراق التوقيع. الفكرة بسيطة ومبدعة، والإبداع يكمن فى البساطة، لذلك تحوّلت سريعًا إلى حالة لدى المصريين، ونجحت فى الوصول إلى أعماق الريف المصرى، بل إنها اقتحمت معاقل تأييد تيار الإسلام السياسى فى ريف صعيد مصر، فالفلاحون فى قرى صعيد مصر، والذين منحوا أصواتهم للجماعة ومرسى رحّبوا ب«تمرد» وبادروا بتوقيع استماراتها. بات «التمرد» حالة مصرية، فأينما حللت تجد حولك فرقًا متطوعة من شباب المصريين، تعرض عليك استمارة الحركة لتوقيعها. نعلم أن التوقيع أمر سهل للغاية، يكفى أن تكون غاضبًا من نظام الجماعة بسبب الانفلات الأمنى أو انقطاع التيار الكهربائى أو تكون محبطًا من تراجع السياحة وتقلّص فرص العمل، من البقاء بالمنزل فترة طويلة دون عمل، يكفى أن تكون كذلك كى تبادر بتوقيع استمارة الحركة بسحب الثقة من محمد مرسى، لكن ذلك ليس كافيًا، الحركة لا تجمع التوقيعات كى تحصيها وتفاخر بالملايين الذين وقّعوا على استمارة سحب الثقة، بل الأكثر أهمية هو تلبية دعوة الحركة للنزول فى الميادين ليلة الثلاثين من يونيو القادم، عندما تحل الذكرى السنوية الأولى لتولّى مرسى، تعتصم وتبقى فى الميادين وحول قصر الاتحادية، اعتصامًا رمزيًّا دون عنف ودون قذف للحجارة أو زجاجات المولوتوف، اعتصامًا سلميًّا حضاريًّا لا ينفض إلا بعد تنحّى مرسى والإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة، نعلم أن تيار الإسلام السياسى يفكّر فى الرد على الحركة بشتى الطرق، حاول تشويهها، وتقليدها عبر ما أطلق عليه حركة «تجرد» على غرار جبهة الضمير فى مواجهة جبهة الإنقاذ، استهان بمَن لهم سابق خبرة فى إطلاق التهديدات وارتكاب جرائم عنف بحق المصريين كى يهدد ويتوعّد، وهناك مَن ذهب إلى القول إنها فكرة صهيونية فى الأصل تقف إسرائيل وراءها. المؤكد أن الفكرة أصابت النظام ورفاقه بالفزع، ومع اتساع نطاق التوقيع للحركة ازداد غضب الجماعة ورفاقها وكل ذلك يؤشّر بوضوح إلى نجاح الجزء الأول من حملة «تمرد»، وهو الحصول على توقيعات ملايين المصريين، ففى تقديرى الحركة سوف تجمع ما يزيد على العشرين مليونًا، بقى بعد ذلك معرفة الجزء الثانى والأهم من الحملة وهو نزول الميادين فى محافظات مصر المختلفة فى ذكرى تولى مرسى رئاسة مصر، ليلة الثلاثين من يونيو القادم، النزول الجماعى، الالتزام بالاعتصام السلمى، كشف كل مَن يحاول تخريب الاعتصام أو دفعه إلى العنف، ملاحقة كل مَن يحاول الخروج على سلمية الاعتصام، خدمة لمخطط متوقع من الجماعة، لذلك أحسب أنه من المهم جدًّا لشباب «تمرد» تجهيز مجموعات مكلّفة بتأمين الاعتصامات والحفاظ على سلميتها، وفى نفس الوقت كشف وتوقيف المندسّين فى صفوف الاعتصامات والساعين إلى استخدام العنف لإيجاد مبرر لقوات الأمن المركزى، كى تعتدى على المعتصمين وتسعى إلى فض الاعتصام بالقوة.