4 اعتداءات على المقر البابوى فى التاريخ الإسلامى.. أحدهما فى العصر المملوكى وثلاثة بعد ثورة 25 يناير مغالطات عديدة وردت فى حوار البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، حين صرّح لقناة "سكاى نيوز" فى احتفالات عيد القيامة المجيد بأن حادث ماسبيرو كان خُدعة من جماعة الإخوان المسلمين للشباب المسيحى، استدرجوهم من خلاله لمواجهة مع الجيش ثم تركوهم، فضلا عن تصريحاته الأخرى التى أكد فيها أنه تم الاعتداء على المقر البابوى لأول مرة فى التاريخ الإسلامى فى عهد جماعة الإخوان المسلمين. أول واقعة لإحراق الكنائس المصرية فى العصر المملوكى واقعة الاعتداء على الكاتدرائية وحرق الكنائس المصرية لم تكن حديثة عهد بالجماعة المحظورة، فحسب كما يردد البابا تواضروس الثانى، بل سبقها بآلاف السنين وقائع أخرى دامية لا تقل سوءًا عن واقعة 7 أبريل 2013، ففى أول كتبه الصادرة عام 1982 تحت عنوان "السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة" أورد الباحث والمفكر المثير للجدل الدكتور أحمد صبحى منصور ضمن أبواب الكتاب عن مؤامرة الشيوخ الأحمدية وإحراقهم الكنائس المصرية فى وقت واحد وبنفس الطريقة من الإسكندرية لأسوان عدا الكنيسة المعلقة فى حى مصر القديمة، وذلك خلال عام 721 هجرية عبر تنظيم شيعى تقودة حركة "أحمد البدوى" السرية المستترة بالتصوف الإسلامى بعد فشلها فى قلب نظام الحكم المملوكى القائم آنذاك، لإقامة دولة شيعية تمهد لعودة الدولة الفاطمية من جديد. واقتنع السلطان المملوكى الناصر محمد بن قلاوون برأى العلماء ألا يفعل شيئا ضد أحد لأنه لا يوجد مخلوق قادر على فعل ذلك فى نفس الوقت وبالطريقة ذاتها، لأنها إرادة الله التى لا يقف فى وجهها انسان، إلا أن الأقباط لم يقتنعوا برأى العلماء وصمموا على الانتقام وأحرقوا عددًا من المساجد فى نواح مختلفة، وهو ما وضعهم فى شبهة الاتهام وعرضهم للتعذيب والتنكيل بهم والاضطهاد حتى تدخل ملك الحبشة الذى كان يعتبر نفسه مسئولا عن الأقباط المصريين بالوساطة لدى السلطان المملوكى. 3 محاولات اقتحام للمقر البابوى فى 3 سنوات خلال العصر الحديث وقعت محاولتان لاقتحام الكاتدرائية المرقسية ومحاولة واحدة للاعتداء المباشر عليها بالإحراق وإشعال النيران فيها وإطلاق زجاجات المولوتوف داخل المقر البابوى، "التحرير" ترصد أبرز تلك المحطات التى تشعل نيران الطائفية فى الجسد المصرى، بما يعكس عدم صحة تصريحات البابا بخصوص أنها المرة الأولى التى يحدث فيها اعتداء على الكاتدرائية، ففى عهد الرئيس أنور السادات وبرغم كل ما شهده الشارع السياسى من تقلبات وبلوغ جماعات الإسلام السياسى المتطرفة إلى قمة عنفوانها لم تحدث اعتداءات مباشرة على المقر البابوى وسط سلسلة الاعتداءات والتفجيرات التى وقعت على بعد أمتار قليلة من الكاتدرائية فى أحداث الزاوية الحمراء الشهيرة. وخلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تصاعدت موجة الاختفاء القسرى المفاجئ لعدد من القبطيات اللاتى أشهرن إسلامهن، وعلى رأسهن وفاء قسطنطين، زوجة راعى كنيسة أبو المطامير بالبحيرة، وكاميليا شحاتة، زوجة كاهن دير مواس بالمنيا وسلوى عطا وسط صيحات غضب واحتجاجات واعتصامات من قبل السلفيين بعد دعوات ما يُسمى بائتلاف دعم المسلمين الجُدد أنصاره للاعتصام فى محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عقب ثورة 25 يناير، وتحديدا بعد كل صلاة جمعة خلال النصف الأول من عام 2011 وسط تهديدات من مشايخهم بالتصعيد، باقتحام المقر البابوى فى العباسية بعد خروج تظاهرات الآلاف من السلفيين واعتصام أكثر من 500 سلفى على باب الكاتدرائية يقودهم الشيخ مفتاح محمد فاضل الشهير بأبى يحيى مفجر قضية كاميليا زاخر، زوجة كاهن دير مواس التى أعلنت إسلامها واختفت تماما، حتى تدخل أحد مشايخ الدعوة السلفية بالوساطة لدى اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية وعضو المجلس العسكرى الحاكم حينذاك لحل الأزمة فى مدة أقصاها 15 يومًا لعودة كل من اختاروا عقيدتهم بكامل إرادتهم . الواقعة الثانية الأبرز فى تاريخ المواجهات بين المسلمين والأقباط والاعتداء المباشر على المقر البابوى كانت فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى وتحديدا يوم السابع من أبريل لعام 2013 والذى سبقه بيوم حادث التعدى على كنيسة الخصوص بعد مقتل أحد المسلمين فى شجار عنيف بين الطرفين أسفر بعد ذلك عن مصرع 6 أقباط آخرين خلال الاشتباكات الدامية الجارية بين أهالى الشاب المسلم والأسر المسيحية الست. وهو ما زاد من إشعال نيران الطائفية التى كانت خامدة تحت الرُكام لتتحول جنازة تشييع جثمان شباب الأقباط فى محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية إلى ساحة معركة دامية بين البلطجية، الذين هاجموا المشيعين، واعتلوا أسطح المنازل المجاورة، وهم يطلقون الخرطوش والرصاص الحى على الأقباط فى غياب شبه تام للأمن مع بداية الأحداث. شهر واحد يفصل بين الواقعة الثانية للاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والمحاولة الثالثة للتهديد باقتحامها من قبل العشرات من أهالى قرية ميت نما بالقيوبية نتيجة عدم استقبال البابا تواضروس الثانى لهم بعد عظته الأسبوعية والاستماع إلى شكواهم ببناء كنيسة لهم فى قريتهم التى تضم أكثر من 1000 أسرة قبطية وهدد المتظاهرون أمام المقر البابوى فى حالة عدم استجابة البابا لهم بالاعتصام أمام الكاتدرائية بعد تعنت الأمن ضدهم. من قتل أقباط ماسبيرو؟ "إن الله لا يسكن فى هياكل مصنوعة من الأيادى".. هكذا يرتل الأقباط عند كل صلاة إلى الرب وفى كل عظة أسبوعية من آيات العهد الجديد من الإصحاح 17 فى سفر أعمال الرسل حول قدسية الإنسان الذى يتعبد إلى الله ورح القدس المعظمة من خلف تلك الأحجار وعظمة تلك الروح التى تم إزهاق 28 منهم برصاص حي، والدهس تحت سيارات عسكرية وإصابة 321 أخرين من المدنيين والعسكريين، فى أحداث ماسبيرو يوم 9 أكتوبر2011 برصاص ومدرعات الجيش المصرى أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون كما دوِّن على صدر اللوحة التذكارية لشهداء التظاهرة السلمية التى تعرض لها عدد من الأقباط المحتجين على هدم الكنائس ووقف بناء أخرى جديدة، على خلفية أحداث الماريناب بأسوان ومنعهم من بناء دار عبادة لهم هناك وفض اعتصامهم بالقوة من قبل قوات الشرطة العسكرية. وعلى خلاف ما ذكره البابا تواضروس الثانى فى حديثه بأن الإخوان وراء مذبحة ماسبيرو عبر خداع الأقباط بالدخول فى مواجهة مع قوات الجيش المرابطة أمام مبنى التلفزيون ثم الانسحاب من المعركة، فإن الروايات الثلاث الواردة فى تلك الواقعة تؤكد أن مسيرة من آلاف المسيحيين والمسلمين وصلت إلى مبنى التلفزيون قادمة من منطقة شبرا ضد هدم الكنائس، فردت عليهم قوات الشرطة العسكرية المتمركزة فى محيط ماسبيرو بإطلاق أعيرة نارية، بينما تقول الرواية الثانية أن المتظاهرين بدأوا بإطلاق زجاجات المولوتوف على قوات الجيش والشرطة، ورواية أخيرة تتهم جنود الأمن المركزى بالتعدى على المتظاهرين، الأمر الذى دفعهم للرد على تلك الاعتداءات. والمجلس العسكرى: واقعة دهس مدرعات الجيش للأقباط ليست ممنهجة فى حين أعلن المجلس العسكرى فى مؤتمر صحفى حينذاك أن عملية الدهس التى حدثت من مدرعات الجيش لبعض المتظاهرين لم تكن ممنهجة، وأن هناك طرفًا ثالثًا استغل الأزمة واشتعال الأحداث واندسّ بعض المدنيين بين المتظاهرين السلميين واختلطوا بالمظاهرة بدراجات بخارية "موتوسيكلات" فى الاتجاه المعاكس لماسبيرو وبدأوا بإطلاق النار على المتظاهرين وأفراد الشرطة العسكرية على حد سواء، طبقًا لما جاء فى تقرير تقصى الحقائق بشأن أحداث ماسبيرو بعد إطلاق الشرطة العسكرية لرصاص "فشنك" فى الهواء لتفريق المتظاهرين وفض تجمهرهم أمام مبنى التلفزيون، بينما أفادت شهادات أخرى أن الذخيرة الحية كان مصدرها من الشرطة العسكرية . وبخصوص واقعة دهس المتظاهرين الأقباط فى محيط ماسبيرو التى لم يشير إليها البابا فى حديثه من قريب أو بعيد أورد التقرير أنه نتيجة السرعة الشديدة التى كانت تسير بها مدرعتى الجيش قامتا بدهس عدد من المتظاهرين ليسقط 12 من القتلى، بالإضافة إلى حوالى خمسة من الجرحى بإصابات بالغة لفض التجمع ومنع المتظاهرين من التقدم للمنطقة المحيطة بمبنى الإذاعة والتلفزيون فى وسط القاهرة.