هذه صفحة من ملف وورد قديم على لاب توب رجل أربعينى هارب من جحيم الدواعش تم فتحه بمعرفة السلطات على حدود بلد متاخمة لقرية عربية رفعت لواء الدولة الإسلامية. أنا المواطن العربى شريف العساس. رجل محترم ويقظ الضمير لا يعجبنى الحال المائل. حصلت على دبلوم معهد فنى صناعى بعد صراع مرير مع التعليم، الذى لم أكمله إلا لزوم الوجاهة الاجتماعية فقط. أدير ورشة نجارة تركها لى أبى. عندى أخت وحيدة أمنحها مبلغًا شهريًّا ثابتًا لأجنبها وجع الدماغ ومتاعب الإدارة والخسارة. لكن زوجها المحاسب النطع النتن لا يتوقف عن الزن على أذنيها لكى أمنحها نصيبها الشرعى أو أسمح له بمراجعة حسابات الورشة التى أفنى أبى عمره فى تأسيسها، ويوغر صدرها ضدى كأونطجى قادم من المجهول يستطيب الحياة فى حضن امرأة غبية يأكل لحم أكتاف أخيها على الطبطاب. أعشق الاستقرار وأكره الربيع العربى وأصحاب دكاكين حقوق الإنسان وأعتبرهم أعداء للقيم الإسلاميةن لأنهم يشجعون المرأة على خلع الحجاب والخروج عن طاعة زوجها وأبيها، ويزينون للشباب ممارسة الفجور والمثلية الجنسية. أتمنى عودة الأحوال إلى قديمها، ولا أطيق من يسمونهم نشطاء السبوبة لأنهم فى حقيقة الأمر خاملون وانتهازيون لا حرفة لهم سوى الانتقاد الدائم، ومحاولة تكسير مجاديف القائد الزاهد فى السلطة، الذى ألقت به السماء فى طريقنا ليتصدى لحمل الأمانة والمسؤولية التى تنوء بحملها الجبال. يفعلون هذا بدلاً من اقتراح الحلول لمساعدة زعيمنا الشهم الذى يكابد وحده عبء تسيير أمور الوطن ويصل الليل بالنهار بلا نوم ليخرجنا من عنق الزجاجة بحكمته، ويجنبنا مصير البلاد التى تفككت وانهارت من حولنا. أسكن فى شقة متواضعة بعمارة لؤلؤة الفضيلة على ناصية شارع مجد العروبة. أحب فاندام وأعشق أفلام الأكشن بكل أنواعها وأتمايل طربًا على أنغام أغنيات الزمن الجميل، وأتابع الفضائيات المصرية بالذات لأستمتع بتحليلات بكرى وعكاشة وموسى وعبد الرحيم، وأشعر بالانتشاء والفخر عندما يوجه مرتضى منصور سبابه إلى أمهات الخونة الكلاب أنصاف الرجال الذين يقبضون بالدولار لتنفيذ مؤامرات الحلف الصهيوصليبى الذى يهدف إلى خراب بلادنا الإسلامية. أكره أعداء الوطن وأكتب التقارير عن الجيران والأهل والأصدقاء لأرسلها للساهرين على أمن البلاد والعباد، لاتخاذ ما يلزم فى هذه المرحلة الحرجة التى يمر بها وطننا العربى الكبير. بالأمس سمعت زميلات ابنتى يتهامسن ويتندرن على الزعيم فلم أتركها إلا بعد أن أقسمت أمامى على المصحف بأنها ستبتعد عن أمثالهن. أعرف أنهن صغيرات ولكن لا شك أنهن ينقلن ما يتناهى إلى أسماعهن فى بيوتهن وهذه جريمة يتحمل وزرها الآباء والأمهات. فى كل مساء بعد عودتى إلى البيت أدخل على حسابى الذى سجلته على فيسبوك باسم مستعار هو "فاندام قاهر الصراصير" لأقوم بدورى الوطنى فى الرد بكل ما أوتيت من قدرة على سب الخونة المأجورين أولاد الكلب الذين يريدون هدم الوطن. لا يهمنى أن أجهد عقلى لكى أفضح منطقهم الأعوج بالحجج والبراهين، فتكفينى الردود الجاهزة الرائعة التى أجدها على جروب "آسفون يا رئيسنا العظيم". يتحدث الخونة عن الديمقراطية، فأرد عليهم قائلاً: كيف تريدون لشعب جاهل أن يجيد الاختيار يا بهائم؟ يتصيدون الأخطاء للزعيم، فأرد: ولماذا تعمى عيونكم عن إنجازاته التى تملأ المجلدات؟ يملؤون الصفحات صراخاً عندما تخرج نائبة برلمانية محترمة تطالب بمنع مجانية التعليم باعتبارها أصل البلاء، فأخرسهم قائلاً: أولم يقل رسولنا الكريم لا تعلموا أولاد السفلة العلم؟ يتباكون على المجرمين والمخربين الذين يقضون نحبهم فى السجون جزاء جرائمهم، فأقول: ولماذا تبخلون بدموعكم على شهداء الجيش الذى يحميكم؟ يردون: ولماذا لا يستشهد أبناء القادة كأبناء البسطاء الذين يليق بهم الموت دفاعًا عن الوطن ولكنهم لا يليقون اجتماعيًّا بالوظائف التى يلتحق بها أبناء الأكابر؟ هل رأيتم كيف يعترضون على كلمات الله التى تقول: "ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات"؟ بصراحة لا يغيظنى فى كل فضاء الفيسبوك أكثر من أولئك الرقعاء الذين يصدعون رؤوسنا بالحديث عن التعذيب فى أقسام الشرطة كأنهم يريدون تدليل المجرمين؟ هل أحكى لأولئك الأغبياء عن صبى النجار اللص الذى كان يسرق الغراء من المخزن ولم يعترف إلا بعد أن وضع الأسطى أصبعه فى المنجلة وأقفلها عليه؟ نحن دائمًا نتفلسف ونكره أن نعطى العيش لخبازه. أما الشيوعيون العلمانيون الكفرة الذين يتمنظرون علينا بمصطلحات تافهة مثل الفاشية وحرية العقيدة وعجز الموازنة وسوء توزيع عوائد التنمية والمثقف العضوى، فلا تنفع معهم إلا الوقاحة وقلة الأدب. تقول لهم إن بشار يتصدى بشجاعة لإجرام وتطرف الدواعش الذين يسيئون للإسلام، فيقولون إن حكم بشار وأبيه الديكتاتور هو الذى خلق التطرف. لم يفهموا إلى الآن حتى بعد خراب سوريا والعراق وليبيا أن بلادنا لا ينفع معها سوى الزعماء ذوى الخلفية العسكرية. كتبت هذا مرة فتندروا بوساخة على خلفية الزعيم فأتحفتهم بوابل من السباب توقفوا بعده عن تعليقاتهم القذرة. لن أطيل عليكم فغدًا إجازة الورشة والليلة أبهة ومنجهة وحبة زرقاء أتمنى أن تعيد لى أمجادى القديمة. تنتهى صفحات ملف الوورد القديم ويحصل المواطن الهارب من جحيم الدواعش على تصريح الدخول، لكن لا أحد يعرف هل سيغلق حسابه على فيسبوك، أم أنه سيستمر فى محاربة الصراصير، لأنه ما زال يثق فى الزعيم ويعتقد أنهم سبب خراب الديار؟